العراق: مرشحو التيار المدني عاجزون عن مجاراة دعاية الأحزاب الإسلامية

27 ابريل 2018
الأحزاب المدنية ليست لديها القدرة على تمويل نفسها(فرانس برس)
+ الخط -
تتفاوت الحملات الدعائية للمرشحين للانتخابات البرلمانية العراقية المقرر إجراؤها في 12 مايو/ أيار المقبل، من حيث الوفرة المالية وزخم الإعلانات في الشوارع أو تنظيم المؤتمرات الضخمة، إذ تحظى الأحزاب النافذة وغالبيتها المطلقة من الإسلامية في البلاد، بدعاية مكثّفة وغزيرة من حيث نشر الصور واللافتات، والسيطرة على وسائل الإعلام مثل المحطات التلفزيونية والإذاعات والصحف، على عكس القوى المدنية الجديدة التي تخوض تجربة الانتخابات بإمكانيات مالية وإعلامية محدودة.

ويلاحظ المواطن العراقي الفرق اللافت بين صور المرشحين الإسلاميين ومساحاتها وأماكن وضعها، وبين صور المرشحين المدنيين ومساحاتها وأماكن وضعها. فعلى أعلى بناية بمدينة الكرادة، وسط العاصمة بغداد، يرى علي الحلاق، أحد أبناء المنطقة، صورة كبيرة لرئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، وهو رئيس تحالف "النصر"، الذي يضم قوى سياسية لم تتغيّر رموزها السياسية منذ 12 عاماً. ويبدي الحلاق استغرابه من حجم الصورة الهائلة التي عُلقت على بناية لم تكتمل بعد، ويقارنها مع صورة أخرى للمرشح المدني الشاب، حسين النجار، عن الحزب الشيوعي العراقي، الذي اكتفى بنشر عدد من الصور الصغيرة، مع توزيع بطاقات تعريفية والإعلان عن ترشحه عبر موقع "فيسبوك" فقط، من دون الاعتماد على وسائل الإعلام المعروفة.


ويشارك في الانتخابات المقبلة أكثر من 7 آلاف مرشح، من بينهم نحو ألفي مرشحة، ويتنافسون للفوز بـ329 مقعداً في البرلمان. وبلغ عدد الأحزاب السياسية التي تشارك بالانتخابات 250 حزباً وكياناً سياسياً غالبيتها دخلت في تحالفات وقوائم مشتركة مع أحزاب أخرى.

في هذا السياق، يقول عمر زياد سامي، وهو مرشح عن تحالف مدني حديث الولادة تحت اسم "تمدّن"، إن "الأحزاب النافذة لا سيما الإسلامية، أنفقت ملايين الدولارات لتغطية حملاتها الانتخابية والترويج لمرشحيها، وذلك لأنها تملك في أرصدتها المصرفية مبالغ طائلة جنتها جراء تواجدها في الدوائر الرسمية والخدمية والوزارات طيلة الأعوام الماضية". ويشير إلى أنه لم يكن يريد أن ينشر صوراً لنفسه أو يطبع بطاقات تعريفية باسمه كمرشح، إلا أنّ ضغوطاً من ناخبين، فرضت عليه الخضوع وطبع 15 صورة لم تكلفه سوى 70 دولاراً.

ويضيف سامي في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنه أنفق 500 دولار فقط لتمويل صفحاته الشخصية في موقع "فيسبوك" وتطبيق "إنستغرام"، لافتاً إلى أنّ "المواطن العراقي أصبح واعياً ويعرف كم تبلغ تكاليف الحملات الانتخابية". ويتابع أن "تحالف القرار مثلاً، الذي يتزعمه رجل الأعمال خميس الخنجر، تكفّل بتمويل حملات مرشحيه، وإعطائهم أموالاً لطباعة صورهم، لكن الأحزاب المدنية ليست لديها القدرة على تمويل نفسها، الأمر الذي استدعى من المرشحين للانتخابات التكفّل بأمر الطباعة، وكلٌ بحسب قدرته المادية".


من جانبه، يشير هادي جلو مرعي، وهو مرشح عن "الحزب المدني" في بغداد، إلى أنّ حزبه لم يموّله ولم يطبع له صوره، ولكنه اكتفى بإظهاره في صفحة الحزب الرسمية على موقع "فيسبوك". ويؤكد مرعي أنّ "القوى السياسية العراقية التي تشترك في العملية السياسية، حصلت على أموال طائلة، تقدّر بمليارات الدولارات في خزائنها، وهي تستطيع أن تجذب ملايين المواطنين من الفقراء الذين صنعت منهم مجموعات كبيرة من البائسين، وتحصل على أصواتهم مقابل أموال أو وعود كاذبة. أمّا نحن، فلا نملك غير أن نجعل الناس تثق بعملنا ومشروعنا السياسي المقبل". ويقول مرعي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "عدداً من مرشحي الأحزاب المدنية لم تظهر لهم أي صورة في الشوارع ولا حتى بطاقات تعريفية يستخدمونها كوسيلة لإخبار الناس عن رقم حزبهم أو تسلسلهم بقائمة الاقتراع، بسبب الحالة المالية الضعيفة".


في المقابل، يقول القيادي في "ائتلاف دولة القانون" الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، المرشح عن الائتلاف نفسه، سعد المطلبي،  إن "التحالفات المدنية تمتلك تمويلاً لحملاتها الدعائية أكثر من الأحزاب الإسلامية". ويشير في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "تحالف سائرون المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذي يضم قوى مدنية أبرزها الحزب الشيوعي العراقي، استولى على مناطق مهمة في بغداد لغرض عرض صور مرشحيه. فقد أصبح جسر الجادرية، وهو أكبر وأهم الجسور في بغداد، محتكراً من قبل جماعة سائرون، فكيف تكون دعايتنا أكبر إذا كان الأمر قد تجاوز الأموال إلى احتكار المناطق؟".

بدوره، يشرح القيادي في "تحالف الفتح" الذي يضم غالبية القوى السياسية الشيعية، عامر الفايز، آلية الدعاية لدى التحالفات الانتخابية الإسلامية. ويقول، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "التحالفات الإسلامية مثل الفتح، يضم 18 حزباً وليس حزباً واحداً، وكل حزب فيه يروج لنفسه وهو مسؤول عن الدعاية الخاصة به"، موضحاً أنّ "رئيس الفتح هادي العامري، قال حين أُسس التحالف: نحن غير مسؤولين عن مصاريف الترويج والدعاية، وكل حزب مسؤول عن نفسه". ويضيف الفايز "الكتل والأحزاب المدنية التي تستغرب من حجم دعايتنا الضخمة، فهي ليست لحزب واحد، إنما لـ18 حزباً داخل تحالف واحد، وهذه الآلية التي نعمل بها خلال هذه الانتخابات، ولا يوجد دعم من التحالف للأحزاب، إنما كلٌ مسؤول عن نفسه".

ويتوجه الناخبون العراقيون، وعددهم 24 مليون شخص، في 18 محافظة عراقية، بما فيها إقليم كردستان، في 12 مايو/ أيار المقبل، إلى مراكز الاقتراع لاختيار ممثلين في البرلمان الذي سيختار حكومة جديدة للبلاد لأربع سنوات مقبلة.

المساهمون