روسيا وإيران.. هل تمثلان أزمة للاقتصاد التركي؟

21 أكتوبر 2018
الليرة التركية بدأت تستعيد عافيتها(Getty)
+ الخط -

لم يتحسن سعر صرف الليرة التركية، بالقدر المتوقع على الأقل، خلال الشهرين الفائتين، رغم عشرات الإجراءات الحكومية ورفع سعر الفائدة من المصرف المركزي، لكنها، بدأت تستعيد عافيتها، مذ لاح اتفاق تركي أميركي حول إطلاق سراح القس روبنسون، حتى قبل إصدار المحكمة القرار.

واستمرت الليرة بالتعافي، بعد الإفراج عن روبنسون، لتقترب، مما يصفه كثيرون بالسعر الحقيقي، 5.5 ليرات للدولار، مع إعلان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو خلال زيارته أنقرة، عن قرب رفع العقوبات الأميركية التي تم فرضها من واشنطن على خلفية قضية روبنسون، سواء من رسوم على الصادرات أو عقوبات على الوزراء.

في لفتة للوراء، وقت تعدى قبل شهرين، سعر اليورو 7.5 ليرات تركية والدولار 6.5 ليرات، لنسأل، ما هي المتغيرات الاقتصادية الحقيقية التي حدثت بتركيا منذ ذاك، لينتعش سعر الصرف على هذا النحو، نسبة وسرعة.

وهذا لا يعني البتة تجاهل الخطة الاقتصادية التي أعلنتها وزارة الخزانة والمالية أو إجراءات المركزي المتعددة أو حتى بيانات التجارة الخارجية ومؤشرات تراجع الدين الخارجي قصير الأمد.

بيد أن تلك المؤشرات الجيدة، لم تغب عن الاقتصاد التركي، منذ بدأت عملته بالتراجع منتصف 2012 وقت لم يزد سعر صرف الدولار عن 1.75 ليرة، بل أتت بعض المؤشرات، كسابقة ولأول مرة بتاريخ تركيا، إن السياحة عام 2014 أو نسبة النمو والصادرات العام الفائت.

في حين المستجد منذ خمس سنوات، هو تضارب المصالح التركية والأميركية، والسياسية منها على وجه الخصوص، سواء ما يتعلق بسورية والأكراد، قبل أن يتطور ويأخذ طابع "المصيرية" خلال شهر العسل الروسي التركي المستمر منذ ما بعد أزمة إسقاط الطائرة بشهر نوفمبر 2015.

هنا، أيمكننا القول، إن ما عانته تركيا كان سياسياً بامتياز، وإن الولايات المتحدة ونتيجة اختلاف الآراء والمصالح مع تركيا، كانت السبب الأهم، بتراجع سعر الصرف وربما تراجع الاستثمارات المباشرة، وإن كانت هجرة الاستثمارات الساخنة، قد طاولت معظم الدول الناشئة، وليس تركيا على وجه الخصوص.

إن انطلقنا من هذه الفرضية، والتي قد يخالفها البعض، لنسأل، ما هو مصير الليرة والاقتصاد التركي عموماً، إن عاد الوفاق بين أنقرة وواشنطن وزالت العقد من أمام منشار علاقاتهما؟!


سألنا هذا السؤال لنصل لأثر تحسن العلاقات التركية الأميركية، على العلاقات التركية الروسية، إذ ليس من سر، أن تركيا نقلت، خلال سني التوتر مع واشنطن، العديد من بيضها إلى السلة الروسية، بعد التوتر مع ألمانيا ودول أوروبية أخرى، والمواجهة مع واشنطن، سواء خلال عقود المفاعلين النوويين وشراء منظومة الدفاع "اس 400" أو باتفاقات تجارية وسياحية، ليصل الأمر للبدء بالتبادل التجاري بالعملات المحلية.

بمعنى بسيط، هل سيعود الاقتصاد التركي لأزمة جديدة، بعد التقارب التركي الأميركي، ومصدر التأزم هذه المرة إيران وروسيا خاصة، إذ إن طهران مصدر مهم للاستثمارات والنفط بتركيا وحجم التبادل بين أنقرة وموسكو أكثر وبكثير منه مع واشنطن، كما أن المشاريع المشتركة، من السيل التركي والمفاعلين النوويين والسياحة، يمكن أن تهز، بحال التوقف أو التراجع، الاقتصاد التركي، أضعاف ما تعرض له جراء النزاع مع الولايات المتحدة.

أم ترى تركيا قادرة على الجمع بين الأضداد، فتحافظ على علاقاتها، الاقتصادية على الأقل، بين قطبي كلا المعسكرين، وتتراجع عن التحالفات التي هددت عبرها خلال التأزم مع واشنطن، سواء ما يتعلق بانضمامها إلى مجموعة بريكس أو التبادل التجاري، بما فيه النفطي، بعيداً عن الدولار.

يبدو أن اختباراً جديداً ستخوضه تركيا واقتصادها بعد التقارب مع الولايات المتحدة وتهافت الأميركيين على السندات التي طرحتها أنقرة الأربعاء، لنرى درساً جديداً بالسياسة والاقتصاد والبراغماتيه التركية، التي نتمنى ألا تنعكس على الاقتصاد ومستوى دخل ومعيشة الأتراك... الذي تراجع وبشكل موجع، بالتزامن مع تراجع سعر صرف الليرة خلال الشهرين الفائتين.


المساهمون