حماس في جنوب إفريقيا

حماس في جنوب إفريقيا

27 أكتوبر 2015
+ الخط -
ليست هذه المرة الأولى التي يدخل فيها رجل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الأول، خالد مشعل، عاصمة دولة أجنبيه، فقد دخل مبنى الكرملين، ليلتقي رجل روسيا القوي، فلاديمير بوتين، في أعقاب فوز حماس بالانتخابات التشريعية في يناير/ كانون ثاني 2006، وتشكيلها الحكومة الفلسطينية العاشرة.
لا تكتسي زيارة حماس الرسمية الأولى لجنوب إفريقيا أهمية كبرى، على الرغم من أنها تأتي في سياق متغيرات كبيرة يشهدها الإقليم، وفي مقدمتها الإنتفاضة المشتعلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أن أبوابا كثيرة من دول العالم كانت مشرعة أمام حماس قبل نحو عشر سنوات، وتحديدا بعد فوزها في الانتخابات التشريعية 2006، وتشكيلها الحكومة العاشرة، ولم تكن عواصم كثيرة في حاجة سوى لأن تطرق حماس أبوابها، لتفتح لها بوابة العلاقات السياسية والدبلوماسية، والتعاون مع حركة فلسطينية، حازت على الأغلبية الانتخابية، لصالح الشعب الفلسطيني الذي يحظى بتعاطف كبير وواسع في العالم.
ومن الدول التي كانت مرشحة عواصمها لاستقبال حماس، وكانت ستجد منها كل ترحاب وتعاون، عدا عن جنوب أفريقيا، نحو 33 دولة، تشكل دول أميركا اللاتينية والكاريبي، (من أبرزها الأرجنتين، بوليفيا، تشيلي، كولومبيا، كوستاريكا، كوبا، السلفادور، المكسيك، نيكاراغوا، بنما، باراغواي، فنزويلا، البرازيل، سورينام)، وتقوم إسرائيل بتوظيف علاقاتها ببعض هذه الدول الصغيرة للحصول على أصواتها فيما يخص القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وموقف بعض هذه الدول، مثل الأرجنتين والبرازيل، من الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة، الصيف الماضي، دليل على المواقف المتقدمة لهذه الدول، حتى على مواقف دول عربية.
كانت حماس بأمس الحاجة لنسج علاقات مع هذه الدول، ومنذ نحو عشر سنوات، من أجل اختراق الحصار الدولي المفروض على الشعب الفلسطيني، بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية في 2006.
ليس بالضرورة أن تكون الدولة عضواً في الرباعية الدولية، أو في مجلس الأمن الدولي، لنسج علاقات متينة معها، فلكل دولة صوتها المؤثر في الأمم المتحدة، ولكل دولة عمق شعبي مهم جدا أن يصطف إلى جانب الحق الفلسطيني في مواجهة الرواية الصهيونية التي تضلل العالم، إضافة إلى منافع أخرى، كالحصول على دعم سياسي واقتصادي ومالي وحتى عسكري، الأمر الذي كان، وما زال، حكراً على حركة فتح التي تجوب العالم باسم منظمة التحرير، وهي التي لم تعد كذلك.
كما أن نسج حماس علاقات متينة مع دول أو مع أحزاب حاكمة في العالم، يساعدها في إقناع قوى ودول كثيرة بإعادة النظر في استراتيجيتهم القائمة على عزل حماس وفرض الحصار عليها.
وكان يفترض أن تكون الزيارة الأولى لحركة حماس إلى الكرملين نقطة تحول لها، في جهد دبلوماسي نشط، لا يقف عند أبواب الكرملين، بل كان يجدر بها أن تتوجه بعيداً نحو أميركا اللاتينية وآسيا الوسطى، في إطار استراتيجية مراكمة الدعم للقضية الفلسطينية ومقاومتها الباسلة، بتشكيل لوبيات سياسية وقانونية واقتصادية، للضغط على أوروبا والولايات المتحدة التي تتعامل بازدواجية معايير مع الملف الفلسطيني.
مع كل النتائج السياسية المهمة لزيارة وفد حماس برئاسة مشعل إلى جنوب إفريقيا؛ لجهة تكريس خطوط تواصل الحركة مع جنوب أفريقيا، والتي توجت بتوقيع اتفاقية التفاهم التي سمحت لحماس بفتح مكتب لها هناك، إلا أنها ستبقى غير كافية، ولا تضاهي بأي حال قوة حماس وقدرتها وحضورها الإقليمي، وحضورها السياسي الذي يقع على حماس عبء ترجمته حراكاً دبلوماسياً مؤثراً على المستوى الدولي.
زارت حماس روسيا، ولم تستطع إسرائيل توجبه انتقادات لاذعة لروسيا لاستقبالها حماس، إلا أن إسرائيل فعلت ذلك مع جنوب إفريقيا، وأبدت انزعاجاً شديدًا من هذه الزيارة، وعبرت عن ذلك باستدعائها نائب سفير جنوب أفريقيا لدى الكيان. لذا، على حماس مواصلة إثارة قلق إسرائيل وإزعاجها، بتوظيف الإنتفاضة المشتعلة في الأراضي المحتلة، والتي تحظى باحترام شعوب العالم وتقديرها، لفتح آفاق علاقات واتفاقات تفاهم وتعاون، إن لم يكن مع حكومات ودول، فمع أحزب حاكمة تشترك وحماس في أخلاق الحرية وقيمها.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)