وأوضحت وزارة الدفاع التونسية أن هذه التدريبات تبدأ في إطار التعاون العسكري التونسي الأميركي القائم، وأكدت في بلاغها الرسمي أنها تهدف إلى تبادل الخبرات في مجالات الاستعدادات والاستباق والتخطيط للمهام العمليّة والإسعافات الأولية للمقاتلين على الميدان، وفي مجالات أساليب القتال على مستوى وحدات طلائع البحرية.
وتتزامن هذه التدريبات مع تنامي مخاوف لدى بعض المراقبين من خلفيات هذا التعاون وآفاقه، في وقت يروج فيه لنيّات بإحداث قاعدة عسكرية أميركية على التراب التونسي، وهو ما نفته السلطات الرسمية بشكل قطعي في أكثر من مناسبة.
ويفسر مراقبون الاهتمام المتزايد للولايات المتحدة الأميركية بالتعاون العسكري مع تونس باستفحال خطر الإرهاب داخل البلاد وعلى حدودها البحرية والجبلية، وبالخصوص خوفا من تغلغل وهيمنة "الجماعات المتطرفة والتكفيرية" في مساحات من تونس أو في المنطقة المغاربية ككل.
وشرعت القوات العسكرية التونسية ونظيرتها الأميركية، هذا الأسبوع، بتدريبات في المياه التونسية على شكل مناورات مشتركة، عبر تدخلات بحرية باستعمال الزوارق المطاطية والجوالات الخفيفة المخصصة للتدخل السريع، بالإضافة للقيام بعمليات إنزال عسكريين وأفراد تدخّل من فرق "الكوماندوز" وإنزال معدات عسكرية بحرية بواسطة مروحيات على سطح الماء.
كما شملت العمليات في المياه الإقليمية التونسية أيضا تدريبات قتالية في مناطق العمران باستعمال الذخيرة الشبيهة، عبر تنظيم مناورات ومداهمات في تجسيم لتدخلات ضد تجمعات إرهابية أو لاقتحام مجموعات أو عناصر مسلحة خطرة.
في سياق متصل، أكدت وزارة الدفاع الوطني في بلاغ صادر عن مصالح الإعلام والاتصال، أن التدريبات الفنية المشتركة بين الوحدات التابعة للجيش التونسي وقوات البحرية الأميركية ليست برنامجاً حديثاً، حيث تعود النسخة الأولى لهذه التمارين العسكرية إلى عام 2014، كما انتظمت تدريبات مماثلة في مناسبتين خلال عام 2016.
وقال الخبير العسكري العميد مختار بالنصر، رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، إن إرسال الولايات المتحدة الأميركية لبعثات من القوى البحرية في إطار تدريبات مشتركة مع قوات الجيش الوطني التونسي، يدخل في إطار التعاون العسكري بين الدول، ولا يختلف عن تبادل الخبرات في مجالات عدة على غرار الطب والهندسة والتعليم وغيرها من القطاعات.
وأضاف بالنصر في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن العلاقة بين تونس وواشنطن بعد الثورة تتمثّل في تعاون عسكري لا غير، وهو عبارة عن تدريبات مشتركة وتبادل للخبرات بالإضافة إلى تمكين تونس من تجهيزات عسكرية، مشيرا إلى أن هذا التعاون ينحصر في قدوم خبراء عسكريين أميركيين في فترات محددة، وفي خطط معيّنة لتدريب الجيش التونسي وفق أجندة يتم الاتفاق عليها مسبقا بطلب من المؤسسة العسكرية التونسية، وبناء على احتياجاتها المرصودة، مبينا أن هذا التعاون لا يمس من السيادة الوطنية في شيء.
وأكد أن هذا التعاون الثنائي ليس جديدا، بل يندرج ضمن اتفاقيات قديمة بين البلدين انطلقت المؤسستان العسكريتان في تنفيذها.
ونشرت سفارة الولايات المتحدة بتونس على موقعها بلاغا تبين فيه أن تونس تمثل شريكًا هامًا في إطار الجهود الإقليمية الرامية إلى مقاومة الإرهاب، وقد منحت الولايات المتحدة الأميركية مبلغًا إجماليًا يتجاوز 225 مليون دولار بعنوان المساعدة الأمنية لتونس منذ 2011، وذلك لدعم قدرات تونس في مجابهة التهديدات والإرهاب على المستويين الداخلي والإقليمي.
كما ساهمت الولايات المتحدة في دعم جهود الحكومة التونسية الرامية لإقامة مركز أمني مندمج متعدد الوزارات لمكافحة الإرهاب، كما تغطي برامج تعاون أخرى لتنمية القدرات في مجالات حماية الحدود وإنفاذ القانون والاستعلامات وتبادل الخبرات الناجعة في مجال مكافحة الإرهاب لفائدة هياكل القضاء الجنائي.