شبح "كورونا" يصل الأردن

28 ابريل 2014
كورونا يصل الأردن (GETTY)
+ الخط -

 

 

التهاب في الحلق وسعال شديد، عَارضان يمكن من خلالهما توصيف الأنفلونزا، إلا أن انتشار حالات الإصابة بفيروس "كورونا" جعلت تجربة الشاب الأردني عبد العزيز (26 عاماً) مرعبة، على حد وصفه. وهو ما تطلب التوجه إلى مستشفى الأمير حمزة شمال العاصمة الأردنية لإجراء الفحوصات، وعند وصوله تعامل الأطباء مع حالته المرضية بجدية وعزله إلى أن تبين عدم إصابته بالفيروس.

حالة القلق التي انتابت "عبد العزيز" لها ما يبررها، فحسب منظمة الصحة العالمية ينتمي فيروس كورونا إلى سلالة فيروسات مسؤولة عن صعوبة التنفس (اس.ار.ايه.اس)، والتي أسفرت عن وفاة 800 شخص عبر العالم خلال تسع سنوات.

ووفق وزارة الصحة الأردنية تم رصد ظهور فيروس "كورونا" في المملكة في مطلع أبريل/ نيسان 2012، بعدما أصيب 11 شخصاً من الكادر الطبي في مستشفى الزرقاء الحكومي بالتهاب رئوي حاد مفاجئ، وأطلق الإعلام الأردني اسم "المرض الغريب" على الحالة المرضية التي صاحبت المصابين وذلك لعدم قدرة الأطباء على تشخيص المرض بشكل صحيح، وفي 19 أبريل/ نيسان توفيت إحدى المصابات بالمرض دون معرفة السبب الحقيقي، وبعد أسبوع من وفاتها توفي شخص آخر من الحالات المصابة.

تكرار حالة الوفاة بين المصابين جعل وزارة الصحة الأردنية تتخبط في تصريحاتها الرسمية حول أسباب الوفاة، ففي بداية الأمر أكدت الوزارة أن المرضى الـ 11 مصابون بالتهاب رئوي حاد، وبعد حالتي الوفاة، بدأت الوزارة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية تكثيف بحثها حول ماهية المرض.

حالات الوفاة التي تصاحب أعراض الإصابة بفيروس كورونا والتي بدأ اكتشافها في السعودية كانت سبباً في حرص "عبد العزيز" على الالتزام بتعليمات الأطباء وإجراء كافة الفحوصات، والربط بين انتشار الفيروس في الأردن والسعودية يوضحه وزير الصحة الأردني السابق عبد اللطيف وريكات في تصريح لـ "العربي الجديد" قائلا: "بعد إعلان منظمة الصحة العالمية في شهر يوليو/ تموز 2012 عن اكتشاف فيروس كورونا في السعودية، تبين أن أعراض الفيروس المُكتشف، مشابهة لأعراض المرضى الــ11 الذين توفي منهم اثنان في الأردن، لذلك قامت وزارة الصحة بإرسال عينات مخبرية خاصة بحالتي الوفاة إلى مختبرات "البحرية الأمريكية" التي أكدت أن العينات مصابة بفيروس كورونا الشرق الأوسط".

كانت الحالتان السابقتان هما الحالات الأولى التي تعلن عنها وزارة الصحة الأردنية، لكن ما يثير الجدل هو عدم إفصاح الوزارة عما إذا كانت الحالات التسع الأخرى مصابة بالفيروس أم لا، خاصة وأنهم جميعا كانوا يعانون من نفس الأعراض وفي نفس القسم ونفس الوقت.

وفي مقابلة مع مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة الدكتور سيد البشير أوضح بدوره أن عدد الحالات التي تعترف وزارة الصحة بإصابتها هي خمس حالات فقط وقعت بالتسلسل التالي: ممرضة وشاب جامعي يعملان في مستشفى الزرقاء الحكومي توفيا في أبريل/ نيسان 2012، ومواطن عائد من السعودية توفي في شهر فبراير/ شباط الجاري، ومواطن معتمر عائد من السعودية شفي في شهر أبريل/ نيسان الجاري، وشاب سعودي (25 عاماً) تم اكتشاف اصابته شهر أبريل/ نيسان الجاري أيضاً.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن آخر إحصائية حول انتشار فيروس كورونا الشرق الأوسط، تم رصد ها في الفترة من أبريل/ نيسان 2012 وحتى 19 نيسان/ أبريل 2014 تضم 362 حالة، ونسبة الوفيات فيها 32 بالمئة من المرضى.

من جهته أكد الدكتور محمد العبدللات، مدير دائرة الأمراض السارية في وزارة الصحة الأردنية، أن الوزارة قامت بتفعيل نظام الرصد الصحي في المملكة، حيث يتواجد حاليا مراكز رصد في مختلف المناطق. "والدليل على قوة الخطة المتبعة من قبل الوزارة، رصدنا خلال اليومين السابقين حالة التهاب رئوي غير مفسرة لشاب سعودي في الخامسة والعشرين من العمر، وعند إجراء الفحوصات الطبية المكثفة، تبين أن الشاب مصاب بفيروس كورونا".

ويضيف العبدللات أن دائرة الأمراض السارية قامت بالتعميم على جميع مستشفيات المملكة للإبلاغ عن أي حالة إصابة بالالتهاب الرئوي غير المفسر، إضافة إلى قيام دائرة الأمراض السارية بفحص جميع المواطنين والكوادر الطبية التي يخالطها المريض، تجنبا لحدوث عدوى بالفيروس.

وحول الاستعداد لعلاج الحالات المصابة يؤكد الدكتور عصام شريدة مدير مستشفى البشير الحكومي في العاصمة عمان أن هناك علاجاً متوفراً للفيروس في مستشفيات وزارة الصحة الأردنية، ما يمكنهم من التعامل مع الحالات المرضية وفق إجراءات علاجية يخضع لها المريض أثناء عزله داخل المستشفى، ويكمل البشير "أي حالة مصابة بالكورونا قد تتمكن من العلاج، إلا أن الحالات شديدة الإصابة، والمرضى الذين يعانون من نقص في المناعة، أو الشيخوخة، أو السكري، أو أي من الأمراض المزمنة، جميعهم قد يواجهون صعوبة في التجاوب مع العلاجات لضعف جسد المريض الذي يتمكن الفيروس منه خلال فترة قصيرة".

حالة الحذر من انتشار الفيروس تلمسها فور وصولك مستشفى البشير حيث يتعامل الأطباء الذين يباشرون حالات الالتهاب الرئوي بحذر شديد، فضلاً عن عزل المريض وإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، ولكن وبحسب الدكتور عاصم أحد الأطباء المناوبين فإن فيروس "كورونا" لا يسبب قلقاً للمستشفى، ولا يوجد داع للهلع طالما يقوم جميع الأطباء بأخذ الحيطة والحذر بالتعامل مع الحالات المشكوك بإصابتها بالفيروس.

بدورها أشارت المديرة الإعلامية في مكتب منظمة الصحة العالمية في عمان ليان الكندي مع وزارة الصحة الأردنية بما يخص فيروس كورونا، وإن المنظمة تطلع وبشكل دوري على جميع السجلات البحثية التي تقوم بها الوزارة، حيث قامت منظمة الصحة العالمية مؤخراً وبالتعاون مع وزارة الصحة الأردنية بجولات مكثفة شملت عدة مناطق في المملكة قاموا خلالها بإجراء العديد من الأبحاث والفحوصات للتأكد من عدم انتشار المرض.

من جهتها أعلنت وزارة الصحة الأردنية عن جاهزيتها للكشف والتعامل مع أي إصابة محتملة، وطلبت من المواطنين في حال الإصابة بالإلتهاب الرئوي، أو أي من مشاكل الجهاز التنفسي، التوجه إلى المستشفيات لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة.

المساهمون