استرداد أموال التونسيين... بين المصالحة والمصادرة

استرداد أموال التونسيين... بين المصالحة والمصادرة

27 يونيو 2016
الأموال التونسية المنهوبة بمليارات الدولارات (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال ملف الأموال المنهوبة التي سيطر عليها رئيس تونس المخلوع زين العابدين بن علي وعائلته موضوع جدل قائماً في تونس اليوم منذ ثورة الياسمين، لتقف مختلف الحكومات المتعاقبة عاجزة عن استردادها لصعوبة التعقيدات القانونية والدبلوماسية مع باقي الدول حيث توجد الأرصدة المصرفية بملايين الدولارات.
وأكد الخبير الاقتصادي فتحي الشامخي في تصريح لـ "العربي الجديد" أن استرداد الأموال المنهوبة كان على مرحلتين؛ الأولى تمثلت في المصادرة والاسترجاع الآلي والسريع لمختلف أرصدة عائلة بن علي المتواجدة في بعض المصارف التونسية مباشرة بعد هروبه والقبض على أفراد عائلته، ليتم فيما بعد إفراغ القصر الرئاسي من مليارات الدنانير المخبئة في خزائن القصر.
وشدد الشامخي على أن الحكومات المتعاقبة على تونس منذ الثورة لم تجد المنفذ القانوني لاسترداد مليارات الدولارات لبن علي وعائلته الموزعة على مختلف المصارف الدولية، وذلك لصعوبة المعاملات القانونية والتعقيدات في إجراءات استرداد الأموال، خاصة مع استمرار هروب بن علي وإصدار الأحكام ضده غيابياً.

تبلغ قيمة الأموال التي سيطر عليها بن علي وعائلته نحو 5 مليارات دولار وفق ما أكد حاتم العشي وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية لـ "العربي الجديد"، موضحاً أنه تمّ كشف أموال مهربة من قبل صخر الماطري صهر الرئيس الأسبق بن علي في كل من الإمارات وبلجيكا وكندا، إضافة إلى أرصدة معز الطرابلسي وعماد الطرابلسي صهري بن علي بالمصارف البلجيكية. إضافة إلى رصيد حساب مصرفي لبن علي في كندا بقيمة 28 مليون دولار، مشيراً إلى أن أرصدة مصرفية أخرى تمّ رصدها في المصارف الإماراتية والأميركية وفي دولة كوستاريكا لم يتم حصر قيمتها حتى اليوم.
وبرر العشي تعثر الدولة التونسية في استرجاع الأموال المنهوبة بـ "قلة الخبرة، وخاصة تقديم عدد هائل من الملفات، لعدد قليل من القضاة، بما يستحيل التعامل معه بنسق سريع وناجع"، خاصة أن الخارج لا يتعامل إلا مع أحكام قضائية قطعية، بارتكاب جريمة نهب للمال العام، وهو ما يضطرنا إلى إجراء مفاوضات لطلب تجميدها، حسب تعبيره.

في المقابل، أكد سامي الرمادي رئيس جمعية الشفافية المالية غير الحكومية في تصريح لـ "العربي الجديد" أن قيمة الأموال المنهوبة من قبل الرئيس الأسبق وعائلته تصل إلى حدود 23 مليار دولار موزعة على عشرات الأرصدة المصرفية بمختلف أنحاء العالم.
وقال خالد الكريشي نائب رئيس هيئة الحقيقة والكرامة في تصريح لـ "العربي الجديد" إن القانون الأساسي لسنة 2013 المنظم لهيئة الحقيقة والكرامة ينص على إمكانية إمضاء "صلح مبدئي" بين طالب الصلح والدولة على أن يكون فيها لهيئة الحقيقة والكرامة دور الوسيط بعد قبول الدولة التونسية بمختلف مطالب الصلح التي ستقدم لها على أساس المصالحة.
وذكر الكريشي أن أول عملية مصالحة قد حدثت في تاريخ تونس منذ الثورة كانت مع صهر الرئيس سليم شيبوب الذي تقدم بمطلب مصالحة منذ شهر يناير/ كانون الثاني 2016 لتتم العملية يوم 5 مايو/ أيار الماضي بحضور المكلف العام بنزاعات الدولة، انتهت بإمضاء اتفاقية المصالحة بمقر هيئة الحقيقة والكرامة؛ وذلك لاستكمال تسوية الملفات القضائية التي تعلقت بسليم شيبوب في القطب القضائي والمالي وموضوعها شبهات التصرف والفساد المالي، على حد قوله.
في المقابل قال الكريشي إن هذا الاتفاق المبدئي للمصالحة مرتبط بقرار التحكيم الذي سوف يصدر إثر الجلسات التحكيمية التي ستحتضنها هيئة الحقيقة والكرامة وستدوم 3 أشهر لإعادة الأموال المنهوبة وغير الشرعية إلى الخزينة العامة للدولة التونسية.
وفي السياق ذاته قال الكريشي إن مبدأ المصالحة سيشمل الجميع دون استثناءات من الرئيس الأسبق بن علي إلى مختلف أفراد عائلته وذلك في إطار قانون العدالة الانتقالية.
وهو ما يجعل عملية استرداد الأموال المنهوبة سلسة وغير خاضعة لتعقيدات الإجراءات القانونية. وشدد على أن اعتماد آلية المصالحة في إطار قانوني عام سيعود بالنفع على الخزينة العامة للبلاد، خاصة في موضوع استرجاع الأموال المنهوبة، والتي سيطر عليها بن علي وأفراد عائلته وغيرهم من المتورطين في قضايا فساد مالي وتهريب أموال.

المساهمون