رسائل نصر الله: نبش في ملفات قديمة وسرديّات الفوضى

21 اغسطس 2016
لا جديد في خطاب نصرالله بمناسبة حرب تموز(حسين بيضون)
+ الخط -
لوّح الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مرة جديدة، بورقة حرب يوليو/تموز 2006 لاتهام خصومه اللبنانيين بالتواطؤ مع العدو الإسرائيلي ومحاولة الاستفادة من ذلك العدوان لضرب حزب الله ونزع سلاحه بما في ذلك خدمة لإسرائيل.

جدّد نصر الله، خلال مقابلة أجراها مع تلفزيون "المنار" ضمن سلسلة الإطلالات والنشاطات الخاصة بالذكرى العاشرة لعدوان تموز، الاستعانة بهذه الورقة لإعادة تصويب السهام نحو قوى 14 آذار، فقال إنّ "الحكومة اللبنانية في حرب تموز 2006 (كانت برئاسة رئيس كتلة المستقبل الحالي، النائب فؤاد السنيورة) لم تكن تمت للمقاومة بصلة، فالكل كان موافقاً على إيقاف الحرب ولم يبق إلا الحكومة اللبنانية".

كما اتّهم الحكومة بمحاولة الانقلاب على الحزب، وذلك من خلال إصدار قرار سياسي يحرّك وحدات الجيش اللبناني بوجه الحزب، ومراكزه، وآلياته، وعمليات نقل صواريخه من البقاع (شرقي لبنان) إلى جبهة الجنوب، بما يضمن أيضاً اهتزاز موازين القوى لصالح العدو. وتأتي اتهامات نصر الله لفريق 14 آذار بـ"التآمر على المقاومة" ليشعل مرة جديدة الجبهة الداخلية من أسوأ أبوابها: بوابة إسرائيل واتهامات العمالة.

لكن اللافت في هذا الخصوص، أنه على الرغم من إدانة نصر الله لأداء قوى 14 آذار ومشروعها السياسي، لا يزال يعيد حتى اليوم أنّ "خطابنا دائماً أن لا خيار أمامنا إلا وحدة اللبنانيين، والدليل على ذلك أنه لا مشكلة لدي بأن أكون في حكومة واحدة مع تيار المستقبل".

فمن شأن حكومة مماثلة أن تعطي الحزب الشرعية الدستورية والسياسية اللازمة، داخلياً ودولياً، ولو أنّ الحزب هو من أطاح بحكومتَي الوحدة الوطنية (2007 و2011). وفي الشأن الداخلي، كان الأبرز تأكيد نصر الله على أنّ حزبه "لم يطالب بعد انتصار عام 2006 بالسلطة في لبنان لأن ذلك كان سيؤدي إلى حرب داخلية"، على الرغم من اتهامه من قبل خصومه بأنه قام بذلك بالفعل، بدءاً من إسقاط الحكومات ومحاصرة السنيورة في السرايا الحكومية، وصولاً إلى اجتياح حزب الله لبيروت وبعض المناطق المحيطة بها، خلال أحداث 7 مايو/أيار 2008.





حتى إنّ حزب الله بات ممسكاً بالسلطة في لبنان بشكل كامل، وذلك من خلال فرضه الشغور في رئاسة الجمهورية (يقاطع جلسات الانتخاب منذ مايو/أيار 2014). كما حدّد نصر الله، خلال خطابه الأخير، الأسبوع الماضي، للبنانيين وأحزابهم التركيبة السياسية الوحيدة القادرة على وضع حدّ للأزمة السياسية في لبنان. فأكّد أنّ الحل هو بوصول حليفه النائب ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وترؤس زعيم المستقبل سعد الحريري للحكومة، ودعمه حليفه رئيس البرلمان نبيه بري لقيادة المجلس النيابي مجدداً، أما أي طرح آخر فلا طريق له للنجاح.

أما في الملف السوري، فلم يتأخر الأمين العام في إدانة ما اعتبره "جلب السعودية للمسلحين من كل العالم للقتال في سورية"، مشيراً إلى أنّ "من يقاتل في المعارك الضخمة هم الشيشان وغيرهم بزعامة السعوديين". قد لا يحتاج هذا الموقف الصادر عن نصر الله إلى الكثير من النقاش، على اعتبار أنّ حزب الله يشارك في الحرب السورية كفصيل لبناني، وكذلك تفعل روسيا وألوية المقاتلين العراقيين، إضافة إلى فصائل المقاتلين الأفغان المحسوبين مذهبياً على إيران التي تدير المعارك الميدانية في سورية.

حتى إنّ نصر الله جعل ما يجري في سورية اليوم نتيجة "الاستقلالية السياسية للرئيس السوري بشار الأسد"، في حين أنّ القوات الأجنبية الداعمة لهذا النظام باتت تتحكم فعلياً بالأرض السورية والمشاورات التي تجري للحلّ فيها.

كما استغرب نصر الله الحديث عن وجود "انقسام سني ـ شيعي حاد"، معتبراً أن ثمة "مبالغة كبيرة وتعمل على إظهار ذلك وتحرّض عليه وسائل الإعلام الخليجية والعربية". مع العلم أنه سبق لنصر الله، قبل أسابيع، أن أعاد التأكيد على انتمائه إلى "دولة الوليّ الفقيه". لكن أبرز كلامه، جاء حول ما يجري في المنطقة من "فوضى"، معتبراً أنه "إذا عمّت الفوضى كل المنطقة، إسرائيل ستكون الخاسرة الأولى، فالفوضى "ستأكل إسرائيل والمصالح الأميركية في نهاية المطاف".