المؤسسات السعودية تحدّث هياكلها لتوسيع سوقها

12 أكتوبر 2015
ارتفاع حجم أعمال الشركات العائلية (حسن عمار/فرانس برس)
+ الخط -
تخطط المملكة العربية السعودية إلى تحويل الشركات العائلية وهي المساهم الأكبر في النمو بالقطاع الخاص إلى شركات مساهمة يتم فيها استبدال "الحصة" بـ "السهم". وتسعى وزارة التجارة والصناعة السعودية منذ سنوات إلى استدراك الثغرات الموجودة في الشركات العائلية لتحويلها إلى شركات مساهمة، وللحيلولة دون انهيار هذه الكيانات العملاقة بعد غياب المؤسسين الأوائل. وبحسب البيانات الرسمية، فإن الشركات العائلية تمثل 95% من شركات القطاع الخاص في المملكة وتسهم بنحو 50% من الناتج المحلي غير النفطي وتستوعب نحو 80% من القوى العاملة الوطنية. ويشير الخبراء إلى أن الشركات العائلية تعرف اتجاهات نحو تحديث هياكلها في المملكة العربية السعودية، خلال الفترة المقبلة.


وثمّن الخبير الاقتصادي سامي سلمان توجّه حكومة المملكة نحو تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة، وهو ما يعني ضمان استمرار كيانات اقتصادية عملاقة، تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، لكنها مهددة بالتفكك في حال موت مؤسسها فجأة. وعلل هذا التوجه الجديد الذي تسعى الحكومة القيام به إلى جملة عقبات تواجه هذه الشركات، منها أن 60% من الشركات العائلية لا تصل إلى الجيل الثاني، و25% ليس لديها خطط مستقبلية للإدارة، وهو ما يعني ازدهار هذه الكيانات لفترة، ثم توزيعها وتقسيمها بين الورثة، وأحياناً يؤدي ذلك إلى تجميد الكثير من رؤوس الأموال. وأشار إلى أن هناك 15 مليار ريال أموالاً مجمدة في الشركات العائلية بسبب النزاعات.

وأوضح سلمان لـ "العربي الجديد" أن حصة الشركات العائلية في الناتج المحلي الإجمالي تتراوح من 22 و30% بينما حصتها في إجمالي رأس المال الثابت تصل إلى 39%".

وأضاف: إن الحكومة حريصة على ضمان استمرارية هذه الكيانات التي تضطلع بدور عملاق في خدمة المواطنين في شتى المجالات التنموية وتعتبرها شريكاً في عملية التنمية المستدامة، ولذلك تسعى إلى استمرار نمو الثروات في ظل العائلة وأثرها الفعّال على الأسرة عموماً لتكون أكبر مما لو كانت متفرقة بين الأفراد، واحتواء عدد أكبر من الأجيال تحت مظلة الشركة.

وختم "إن استمرار عمل هذه الشركات من شأنه المحافظة على الثروات بروح الجماعة وليس الفردية، والحفاظ على بقاء مكانة العائلة التجارية في المجتمع، وإتاحة الفرص لأبناء العائلة المتميزين في إبراز إمكاناتهم وإبداعاتهم، وتوفير الروح الجماعية والمشاركة في اتخاذ القرار والمخاطرة، مما يخفف العبء على أفراد العائلة".

من جهتها، أشارت مستشارة تخطيط الشركات العائلية نوف الغامدي إلى أن استثمارات هذه الشركات داخل المملكة بمليارات الدولارات، لا بل تصل إلى ما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بمتوسط ثروة بلغ 22.5 مليار ريال. ما يعني أهمية هذه الشركات في الاقتصاد الوطني. وقالت "تعتبر الشركات العائلية عصب القطاع الخاص، ورافداً مهماً من روافد الاقتصاد الوطني، فهي تعتبر رافداً هاماً للخزينة، وتساهم في توفير السلع والخدمات إلى السوق المحلية، الأمر الذي يساعد على تنمية الاقتصاد المحلي وتنويعه".

وأضافت "تعتمد الشركات العائلية بشكل رئيسي على دور المؤسسين الأوائل، وتمد فروعها داخل المملكة، وخارجها بعد تحقيقها النجاح، إلا أن هذه الشركات تبدأ بالضعف تدريجياً بعد غياب المؤسس الأول، وتناوب الجيل الثاني على القيادة"، مشيرة إلى أن الدراسات تؤكد أن 15% من الشركات فقط تستمر في قيادة الجيل الثالث، فيما 4% من الشركات تستطيع العبور نحو قيادة الجيل الرابع، ولذا بدأت هذه الشركات بفصل الملكية عن الإدارة، واللجوء إلى تشغيل أعضاء في مجلس الإدارة أو الرؤساء التنفيذيين من خارج العائلة، وذلك لضمان استمرار عملها، وتوسع نشاطها في الداخل وفي الخارج، معتبرة أن هذه الخطوات تساهم في تنمية عمل الشركات، وضخ دماء جديدة في إدارتها، وتفتح أمامها آفاقاً أرحب من الاستثمار.


من جهة أخرى، لفتت الغامدي لـ "العربي الجديد" إلى الخطوات الجديدة التي بدأت الشركات تلجأ إليها خاصة في ما يتعلق بميزانيتها المالية، إذ أن بعض الشركات فطنت إلى أهمية الحوكمة والشفافية والإفصاح عن البيانات، وإصدار تقارير مالية تظهر أوجه التفوق والعجز خلال السنة، وتكون بمثابة المرشد للسنة المالية الجديدة.

إلى ذلك، أسفت الغامدي إلى غياب دور المرأة في إدارة هذه الشركات، حيث أشارت إلى أن نسبة مشاركة المرأة في الشركات العائلية لا تزال تمثل أقل من 5% فقط من مجالس إدارة هذه الشركات، وهي نسبة ضئيلة لا تتوافق مع مساهمتها في الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص على وجه التحديد.

وفي السياق، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة "المجدوعي" عبد الله المجدوعي، وهي مجموعة من الشركات السعودية التي تم تأسيسها في إطار عائلي في العام 1965: "تأخذ الشركات العائلية الكثير من الجهد من مؤسسيها الأوائل، لكنها تختلف عن نظيرتها في أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، ففي دولنا، عادة ما يكون عدد العائلة أكبر، مع فرصة وجود أخوة غير أشقاء، مما يزيد من فرص نشوب الخلافات، لذلك يفضل أن تلجأ الشركات العائلية إلى نظام حوكمة لضمان إدارة فاعلة بعيداً عن إدارة "الكاريزما"، وبالتالي نضمن ألا تؤثر النزاعات والخلافات على الاقتصاد الوطني، فهذه الشركات وإن كانت ملكية خاصة إلا أنها مؤثرة للغاية في المجمل العام للاقتصاد الوطني".

وأضاف لـ "العربي الجديد": "بمزيد من التوعية يمكن أن تتحول بعض حصص المساهمين في الشركات العائلية إلى أسهم وبالتالي تكون لدينا جمعية عمومية لديها القدرة على مراجعة قرارات الإدارة وتصويبها في حال خضعت لمشاكل داخل العائلة المالكة للشركة".
المساهمون