هل لديك شغف بشيء معيّن ترغب في تعلّمه؟ هل ترغب في تعلّم شيء جديد يفتح لك آفاقا جديدة في عملك؟ هل لديك موهبة تود أن تصقلها؟ إذا كانت إجابتك بنعم فأنت تبحث عن الطريقة المثلى لتتعلم شيئا جديدا. لكن كم يستغرق ذلك الأمر؟
عشرون ساعة فقط! هذا ما يتطلبه الأمر لتعلُّم شيء جديد، كتحدث لغة أخرى، أو العزف على آلة موسيقية، أو تعلّم البرمجة، أو ممارسة رياضة، أو تعلّم لعبة الشطرنج، أو أي شيء آخر. فتلك السويعات المعدودات تمثل وقتا كافيا لممارسة ذلك الشيء بشكل معقول وبإجادة مناسبة، حتى لو لم تكن تفقه عنه شيئا من قبل. ولكن كيف يمكن القيام بهذا الأمر؟
وفقا لجوش كاوفمان، في كتابه "العشرون ساعة الأولى: كيف تتعلّم أي شيء بسرعة"، فإن استراتيجية التعلّم السريع تتضمن أربع خطوات رئيسية:
الخطوة الأولى: اختر شيئا لتتعلّمه، ثم قم بتفكيكه
ما هو الشيء الذي ترغب في تعلّمه؟ هذا هو السؤال الأول الذي يجب أن تطرحه على نفسك. بالطبع يجب أن يكون شيئا تمتلك شغفا بشأنه أو لديك سببا مهمّا لتتعلمه. اختر شيئا واحدا فقط ترغب في تعلّمه، ولا تقم بتشتيت نفسك بتعلّم أكثر من شيء واحد في الوقت ذاته.
بعد أن اخترت ما ترغب في تعلمه، قم بتحديد أهدافك وما تحاول الوصول إليه بالضبط. مثلا إذا قررت تعلم اللغة الألمانية، حدد المستوى الذي تريد أن تصل إليه، هل تطمح في ممارسة اللغة بإتقان أم مجرد إجراء محادثات بسيطة. إن تحديد أهدافك سيساعدك على التركيز في ما تحتاجه فقط، وبالتالي تقليل وقت التعلم.
قم بتفكيك ما ستتعلمه إلى أجزاء أصغر، فأي شيء تود تعلمه يتكوّن من وحدات أصغر وأبسط. ويكمن السر في عملية التعلم السريع هو تحويل ذلك الشيء الذي يبدو كبيرا ومعقدا إلى أجزاء صغيرة يمكن تعلم كل جزء منها بسهولة.
الخطوة الثانية: ابدأ التعلّم، اكتشف أخطاءك، ثم قم بتصويبها
بعد أن حددت ما ترغب في تعلمه، وقمت بتفكيكه، ابدأ مرحلة التعلّم. حاول أن تستكشف الطريقة المثلى التي تتعلم بها. فهل أنت شخص بصري يتلقى المعلومة عبر الرؤية، أم شخص سمعي يتعلم عبر السماع، أم شخص حركي يتعلم عبر التجربة. ويمكن تحديد نمط التعلم الخاص بك من خلال بعض الاختبارات البسيطة المتوفرة على الإنترنت.
اقرأ أيضا: مهارات التعليم في القرن الواحد والعشرين
قم ببحث موسّع عما ستتعلمه لتحدد المصادر التي ستتعلم عبرها والملائمة لنمط تعلّمك. هذه المصادر قد تشمل أي شيء، مثل حضور فصول دراسية ودورات تدريبية، أو قراءة الكتب، أو التعلم عبر الإنترنت، أو حتى نصيحة أشخاص لديهم خبرة بالموضوع.
الأمر الأكثر أهمية هو اكتشاف الأخطاء وتصويبها. فتحديد الأخطاء التي ترتكبها أثناء تعلم شيء جديد والعمل على تصويبها سيمكّنك من تحسين مستواك والتقدم إلى الأمام بشكل سريع.
الخطوة الثالثة: قم بإزالة عقبات التعلّم
كثيرا ما نقوم بعقد النية على تعلم شيء جديد ثم تكون المحصّلة لا شيء، والسبب في ذلك وجود ثلاث عقبات رئيسية ينبغي القضاء عليها.
العقبة الأولى: عدم توافر مصادر ووسائل التعلّم، فمثلا إذا كنت ستتعلم البرمجة عبر الإنترنت، فبالطبع يجب أن تمتلك حاسوباً متصلاً بالإنترنت بالإضافة إلى البرامج اللازمة للبرمجة.
العقبة الثانية: التشتيت، إن تعلّم شيء جديد يتطلب قدرا عاليا من التركيز، لذا ينبغي تجنب مشاهدة التلفاز، أو تلقي المكالمات عبر هاتفك المحمول، أو تفحّص التنبيهات الواردة من مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك خلال عملية التعلم.
العقبة الثالثة: المعوّقات العاطفية، مثل الخوف، والكسل، وغياب الدافع للتعلم والإنجاز، والتأجيل والتسويف. إن كل تلك الأحاسيس تعد طبيعية للغاية، فتعلم شيء جديد ليس بالأمر الهيّن. لكن لا ينبغي أن تسمح لتلك المشاعر بالسيطرة عليك، وتذكر دوما الهدف الذي تسعى لتحقيقه وما سيعود عليك من تعلم شيء جديد.
الخطوة الرابعة: تعلّم لمدة عشرين ساعة على الأقل
قم بالالتزام لمدة عشرين ساعة على الأقل في عملية التعلم، لا تتعلل بأنك لا تمتلك وقتا فكل واحد منا يمتلك 24 ساعة أو ما يوازي 1440 دقيقة كل يوم، وتخصيص وقت ثابت للتعلم والتدرب والممارسة لمدة 45 أو 60 دقيقة فقط يوميا سيجعلك تتعلم شيئا جديدا في غضون شهر واحد على الأكثر.
وأخيرا، فإن رحلة تعلّم شيء جديد في عشرين ساعة فقط يمثل تحديا خاصا للارتقاء بالنفس وتطوير الذات. والشيء الأكيد أن تعلّم شيء جديد يعد بفتح آفاق جديدة ويضيف إلى حياة المرء أبعادا جديدة ولا ينتقص منها.
* أكاديمي بمجال التواصل العلمي بجامعة إدنبرة بالمملكة المتحدة، وكاتب مستقل.
اقرأ أيضا:
المجرة الحلزونية.. نظرة إلى تدريس العلوم في مصر
لماذا تكثر أسئلة الطفل المحرجة قبل المدرسة؟
5 خطوات لإنشاء خطة مذاكرة فعالّة
عبد المؤمن... كيف جعلته أمه عالماً صغيراً؟
كيف تجهز ابنك لعصر الابتكار؟
تعليم ابني.. هكذا اتخذت قراري
تعليم العقل... اليد... والروح