عن أي اقتصاد يتحدثون؟

06 سبتمبر 2018
+ الخط -
انطلقت في القاهرة فعاليات المؤتمر السنوي لليورومني المقام تحت عنوان "الاستقرار في الاقتصاد المصري وفرص الاستثمار"، بمشاركة أربعة وزراء من المجموعة الاقتصادية، ووسط حضور رجال أعمال وخبراء وباحثين من مختلف المراكز والمؤسسات المالية والاقتصادية المحلية والدولية.وقالت، فيكتوريا بين، مدير عام منطقة الشرق الأوسط في مؤسسة اليورومني، في كلمتها الافتتاحية، إن 2018 كان من الأعوام الاقتصادية الصعبة على صناع القرار، بسبب ارتفاع التضخم والبطالة في دول عديدة، مؤكدة أن مصر على الرغم من ذلك، قدمت أداء اقتصاديا جيدا، وجاء أداء أسواق المال متميزا، وجذبت استثمارات جديدة تقدر بـعشرة ملايين دولار في شهور قليلة. وأضافت أن الاقتصاد المصري يحتاج مرونة أكبر وزيادة الاستثمارات وتعزيز القدرة على توليد فرص العمل، مشيرة إلى دور المؤتمر في التواصل بين الحكومة ومجتمع الأعمال، لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى القرارات الاقتصادية الملائمة، والداعمة للنمو الاقتصادي.
ومن هنا نقول: عن أي اقتصاد تتكلم السيدة فيكتوريا؟ عن أي الإستثمارات تتحدّث؟ وكيف استطاعت بمفهوم الإستثمار أن تنطق هذا الرقم الهزيل (10 مليون دولار) على أنه جذب إستثماري؟ وما هو دور مؤسسه اليورومني حتى الآن؟ كالمعتاد أصبح للمؤتمر من يروجه بالطبل والزمر، تحت اسم خبراء اقتصاد! ولكن هم في الحقيقة يندرجون تحت اسم (السبوبة)، يخرجون علينا بمقالات ولقاءات، يستعرضون فيها عن تفاؤلهم الكبير بشأن انعقاد مؤتمر اليورومني في مصر هذا العام، مؤكدين اختلافه عن العام السابق، وأن المؤتمر فرصة جيدة لترويج الاقتصاد وجذب رؤوس أموال جديدة، ولجذب مزيد من الشركات الجديدة إلى السوق، إضافة إلى ترويج الإصلاحات التى قامت بها الدولة خلال الأعوام الماضية، والتسهيلات والحوافز والتشريعات التى أقرّتها الدولة أخيرا. وما يثير العجب والدهشة أنهم سيأتون العام المقبل، يرددون العبارات نفسها، بجملها وفواصلها، متناسين أنهم ردّدوها في العام الماضي!
من منّا لا يتذكر ريتشارد بانكس مستشار التحرير ورئيس مؤتمرات اليورومني في دورته الـ 20 سبتمبر 2015، التي كانت تحت عنوان "تمويل المستقبل"، عندما قال: "مصر دولة هامة جداً بالنسبة ليورومني، كما أن يورومني هامة بالنسبة لمصر، فعلى مدار العشرين عاماً الأخيرة، شرحنا للعالم جميع المزايا الرئيسية للاستثمار في مصر، ونتطلع خلال العشرين عاماً المقبلة القيام بالشيء نفسه بكل حماس وتفاؤل"، حيث كان موضوع المؤتمر الأهم وقتها ملف قناة السويس الجديدة وسبل تمويل مشروعات التنمية في منطقة المحور والمناطق الصناعية المزمع إنشاؤها على جانبي القناة، والشراكة مع القطاع الخاص، والقطاع العقارى والإنشاءات والبنية التحتية، وبدائل تمويل الاقتصاد المصري، سواء بالاستثمار الأجنبي المباشر أو أدوات الدين الحكومية والقروض... فمن تابع وراقب وجد أنه، بعد مرور أربع أعوام، لم يتحقق شيء من تلك الموضوعات، اللهم إلا الاستثمار في أدوات الدين الحكومية، والاقتراض الخارجي، لتغرق البلد في مستنقع الديون المحلية والدولية، ليتعدّى الدين العام الناتج المحلي الاجمالى بنسبة 113%، لتتسع حجم الفجوة التضخمية، وتكون سببا رئيسيا في فشل السياسات النقدية والمالية للحكومة في علاج الآثار الناجمة عن الضغوط التضخمية في الاقتصاد، حيث فشلت في رفع مستوى معيشة الأفراد، وفي تنمية المدخرات المحلية، وفي تنمية الصادرات الوطنية، وفي علاج الإختلالات فـي هيكـل الاسـتثمار .
وجدت هذه المؤتمرات من أجل بقاء والحفاظ على مصالح المحتكر الأجنبي، حيث تقام سنويا بهدف تقييم ما قامت به وتقدمه البورجوازية من خدمات للمحتكر، بالاستحواذ أوالاندماج للشركات، وإفشال مشروعات عامة كانت تقام لخدمة المواطن، بالإضافة إلى تقييم دورها في هدم البنية التحتية لما تبقى من شركات ومشروعات القطاع العام المصري، تمهيدا للإستحواذ عليها، أو كما يحدث في طرح أسهمها في أسواق المال، فمصر تحتاج مؤتمرات حقيقية وجادة ليست وهمية، تأتي باستثمارات جديدة، تضيف إلى طاقتنا الإنتاجية، وليس استحواذا واستيلاء على ما هو قائم من مشروعات. نريد مؤتمرات تساعد على إيجاد مستثمر في قطاع الصناعة والإنتاج، لا نريد طرد رؤوس الأموال الأجنبية أو تقيد حركتها ووضع القيود والقوانين التي تحد من توسعها أو استثمارتها في بلادنا، بل نريد منها الدخول والاندماج مع رؤوس الأموال الوطنية، من دون أي امتيازات احتكارية، لتكون جزءا من حركتها الصاعدة نحو النمو والتوسع وزيادة المشروعات وازدياد الخبرة وفتح الأسواق.
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
أحمد البهائي (مصر)
أحمد البهائي (مصر)