إيران في مؤتمر هرتسليا: استبعاد إسقاط النظام من الخارج

10 مايو 2018
من أعمال مؤتمر هرتسليا (تويتر)
+ الخط -
فرض الملف الإيراني وقرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي نفسه على جدول أعمال المؤتمر الثامن عشر للمناعة القومية والمعروف باسم مؤتمر هرتسليا، ذلك أن قرار ترامب تلا انطلاق المؤتمر السنوي ببضع ساعات. وهيمن قرار ترامب والملف الإيراني عموماً على كل شيء في المؤتمر، بدءاً من مداخلات وزير التعليم، نفتالي بينت، الذي يروج أخيراً لعقيدة وجوب ضرب رأس الأخطبوط في إيران وعدم إهدار الطاقات الإسرائيلية واستنزافها في مواجهة داخل الأرض السورية وفي لبنان مع أذرع إيران التي توشك أن تتمركز أيضاً في الجولان، مروراً باعتبار وزير الأمن الأسبق، موشيه آرنس، أن إيران تشكل الخطر الوجودي الوحيد على إسرائيل وقدرتها على إبقاء كافة مدن وبلدات إسرائيل مكشوفة أمام ترسانتها الصاروخية، وصولاً إلى مداخلة رئيس المؤتمر الجنرال احتياط عاموس جلعاد السوداوية، من وجهة نظره، بشأن تداعيات إلغاء الرئيس ترامب للاتفاق النووي مع إيران.
وجاء الكشف عن القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق بعد ساعة واحدة من مداخلة جلعاد، مساء الثلاثاء، والتي قال فيها إن إلغاء الاتفاق يعني إبقاء إسرائيل وحيدة في مواجهة إيران على مسار صدام حتمي لا يمكن تفاديه في نهاية المطاف.




واستهل اليوم الثاني للمؤتمر، أمس الأربعاء، أعماله بجلسة حول احتمالات الصدام العسكري بين إيران وإسرائيل، غداة قصف إسرائيل لموقع إيراني في الكسوة، جنوبي دمشق، مساء الثلاثاء، قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه استهدف صواريخ كانت إيران نصبتها في الموقع ووجهتها لضرب إسرائيل ضمن الرد الإيراني المرتقب على قصف الطيران الحربي للاحتلال لقاعدة تيفور في إبريل/ نيسان الماضي.
لكن الجلسة التي شارك فيها على نحو بارز المسؤول الأميركي السابق في إدارة جورج بوش الابن، إليوت أبرامز، إلى جانب عاموس جلعاد والباحثة في معهد أبحاث الأمن القومي سيم شاين، وهي نائبة وكيلة وزارة الشؤون الاستخباراتية سابقاً، عرّجت أيضاً على احتمالات الوصول إلى تسوية سياسية وحل سلمي لإشكالية، إذا شئنا التعبير، الوجود العسكري الإيراني في سورية.
وكانت المفاجأة في هذا السياق في موافقة أبرامز لشاين بأنه في نهاية المطاف لن يكون هناك مفر من الوصول إلى حل سياسي لهذا الوجود. وأبدت شاين موقفاً قاطعاً بأنه لا مجال لحل آخر وأن الحل العسكري لن يفضي إلى حل المشاكل المترتبة على النزاع بين إيران إسرائيل، لا سيما في ظل خروج الولايات المتحدة من المنطقة وانسحابها من سورية لتترك المساحة أمام روسيا. وبحسب شاين، فإنه يمكن التوصل إلى حل سياسي لهذا الملف من خلال التوصل لصيغة تفاهم حول حجم القوات الإيرانية ونوعيتها في سورية، وأيضاً بشأن المنطقة الجغرافية التي يمكن لإسرائيل احتمال تواجدها فيها، مع الأخذ بالاعتبار حجم التأثير الروسي الممكن على إيران، خصوصاً أنه من المتوقع أن يكون هذا التأثير غير كبير، لأن الوجود الروسي في سورية يعتمد بالأساس على الفوائد المتحصلة من الوجود العسكري الإيراني على الأرض وفي الميدان.
والتقط أبرامز الخيط من حيث توقفت شاين، قائلاً إن الحل لا بد أن يكون سياسياً، ولكنه سيعكس، أو هكذا يفترض فيه، أن يعكس ميزان القوى على الأرض في سورية وارتباط ذلك بموازين القوى الإقليمية في المنطقة، خصوصاً أن إيران تعكف في العقد الأخير على بسط هيمنتها ولا تجد في مواجهتها حالياً سوى السعودية وإسرائيل.
وبحسب أبرامز، فإنه في سياق التوصل لمثل هذه التسوية ينبغي التساؤل هل هناك سياسة أميركية جديدة تقول بوجوب صد الهيمنة الإيرانية في المنطقة أم لا، وما هي حدود سياسة ترامب، وإلى أي حد يشمل هذا الحل مسألة بقاء النظام، ومن على رأسه، أي بشار الأسد. ولفت أبرامز إلى أن بقاء الأسد الشخص ليس حيوياً لروسيا لكنه حيوي لكل من إيران وحزب الله، وبالتالي فإن تحقيق غاية رحيل الأسد لن تتم بالمفاوضات بل بصدّ إيران على الأرض.
ووفقاً لأبرامز، فإن الأسد لم يعد صاحب الكلمة بل هو دمية تحركها إيران وحزب الله، مع ذلك فإن بقاءه على رأس النظام يمكن أن يكون ورقة في يد إسرائيل تلوح بها ويمكنها أن تهدد دائماً بإسقاطه وهذا ليس في صالح المصالح الإيرانية.
مقابل هذه الرؤيا التي قدمها كل من أبرامز وشاين، أصرّ رئيس مؤتمر هرتسليا عاموس جلعاد على أنه بما أن إيران مصممة على البقاء في سورية مقابل تمسك إسرائيل برفض هذا الوجود، فإن ذلك يعني أن الطرفين يسيران على مسار يفضي إلى صدام عسكري بينهما.

وكرر جلعاد مقولته إن الخروج الأميركي من سورية يتيح المجال أمام إيران وروسيا للتغلغل لتعبئة الفراغ، معتبراً أن حرب الولايات المتحدة ضد داعش على الأرض السورية تخدم إيران استراتيجياً وتعزز من قدرتها على التحكم بسورية.
وأجمع المشاركون في الجلسة على أن الرهان على تغيير النظام الإيراني من الخارج، في سياق تعزيز العقوبات الأميركية على إيران، هو رهان خاسر، لأن مثل هذا الأمر لن يتحقق. وبرأي شاين، فإن مثل هذه المحاولات ستزيد من اللحمة الداخلية في إيران بالرغم من وجود معارضة للنظام الإيراني الحالي، لأن الشعب الإيراني فخور ويملك عزة وكرامة تجعله يرفض سيناريوهات إسقاط النظام من الخارج.
وفي السياق، اعتبر المنسق السابق للرقابة على سلاح الدمار الشامل في البيت الأبيض، غاري سيمور، أن مثل هذه الرهانات لن يكون لها أمل، مشيراً إلى أن الإيرانيين كانوا قبل الاتفاق وسيكونون الآن أيضاً حذرين جداً في كل ما يتعلق بمشروعهم النووي، وهم لن يسارعوا إلى العودة لنشاطهم السابق حتى لا يعطوا ذريعة لا لرئيس الولايات المتحدة ولا لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ليتم استخدامها ضدهم. واعتبر أن سلاح المقاطعة ضد إيران لن يؤدي إلى إسقاط النظام أو تغييره.
ووفقاً لسيمور، فإن الخاسر من قرار ترامب هو جناح الرئيس الإيراني حسن روحاني، مقابل تعزيز قوة المتشددين في إيران بما في ذلك الحرس الثوري.
أما أبرامز، فاعتبر أن استخدام سلاح العقوبات لن يؤدي إلى نتائج أو يجعل إيران ترضخ لهذه العقوبات، فحتى لو دخلت في دائرة مفاوضات جديدة لكن هذه العملية لن تنجح. وبحسبه، فقد ينهار النظام خلال عام، وقد يبقى لعشرين عاماً أخرى.