خلافات حول حجم الدين الخارجي لتركيا

15 ابريل 2018
حجم الديون الخارجية لا يزيد عن 266 مليار دولار(Getty)
+ الخط -

تتباين تقديرات أرقام الديون الخارجية المستحقة على تركيا، إذ تؤكد جهات معارضة تركية، أنها تزيد عن 412 مليار دولار، وهو الرقم الذي تعتمده عادة المؤسسات المالية الدولية، في حين تؤكد هيئات ومصادر تركية منها مركز الدراسات الاستراتيجية، أن حجم الديون الخارجية على الدولة، لا يزيد عن 266 مليار دولار، ما يعادل نحو 31% من الناتج المحلي الإجمالي، ولا تتوافر أرقام حديثة من البنك المركزي التركي بشأن حجم الدين الخارجي للبلاد.

ويقول آخر تقرير للخزانة التركية، إنها تخطط لدفع ديون خارجية بقيمة 10.92 مليارات دولار كجزء من أصل المبلغ الذي يصل إلى 163.8 مليار ليرة (43.1 مليار دولار) لخدمة الدين في عام 2018. ويضيف، أن الإجمالي العام لخدمة الدين الداخلي يتوقع أن يصل إلى 122.4 مليار ليرة (32.2 مليار دولار)، بينما إجمالي خدمة الدين الخارجي قد يصل إلى 41.5 مليار ليرة (10.92 مليارات دولار).

وأشار إلى أنه من المقرر أن يصل إجمالي الاقتراض المحلي إلى 134.3 مليار ليرة (35.4 مليار دولار) في عام 2018.

ويقول مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في إسطنبول محمد كامل ديميريل في حديث إلى "العربي الجديد"، إن رقم الدين الخارجي على تركيا، والذي تعلنه الحكومة هو 266 مليار دولار، ويقسم هذا الرقم إلى ديون على القطاع الخاص والدولة.

ويشير الاقتصادي التركي، إلى أن بعض الأطراف المعارضة والجهات الخارجية، بما فيها وكالات التصنيف الائتماني، تحاول التخويف من هذا الرقم، بل وتبالغ به، على رغم أن تركيا لا تخشى أو تخفي حجم ديونها، مشيراً إلى أن كبريات الدول العالمية لديها ديون أكبر من الديون التركية.

وأكد أنه لا يمكن استشفاف قوة اقتصاد من خلال حجم ديونه أو سعر صرف عملته، إذ يعتبر هذا الأمر "خطأ اقتصادياً، ولعل الديون الأميركية والعملة الصينية مثال على ذلك".

ويضيف ديميريل أن للديون فوائد كثيرة، وخاصة إذا تم توظيفها بمشاريع تحقق النمو والعائدات بنسب تزيد عن فوائدها، كما أن الديون تفتح علاقات مهمة مع دول ومؤسسات مالية دولية، وتركيا لديها خطوط ائتمان تزيد من مصداقيتها مع الدول والمؤسسات المقرضة.

من جهته، قال برهان كور أوغلو الأستاذ بجامعة محمد الفاتح باسطنبول لـ"العربي الجديد"، أن أسباب تباين أرقام الديون على تركيا، هو الخلط بين الديون الداخلية والخارجية، وعدم التفريق بين الديون المترتبة على الدولة التركية وبين الديون على القطاع الخاص، مشيراً إلى أن الديون على القطاع الخاص التركي تصل نسبتها إلى نحو 70% من إجمالي الديون الخارجية، ومعظمها ديون على المصارف.

وحسب الأستاذ الجامعي فإن صافي الديون التركية الخارجية، يزيد عن 282 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي، والأرجح أنه تم تسديد جزء منها، ليكون رقم 266 ملياراً هو الأقرب إلى الصحة.

ويؤكد الأكاديمي التركي أن الديون لا ترهق تركيا، كما لا تؤثر على النمو أو العملة، لأن عائدات الدين تزيد عن نسبة فوائده، وهذا مهم بعلم الاقتصاد، إذ لا يتم تقييم أي دولة أو اقتصاد من خلال كتلة الديون عليها، وإلا فالاقتصاد الأميركي الذي يعاني من أكبر مديونية عبر التاريخ، هو اقتصاد سيئ، وهذا غير صحيح.

كما لا تشكل الديون "الكبيرة" برأي كور أوغلو، على القطاع الخاص التركي، عائقاً أمام نموه وأرباحه، فهو ساهم وبشكل كبير العام الماضي، إلى جانب الحكومة، ببلوغ تركيا أعلى نسبة نمو بالعالم، وهكذا بالنسبة لبقية المؤشرات التي يساهم بها القطاع الخاص، من صادرات وإنتاج واستثمارات.

ويرى مختصون، أن ثمة خلطا يتم خلال الحديث عن ديون تركيا الخارجية، ولا يقتصر على مزج الديون الحكومية بديون الشركات الخاصة وأهمها المصارف، إذ يقول البعض إن تركيا من دون ديون خارجية منذ حزيران عام 2013، وهو التاريخ الذي سددت خلاله تركيا ديونها لصندوق النقد الدولي.

وتمكنت تركيا عام 2013 من تسديد جميع ديونها المستحقة لصندوق النقد الدولي، الذي كان لها معه ماضٍ متوتر.

وتشير مصادر تركية إلى أن أول قرض تم تلقيه من "الصندوق" يعود إلى عام 1958 وآخر قرض يعود إلى عام 2012، وأنه تم تسديد الشريحة الأخيرة من الدين البالغة 412 مليون دولار للمؤسسة المالية الدولية عام 2013.

وأصبحت تركيا من ذاك، ولأول مرة، بلا ديون لصندوق النقد منذ 52 عاماً، بعدما بلغت ديون تركيا لدى الصندوق أكثر من 16 مليار دولار عام 2002، وهو تاريخ وصول حزب "العدالة والتنمية" الذي "كافح" سياسة الإملاءات التي يفرضها الصندوق والإصلاحات الاقتصادية الشديدة والقسرية، وفقاً لمراقبين.

ولم تر الحكومة التركية بعد ذلك، من ضير بالديون، شرط ألا يتم فرض "إملاءات" وأن يتم تشغيل القروض بمشاريع اقتصادية وتنموية تساعد بتحقيق حلمها قبل مئوية تأسيس الجمهورية عام 2023.

وتعمل حكومة "العدالة والتنمية"، وعلى رغم الديون الخارجية التي توصف بالكبيرة، على مضاعفة الاحتياطي النقدي الأجنبي والذهب في مصرف تركيا المركزي، الذي نقلته من 23 مليار دولار عام 2002، وقت وصول الحزب للسلطة، إلى نحو 76 ملياراً عام 2011 ليصل هذا العام إلى نحو 120 مليار دولار، مع توقعات بوصوله إلى نحو 150 مليار دولار، بحسب مساعي الحكومة التركية وتصريح سابق لرئيس الدولة، رجب طيب أردوغان.

المساهمون