منذ أن فتح روحاني النقاش النووي بضوء أخضر من السلطات الإيرانية العليا قبل سنوات، حاول الفصل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مراراً، فاستند إلى رغبة أوروبا في أن تنال حصصاً كبرى من الكعكة الاقتصادية والتجارية الإيرانية التي ظلّت بعيدة المنال منها في سنوات الحظر، ما جعل روسيا والصين تحظيان بنصيب أكبر منها. كما راهن وغيره من الساسة على أن يصل الحوار النووي إلى النتيجة الأهم، ألا وهي إنهاء مرحلة شيطنة إيران وعزلها دولياً، وهو ما حصل بفضل سلوك الرئيس الأميركي.
وتتزامن زيارة روحاني اليوم مع انتقادات دولية كثيرة لترامب لا تتعلّق بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وحسب، بل تتعداها إلى قضايا كثيرة، منها ما يعني أوروبا نفسها، وتدرك إيران أهمية هذه المسألة حالياً. وتأتي جولة الرئيس الإيراني الأوروبية هذه بناءً على دعوة من مسؤولي كلا البلدين، النمسا وسويسرا، وفقاً لما أعلنت الخارجية الإيرانية سابقاً. لكنّ الأهم أنّ وصوله إلى هناك يتزامن مع اقتراب موعد تسليم حزمة المقترحات الأوروبية التي طلبتها طهران لتوافق على البقاء في الاتفاق أو تغادره، بعد انسحاب ترامب منه. وصحيح أن الاتحاد الأوروبي لا يريد أن تذهب جهود سنوات مضنية من التفاوض هباءً وهو الذي قيّد بالنتيجة نشاط طهران النووي، لكن تعويل إيران عليه في المقابل أكبر بكثير من الأمل الأوروبي خلال هذه المرحلة.
لا تمانع طهران في ما يتعلّق بمسألة استمرار القيود النووية، إذ إنها ترنو بالأساس إلى علاقات اقتصادية تفكّ الخناق عنها قليلاً وتحسّن الظروف المعيشية ومؤشرات الاقتصاد والتي تدهورت كثيراً منذ الانسحاب الأميركي. ويعوّل روحاني خلال هذه الزيارة على مسألة المكتسبات التي يستطيع منحها لأوروبا، مقابل ضمانات بتحقيق علاقات تجارية واقتصادية من دون مخاطر التهديدات الأميركية مستقبلاً، وهو أمر ما زال صعباً للغاية ويحتاج إلى حلول منطقية علّها تحقق رغبة كلا الطرفين، وسيقدمها الأوروبيون في حزمة مرتقبة.