عناوين الصحف البريطانية: "جهاديون" يعيشون بيننا

26 اغسطس 2014
مواجهة الخطر الذي يشكله "الجهاديون" هيمنت على الصحافة البريطانية
+ الخط -
هيمن موضوع "الجهاديين" على واجهة الصحف البريطانية في الأيام الاخيرة، وأرسل إنذاراً بخطر متوقع لا يزال بعيداً، لكن انتظار اقترابه يرفع حدة التوتر في وسائل الإعلام وبين الجمهور البريطاني.

فيديو ذبح الصحافي الأميركي الأخير جيمس فولي أطلق صفارة الانذار على مستويات سياسية واعلامية وشعبية، وكان قطع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اجازته داخل البلاد، عنواناً بحدّ ذاته تصدّر الصحف، ليوحي بأن الأمر خرج عن كونه خبراً مكرراً عن "داعش"، إلى موضوع ان "القاتل يعيش بيننا"، وذلك بعدما تبين ان الملثم الذي قام بذبح الصحافي الاميركي جيمس فولي، بريطاني الجنسية، بحسب ما كشفه الشريط عن لكنة شرق لندنية (حيث تسكن اغلبية من أصول إسلامية باكستانية وبنغلاديشية) مختلطة مع الجاليات الأخرى.

حضور الجالية المسلمة في بريطانيا بات على المحك إذن، ولم يعد الأمر يتوقف على "اضبطوا أولادكم" كما في النداء الذي وجهته وزيرة الداخلية قبل فترة للامهات المسلمات، بعد أن اكتشف البريطانيون ان الخطر قد يصل الى رقبتهم في حال عودة هؤلاء الجهاديين الذين غادروا بريطانيا.

ومنذ بث شريط ذبح الصحافي فولي، يندر ان تخلو صحيفة يومية من موضوع يتحدث عن خطر داخلي (الجهاديين البريطانيين)، يجب تلافيه بفعل خارجي (الحرب على الارهاب)، اي ضرب قوات "دولة الاسلام في العراق والشام"، والحديث عن حرب اخرى في العراق واحتمال امتدادها الى سورية ام لا.

بعض الموضوعات ينشر داخلياً ويقتصر تأثيره على من يشتري الصحيفة ويقرأه، لكن الصفحات الاولى التي تقابل المتصفحين بأعينهم امام اكشاك الصحف هي الاكثر تأثيراً حين تعج بوجوه تغطيها اقنعة سوداء، أو رايات سوداء تظهر في الصور، مع اخبار عن قتل وذبح وأسر وقطع رؤوس.

على سبيل المثال، أفردت صحيفة تايمز الاثنين تقريراً على صفحتها الاولى من احد الخبراء في التصوير، يقول ان ذبح جيمس فولي ربما لم يتم فعليا كما شاهدناه في الفيديو، بل كان تمثيلاً. ولا يعني هذا انه لم يقتل لاحقاً بعد تصوير المقطع. واستشهد الخبير بأدلة، مثل، عدم ظهور دماء على رقبة جيمس عندما حزّ القاتل المكنى "جو"، بالسكين. كما ان احد المقاطع التي رددها فولي مختلفة عن غيرها، بما يعني انه تمت اعادة تسجيلها وانه كان يقرأ من نص مكتوب أمامه.

الموضوع الذي نشر على نصف مساحة الصفحة الاولى من صحيفة "تايمز"، تخترقه اشارة في منتصفه تقود الى تقارير اخرى نشرت في الصفحات الداخلية. وفي واحدة منها يتتبع التقرير السيرة الذاتية لسبعة اشخاص بريطانيين ذهبوا الى سورية للجهاد، ويناقش امكانية ان يكون احدهم هو "جون". الصحيفة تفتح ملف المجاهدين والصعوبات التي تواجهها السلطات في بريطانيا لمنع الشباب المسلم من الذهاب الى سورية (بعضهم تحول الى الاسلام اخيرا). ومن الطرق الملتوية التي كشفتها الاستخبارات، الذهاب اولا الى المانيا وقضاء عدة ايام هناك، ثم حجز تذكرة الى تركيا ومنها الدخول الى سورية او العراق، والبعض الآخر يذهب أولاً الى بنغلاديش وباكستان ويوهم عائلته بأنه ذاهب لزيارة الاهل.

ومن قراءة التقارير الكثيرة المنشورة في "تايمز"، يبدو من الواضح ان هناك تفكيكا لمجموعات جهادية تكونت في بريطانيا، مثل "راية التوحيد"، مع الوصول الى هواتف واجهزة كمبيوتر بعضهم وفك شفرة رسائل متبادلة بين هؤلاء الشباب واشخاص آخرين.

وفي افتتاحية الصحيفة إشارة الى أن بريطانيا أصبحت "مفرّخة للإرهابيين الذين يقومون بتجنيد آخرين لاحقاً". وهذا يعني مواجهة الخطر الأمني الذي يشكله هؤلاء الجهاديون عند عودتهم إلى بريطانيا. وطالبت الافتتاحية بضرورة سن قوانين جديدة لمواجهة الخطر الأمني على المجتمع البريطاني.

وعلى الصفحة الاولى في "ديلي تلغراف" تعليق طويل من الصحيفة على مقال رئيسي في صفحة الرأي كتبه عمدة لندن بوريس جونسون، يشير الى المرحلة المقبلة في التعامل مع ابناء الجالية المسلمة. يقول بوريس: استمعت الى قاتل جيمس فولي وعرفت لهجته البريطانية. إذن هو تعلم في مدارسنا وولد في ظل نظامنا الصحي، وعلى الاكثر فقد استفاد وعائلته من نظام الرعاية الاجتماعية، ثم قرر أن يسدد لنا الثمن، بأن ينغمس بالبريرية وان يقتل صحافياً بريئاً".

تأثير مقالة عمدة لندن يزداد اذا قرئت المقالة مع الكاريكاتير المنشور أعلى الصفحة، ويُظهر جهاديين مقنعين يقطعون الشارع وسيارة شرطة بريطانية متوقفة بينما يطل شرطي برأسه من نافذتها والجميع ينتظر السماح لهم بالمرور.

صحيفة "ذي جارديان" ابرزت على صفحتها الأولى، تصريح سفير بريطانيا لدى الولايات المتحدة، الذي يقول ان الجهات الامنية اقتربت من التعرف إلى الشخص الذي ظهر في الفيديو يذبح فولي، اعتماداً على تقنيات صوت متقدمة.

وكان عنوان "التهديد الجهادي الجديد لشوارعنا" أقوى عناوين الصفحات الأولى المثيرة للمخاوف من الجهاديين، وجاء من صحيفة "ديلي اكسبرس" الشعبية، وقد منح العنوان مساحة اكبر من النص نفسه. واعتمد الموضوع على تصريحات وزير الخارجية فيليب هاموند، الذي حذر من ان الجهاديين سيضربون على الارض البريطانية قريبا ان لم يتم ايقافهم بسرعة.

وذكّرت الصحيفة بما نشرته قبل ايام من أن ما لا يقل عن 1000 شخص يُخشى من عودتهم الى بريطانيا، ويتوقع ان ينقلوا العنف اليها، وانه يجب سحب جوازات سفرهم، بحسب مطالب شخصيات مرموقة، الا ان بعض الجهات الامنية ترفع سقف العقوبات الى حدّ منعهم من العودة إلى البلاد أساساً. 

المساهمون