حليمة أمّ إخوتها تبيع على الرصيف

حليمة أمّ إخوتها تبيع على الرصيف

06 مايو 2015
حليمة أمضت أكثر من 36 سنة على الرصيف(العربي الجديد)
+ الخط -
على رصيف سوق شعبي في مدينة القنيطرة المغربية، تعرض حليمة بضاعتها. وتنادي بأعلى صوتها على النعناع والبقدونس والكزبرة والليمون الحامض والصبّار. حليمة التي تجاوزت الستين، أمضت أكثر من 36 عاماً على هذا الرصيف وغيره من أجل لقمة العيش.

تبدأ حليمة عملها فجراً، في قطف ما يجود به حقلها الصغير من حشائش وثمار. لتنقلها بعد ذلك إلى السوق- الرصيف. هناك ترتب بضائعها أمامها وتبدأ في المناداة عليها بعبارات مميزة تلفت المارة.

تقول حليمة: "عملت في زرع العنب والليمون وقطفه. عملي مرتبط بالفصول وتقلباتها فكل فصل أبيع فيه ما تجود به الطبيعة. كما أجمع الحلزون عندما يأتي الضباب لأبيعه أيضاً".

تقول حليمة لـ "العربي الجديد" إنّها تركت دار الزوجية بعد ثلاثة أشهر فقط من زفافها. وعن سبب ذلك، تشرح: "يومها ذهبت في زيارة لبيت أهلي. فطلبت مني والدتي أن أنوب عنها في رعاية البيت ليومين فقد كانت تهم بزيارة أختها المريضة". لكنّ حليمة لم تتمكن من العودة إلى بيتها بعد يومين كما كانت تعتقد. فقد ماتت والدتها في حادثة سير لدى رجوعها. وهو ما دعا حليمة للبقاء في بيت أهلها، كوفاء منها للوعد الذي قطعته والدتها، ومن أجل رعاية والدها وأخوتها الصغار.

طلب زوجها منها مراراً أن تعود إلى البيت لكنها رفضت. بل طلبت منه أن يلتحق بها حتى تستطيع التوفيق بين واجبها كزوجة وكأم ثانية لمن بقي من إخوتها. فاختار زوجها الانفصال عنها بعد أن "صبر كثيراً وسئم من الانتظار"، بحسب حليمة.

استمرت حليمة في رعاية الغنم والبقرتين اللتين تركتهما والدتها. وكانت تخرج إلى الرعي وتحلب المواشي. وتوفر بذلك مصروف البيت، وتلبي طلبات إخوتها الذين كانت تعتبرهم بمثابة أبناء لها.

وعن تلك المرحلة تقول: "كان كلما طرق بيتنا عريس جديد لخطبتي من والدي، ترفض شقيقاتي المتزوجات، بعد أن شعروا بالاطمئنان على البيت وعلى إخوتي في غياب والدتي. فزواجي بالنسبة لهن كان يعني تشتيت شمل بيت الأهل".

بقيت حليمة على هذا الحال حتى توفي والدها وكبر الصغار وزوّجتهم ورعت شؤونهم. بل وصارت لأبنائهم بمثابة الجدة. لكنّها اليوم تعيش وحدها بعد أن غادر الجميع.

اشترت حليمة حماراً وعربة. وستبدأ مشروعها الشخصي كبائعة متجولة، ما سيوفر عليها الكثير من الوقت في البيع. لكنّها ما زالت تتألم لوضع إخوتها، وتقول: "كانت أمنيتي أن يدرسوا ليكون لهم شأن. لكنني لم أستطع سوى أن أنتج نسخة عني. هم اليوم مثلي يبيعون على الرصيف".

دلالات

المساهمون