حق الحضانة للسعوديات مشروط بعدم النزاع

13 مارس 2018
من إشارات التغيير في السعودية (عامر هيلابي/ فرانس برس)
+ الخط -
بينما رحب كثيرون بقرار لوزارة العدل السعودية رأوا فيه انتصاراً للأم المطلقة في حضانة أولادها، أكد غيرهم أنّه قرار لا قيمة له إذ إنّه مشروط بعدم النزاع بين الزوجين السابقين

أعلن وزير العدل السعودي ورئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف الصمعاني عن حسم حالة الجدل القانونية التي كانت مسيطرة على أروقة محاكم المملكة العربية السعودية ومنح الأم حضانة أولادها ما لم يكن هناك نزاع معتبر في المحاكم حولهم. وأكد أنّ "الأحقية للأم في إثبات حضانة أولادها في الحالات التي ليس فيها نزاع، من دون الحاجة إلى إقامة دعوى قضائية لإثبات ذلك كما كان معمولاً به سابقاً".

أضاف الصمعاني في بيان نشر في موقع وزارة العدل السعودية أنّ القرار يمنح الحاضنة حق مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الدوائر الحكومية والأهلية ما عدا السفر بالمحضون خارج المملكة، فلا يتم إلا بإذن القاضي في بلد المحضون، ويشتمل صك إثبات الحضانة، على حق الحاضن في تسلّم المبالغ التي تصرف للمحضون من إعانات ومكافآت شهرية أو موسمية من الجهات الحكومية والأهلية.

وجاء البيان الوزاري بصفة تعميم على كلّ المحاكم في المملكة، وبيّن الوزير فيه أنّ "الموضوع درس في الإدارة العامة للمستشارين، وانتهت الدراسة إلى أنّه يجوز للأم أن تتقدم بإنهاء إلى المحكمة المختصة يتضمن طلب إثبات حضانتها لأولادها، على أن يؤخذ عليها إقرار بعدم وجود نزاع". في السابق، كانت الأم تضطر للذهاب إلى المحكمة ورفع دعوى للحصول على حضانة الأبناء حتى ولو لم يكن هناك نزاع، ويحكم القاضي شكلياً بناءً على هذه الدعوى بأحقية الحضانة للأم، لكنّ الإشكال فيها بحسب الخبراء القانونيين كان يتعلق بالمدة التي يحكم فيها القاضي والتي تصل في بعض الأحوال إلى سنة كاملة مما يعطل المنظومة القضائية من جهة عن البحث في القضايا الأهم، ويمنع الأم من الاطمئنان والحصول على حضانة أبنائها من جهة أخرى.

ولم يكن هذا القرار الوحيد الذي أقرته وزارة العدل في ما يخص المرأة، إذ وجه وزير العدل بالسماح للمرأة بالحصول على رخصة التوثيق التي تتيح لها بعض مهام كاتبات العدل في الوزارة وهو أول دخول للمرأة في السلك القضائي السعودي في تاريخ البلاد.

يقول المحامي والخبير في قوانين الأحوال الشخصية أحمد القرني لـ"العربي الجديد": "هذا القرار الذي أصدره وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور وليد الصمعاني يمثل ثورة كبيرة في مجال الأنظمة القضائية، إذ سيخفف من القضايا المنظورة أمام المحاكم والتي لا معنى لها. هناك لبس لدى كثيرين في فهم هذا القرار، إذ يظنون أنّه قانون جديد كلياً، بينما هو في حقيقة الأمر قرار تنظيمي بحت، إذ تدخل المرأة إلى الموقع الإلكتروني الخاص بوزارة العدل ثم تذهب إلى الخدمات الإلكترونية وتستخرج إثبات حضانة ثم تذهب به إلى المحكمة وتحصل على توقيع فقط من دون عرض على القاضي بعد توقيعها على إقرار بعدم وجود نزاع بينها وبين زوجها".




يضيف: "في حال اعتراض الزوج على حصول المرأة على حق الحضانة فهناك حالتان، الأولى هي أن يعترض الزوج على استخراج الأم لحق الحضانة أثناء سير العملية فتنظر إدارة الإنهاءات المكلفة باستخراج حق الحضانة في هذه القضية وتحكم فيها بشكل عاجل، والحالة الثانية أن يعترض الزوج بعد استخراج ورقة إثبات الحضانة فهنا تذهب القضية إلى محكمة الأحوال الشخصية ويحكم القاضي بما يراه مناسباً وفق القوانين السعودية في ما يخص الحضانة والنفقة وغيرهما".

يعتبر ناشطون سعوديون في حقوق الإنسان أنّ القانون لم يقدم أو يؤخر في ما يخص حماية الأم ومنحها الحضانة، لأنّ غالب قضايا الطلاق في المملكة تنتهي بنزاع مما يعني حرمان المرأة من حضانة أبنائها إلا بعد محاكمات طويلة وشاقة للطرفين، إذ تقول الناشطة في حقوق المرأة منيرة الدوسري لـ"العربي الجديد": "القرار تنظيمي في أنظمة وزارة العدل ولم ينصر المرأة في شيء لأنّ كلّ هذه القرارات كان معمولاً بها في السابق لكن ما حدث هو أنّ الوزارة سرّعت من توقيت هذا القرار فقط، وللأسف فإنّ كلّ الكلام الذي دار ويدور حول هذا القرار العجيب بحسب ما يقول بعض المحامين هو كلام ترويجي وذر للرماد في العيون". تضيف: "أنا أؤيد هذا القرار وسعيدة به إذا كان سيفيد المرأة، لكنّه ليس انتصاراً لها، لأنّه وبكلّ بساطة يشترط عدم وجود نزاع في قضية الحضانة بين الزوجين وهو أمر نادر جداً في قضايا الطلاق في أيّ بلد في العالم، كما أنّ الأم في السابق أيضاً كانت تملك الحضانة في حال عدم وجود نزاع فما الجديد إذاً؟ سأعتبر القرار ثورياً إذا كان يمنح المرأة حق الحضانة مطلقاً سواء وجد النزاع مع الزوج أم لم يوجد لأنّ التربية أمر منوط بالمرأة وهي التي تملك القدرة الكاملة على رعاية أبنائها بعكس الأب، كما أنّ الأبناء لا غنى لهم عن أمهم".


بدأت السعودية بإجراء إصلاحات واسعة في ما يخص قضايا المرأة إذ أزالت كثيراً من القيود المفروضة عنها بعد السماح لها بقيادة السيارة وتخفيف القيود المفروضة عليها في العمل والتنقل داخل البلاد، والسماح لها بممارسة الرياضة والدخول إلى الملاعب الرياضية والحفلات الترفيهية وبقية المنشآت، وهو إجراء يقول عنه معارضو ولي العهد السعودي إنّه جاء لتحسين الصورة أمام العالم الغربي، فيما يقول مؤيدوه إنّه ينطلق من إيمان تام منه بالمساواة بين الرجل والمرأة وهو أمر كان غائباً بسبب ميول الحكومة الدينية وتحفظها من ناحية العادات والتقاليد في الماضي.
المساهمون