جوان مكنيل.. قصة حياتنا في العالم الافتراضي

جوان مكنيل.. قصة حياتنا في العالم الافتراضي

21 اغسطس 2020
ميلتوس مانيتاس/ اليونان
+ الخط -

مع مطلع التسعينيات، ظهر أول متصفح بحثي على الإنترنت التي كان يستخدمها نحو مليون شخص في العالم، قبل أن يتضاعف العدد مئات المرّات وينتقلون إلى استخدام البريد الإلكتروني ثم وسائط التواصل الاجتماعي، ليغدو العالم الافتراضي هو مركز حياة معظم البشر الواقعية، ينطلقون منها لتحديد أنشطتهم اليومية ومهامهم ثم يعودون إليها لمشاهدتها بوصفها صورة هذه الحياة وتمثّلاتها.

"الترصد: كيف أصبح الشخص مستخدماً" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحثة الأميركية في ثقافة التكنولوجيا جوان مكنيل عن "منشورات إم. سي. دي"، الذي يقدّم تاريخاً شخصياً موجزاً للشبكة العنكبوتية من وجهة نظر المستخدم، وليس من زاوية مطوّر البرمجيات والمتخصّص فيها.

يركّز الكتاب على تجربة المستخدم دائمة التغير في سرد مكثّف وممتع لفترة زمنية قصيرة لكنها صادمة، حيث ربط الإنترنت الناس في جميع أنحاء العالم ببعضهم البعض، وشتّتهم في الوقت نفسه ولم يغير فقط الطريقة التي نتواصل بها ولكنه أعاد تعريفنا لهويتنا: من نحن ومن يمكننا أن نكون.

 

يركّز الكتاب على تجربة مستخدم الشبكة العنكبوتية في سرد مكثّف وممتع لفترة زمنية قصيرة لكنها صادمة

تشير مكنيل إلى أن هذا الربط أوجد مساحة ثقافية جديدة غير مسبوقة أصبح جميع البشر جزءاً منها حتى لو لم يشاركوا فيها، بحيث بات العالم كلّه يتحرّك من خلال المنصات والتقنيات ويعيش على منتجاتها، حيث تبحث في الاهتمامات الأساسية (وإن كانت متناقضة أحيانًا) للأشخاص عبر الإنترنت، وأبرزها ماهية البحث والأمان والخصوصية والمجتمع وإخفاء الهوية والرؤية.

تستكشف الكاتبة كيف شكل مستخدمو الإنترنت هوياتهم، للأفضل وللأسوأ، موضحة أن المنصات الإلكترونية سمحت للمستخدمين بالعيش بهوية أكثر صدقاً مما تسمح به الحياة العامة، إلا أنها أثارت أيضاً الدوافع نحو إدارة الصور التي يتم التحكم فيها بشكل مفرط، وولّدت عدم المصداقية التي تضاعفت بحيث بدت "أداة الخصوصية  طريقة للتحكم في صورة المرء كما يراها الآخرون".

الصورة
غلاف الكتاب

تبيّن مكنيل أيضاً أن الإنترنت كان يُنظر إليه على أنه فضاء إلكتروني، وطريق سريعة لتدفق المعلومات، ولكنه تحوّل اليوم إلى "شخص – بوّاب" كلّي العلم يعلم ما يمكننا الاتصال به ويتوقع الرد، في إطار توضيحها لتلك المشاعر من الفضول والوحدة وانعدام الأمان التي ترسلنا إلى شريط البحث الذي يقود إلى إجابات لا تعد ولا تحصى لكنها غير كافية. 

وتضيء كيف أعاد الإنترنت فكرتنا عن معنى أن تكون وحيداً في سعيها إلى تعريف معنى العزلة الافتراضية، فهل الوحدة أن نجلس في غرفة فارغة أم هي غياب الاتصال البشري، سواء كان افتراضياً أم شخصياً، كما توجّه انتقاداتها اللاذعة لفيسبوك الذي تصفه بأنه منظمة "شراهة البيانات والوقاحة"، وأنه "المستنقعات الأخلاقية التي لا نهاية لها"، في شرحها كيف يحوّل فيسبوك القيم إلى أنماط، ويزيل الفروق الدقيقة، ويعرضها على أنها محكومة بـ" قانون رياضي أساسي".

لا تجعل مكنيل من نقدها للتكنولوجيا مستنداً إلى نقطة أساسية تتعلّق بالقيمة الأخلاقية من الإنترنت، فهو ليس جيداً وليس سيئاً أيضاً، كما أنه لا يجعل المستخدمين أغبياء ولا أذكياء، ما يستدعي مقاومة هذه الثنائيات التي تفترض النشاط الرقمي مجرّد نمط استهلاكي لا أكثر.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون