يلخص الوالد (62 عاماً)، بكلمات قليلة، حجم القهر والمهانة، التي يتعرض لها أهالي أسرى قطاع غزة، أثناء زيارتهم لذويهم في سجون الاحتلال بين الحين والآخر، مؤكداً أن كل مراحل الزيارة، التي تبدأ منذ ساعات الفجر حتى وقت متأخر من المساء، لا تقل قسوة عن لحظة سماع نبأ اعتقال فلذة كبده.
يقول خالد لـ"العربي الجديد" إن فصول معاناة زيارة ابنه الأسير، بدأت منذ الأيام الأولى لاعتقاله في العام 2002، إذ "رفض الاحتلال إخبارنا بظروف اعتقال طارق، أو في أي سجن يمكث، والاتهامات الموجهة له". ويضيف "بعد أكثر من ستة أشهر، سمح الاحتلال لأمه بزيارته لبضع دقائق فقط".
ويلفت خالد إلى أن الاحتلال يفرض سلسلة كبيرة من الإجراءات أثناء زيارة الأسرى، كعدم إصدار التراخيص الخاصة بالزيارة، وتباعد المدة بين الزيارة والأخرى، التي قد تصل لمدة سنة وتقليص مدة لقاء الأسير لـ45 دقيقة فقط، عبر سماعة هاتف ومن خلف حائط زجاجي، لا يوجد به أي ثغرة.
اقرأ أيضاً: 6 قرارات عقابية فرضها الاحتلال على الأسرى خلال 2014
أما والدة الأسير حسام الزعانين، فتوضح أن الاحتلال يحاول إذلال أهالي الأسرى أثناء الزيارة بمختلف السبل، بدون تفريق بين الرجال أو النساء، إذ يخضع كافة الأهالي لعمليات من التفتيش الدقيق، تبدأ أولاها فور وصولهم لمعبر إيرز/بيت حانون، شمال القطاع، عبر آلة إلكترونية، وتجري مسحاً إشعاعياً كاملاً للشخص.
وتضيف أم حسام لـ"العربي الجديد" أنه بعد الانتهاء من التفتيش الأول، يسير الباص برفقة حراسة مشددة من الاحتلال إلى باب السجن، وتكون عنده المرحلة الثانية من التفتيش الدقيق لكل شيء يملكه الزائر، كالخاتم أو ملقط الشعر، قبل أن يسمح للأهالي بالدخول إلى ساحة التجمع، التي تفتقر لمقومات الحياة الإنسانية.
وتشير أم حسام إلى أن الاحتلال كان يمنع طفلَي الأسير حسام وزوجته من زيارته، إلا أنه سمح بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع بزيارة طفلة واحدة. وتلفت أيضاً إلى أن الاحتلال يرفض إدخال أي مستلزمات شخصية للأسرى، كالملابس والأطعمة أو الكتب تحت حجج أمنية واهية.
ويعتبر التفتيش الذي قد يصل أحياناً إلى التفتيش العاري للشخص، من أبرز الأساليب التي يستخدمها الاحتلال منذ سنوات طويلة لإذلال أهالي الأسرى، في خرق واضح لكل المواثيق الدولية التي أكدت على احترام كرامة الإنسان.
ويروي الحاج الستيني، رمضان البابا، أبرز المواقف القاسية التي تصيب أهالي الأسرى أثناء زيارتهم لذويهم. يقول البابا، لـ"العربي الجديد" إن "الأم أو الأب يصابان بالانتكاسة عندما يبلغهما جنود الاحتلال بأمر منع الزيارة، وذلك قبل دخولهما للقاء أبنائهما بدقائق قليلة، وكذلك عندما لا يستطيع الشخص تقبيل ابنه ولو لثانية". ويبيّن البابا أن الاحتلال يتعمد عدم إخبار الأهل بقرار المنع، قبل أيام من الزيارة أو عند وصولهم لمعبر بيت حانون، وذلك من أجل زيادة حجم القهر والصدمة.
ويوضح البابا أنه بعد دخول أهالي الأسرى لساحة التجمع، يجري تقسيم الأهالي لأربع مجموعات، وبعد ذلك تدخل مجموعة واحدة فقط إلى داخل غرفة الالتقاء بالأسرى، وقبل مشاهدة ذويهم، يخضع الأهالي لجولة جديدة من التفتيش والتدقيق في الهويات والعدد، وبعد انتهاء الزيارة يخضعونهم لجولة ثانية.
ويشير إلى أن باقي الأهالي، عليهم أن ينتظروا انتهاء إجراءات الزيارة الخاصة بالمجموعة الأولى، والتي تستمر لنحو ساعتين، قبل أن يسمح للمجموعة الثانية بالدخول ثم التي تليها، الأمر الذي يضاعف من حجم معاناة أهالي الأسرى وينغّص عليهم لهفة رؤية أبنائهم.
ويجتهد أهالي الأسرى في عدم إظهار تأثيرات إجراءات الاحتلال عليهم من أجل الحفاظ على معنويات ذويهم الأسرى، على الرغم من أن الاحتلال ينغّص على الأسير والأهل فترة اللقاء من خلال التنصت على المكالمة والتشويش على الهاتف، الذي يمثل حلقة الوصل بين الطرفين في ظل وجود حائط زجاجي عازل للصوت.
اقرأ أيضاً: فلسطين: دعوات لتحويل ملف الأسرى إلى الجنائية الدولية