شابيرو يحذر من "التداعيات الاستراتيجية" لمقتل خاشقجي على إسرائيل

شابيرو يحذر من "التداعيات الاستراتيجية" لمقتل خاشقجي على إسرائيل

19 أكتوبر 2018
+ الخط -
انضم سفير واشنطن السابق لدى تل أبيب، داني شابيرو، الذي يعمل اليوم باحثاً في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، إلى المحذرين من تداعيات جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، على العقيدة الاستراتيجية للولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط.

وأقرّ شابيرو بأن "لا أحدَ يصنع مع الآخر معروفاً في الشرق الأوسط، ولا شيء يقدم مجاناً، فالتحالف السعودي -الأميركي صمد على مرّ عشرات السنين من قمع الشعب السعودي من قبل الحكم، وأن بعض الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي بادر إليها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وخدمة الأهداف الاستراتيجية المشتركة، الهادفة إلى كبح العدوانية في المنطقة، لا تزال سارية وتخدم المصالح الأميركية، ولا ينبغي الاستخفاف بهذه المصالح، لكن اغتيال الخاشقجي، عدا عن كونه اجتيازاً للخطوط الحمر بانعدام أخلاقية القتل، يشير أيضاً إلى أنه لا يمكن الثقة بالسعودية تحت سلطة محمد بن سلمان كشريك استراتيجي".  

وبحسب شابيرو، الذي لا يخفي حرصه على مصالح دولة الاحتلال، فقد "سبق لابن سلمان أن أثبت عدم مسؤولية في تحديده استراتيجية المملكة العربية السعودية، إذ أدار الحرب ضد الحوثيين المدعومين من إيران، وسط تجاهل مطلق للمعاناة الهائلة التي سببتها الحرب للمدنيين في اليمن، تماماً مثلما انفجرت عملية إرغامه (رئيس الحكومة اللبنانية سعد) الحريري على الاستقالة من منصبه في وجهه".

واستعرض  شابيرو في مقالة في "هآرتس" سلسلة من "الأخطاء السياسية والاستراتيجية الفادحة" التي وقع فيها ابن سلمان، مثل الحصار الذي فرضه على قطر، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، مضيفاً أنه "الآن وقعت بأوامر من ولي العهد جريمة قتل فظيعة في وضح النهار، وكذب السعوديون بشأن ذلك لأيام على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وما زالوا يكذبون".

وإذ لم يستبعد شابيرو، وهو القادم من الحزب الديمقراطي الأميركي، ألا يكون أمر الجريمة غير مهم في نظر الرئيس ترامب، إلا أنه يقول إن ابن سلمان "لم يأخذ بالحسبان أنه في إصداره أوامر قتل خاشقجي، قد اجتاز حدود ما هو متاح ومقبول لدى الرأي العام الأميركي، وكلا الحزبين في الكونغرس الأميركي، ولذلك جاءت أشد الانتقادات للجريمة، بالذات من عضوي مجلس الشيوخ الجمهوريين ليندزي غراهام وماركو روبين".

وأشار سفير واشنطن السابق لدى تل أبيب إلى أن "مسألة القمع في النظام السعودي ليست بأمرٍ جديد، وأنه قد يكون بمقدور الجهاز السياسي الأميركي التسليم بالقمع، ما دام هذا القمع بعيداً عن الأنظار. لكن محمد بن سلمان أخطأ في حساباته، عندما لم يدرك أن خطف وتقطيع جثمان صحافي مقيم في الولايات المتحدة، كان كل جرمه التعبير عن آرائه، يتجاوزان ببساطة كل ما يمكن للأميركيين أن يتحملوه".

وبحسب شابيرو، فإن غياب إدراك ابن سلمان هذه العوامل وغيرها في ما يتصل بالتطورات الدولية، يطرح تساؤلات بشأن قدراته ومصداقيته، ويوفر أجوبة قاطعة بشأن مدى أخلاقيته.

وبالنسبة إلى إسرائيل، يرى شابيرو أن هذه القضية القذرة، كما يصفها، تدل على أنه لا يمكن اعتماد أسس ثابتة للواقع الشرق أوسطي الجديد الذي سعت إسرائيل إلى تكريسه، على أساس إقامة تحالف سني - إسرائيلي تحت مظلة أميركية، لكبح جماح إيران و"الجهاديين" السنة.

ورأى شابيرو أن على إسرائيل أن تحذر في تخطيطها لخطواتها القادمة، فلا شك أن الولايات المتحدة سترد على اغتيال خاشقجي، حتى لو عارضت إدارة ترامب ذلك، لافتاً إلى أنه "صحيح أن الرد الأميركي لن يفكك التحالف بين الرياض وواشنطن، لكن الازدراء المتعاظم لدى الجمهور والكونغرس تجاه المملكة سيجبي منها ثمناً".

وبحسب رأيه، فإن لإسرائيل مصلحة واضحة في بقاء السعودية حليفة للولايات المتحدة، وذلك لضمان مواجهة أفضل ضد إيران، لكن على إسرائيل أن تمتنع عن أن تكون مروجاً لمحمد بن سلمان في واشنطن، "فبالرغم من أن الحاجة للتنسيق بين إسرائيل وشركائها في المنطقة لا تزال ماسة، إلا أن هناك مخاطرة جديدة تهدد المسّ بصورة إسرائيل، في حال أبقت على علاقات وثيقة مع السعودية".  

ويخلص شابيرو إلى القول إن لقضية اغتيال خاشقجي تداعيات ربما هي أخطر من جريمة القتل، وهي أن تنشأ حالة من المساواة، وربما التعادل، داخل الإدارة الأميركية والكونغرس، بين معارضي إيران ومعارضي ابن سلمان.