كيف نبعد جيلاً كاملاً عن الفشل؟

كيف نبعد جيلاً كاملاً عن الفشل؟

23 يوليو 2016
دعم ومساندة الوالدين يسهم في بناء الشخصية الناجحة (Getty)
+ الخط -
بالتأكيد، يعد من أهم الأسئلة وأفضلها على الإطلاق. كيف ينجح الأطفال؟ تم نشر هذا الكتاب "How children succeed" في أواخر عام 2012، حيث قدم مؤلف الكتاب "بول تاف" نظرة جديدة وشاملة لهذا الموضوع الهام. فهو يحاول الإجابة على العديد من الأسئلة. من ينجح ومن يفشل؟ لماذا يتألق بعض الأطفال بينما يضل البعض الآخر الطريق؟ وماذا يمكننا فعله لنبعد طفلًا ما (أو جيلًا بكامله) عن الفشل أو نقربه للنجاح؟


الاتجاه الخاطئ

إحدى الإجابات الخاطئة على سؤال "كيف ينجح الأطفال" كانت أن نجاح الأطفال مبني على قدراتهم العقلية والإدراكية وكم المعلومات التي يعرفونها. وبناء على هذه الفرضية – والتي لم تكن مثبتة بشكل علمي – تم تطوير العديد من المناهج التي تساعد على حشو عقول الأطفال منذ الصغر بالمعلومات والكلمات الجديدة.

أحد الاتجاهات الخاطئة الأخرى، ما أثبتته البحوث حول برنامج GED (برنامج التنمية التعليمية العامة)، والذي نظمته الولايات المتحدة الأميركية منذ التسعينات وحتى الآن، وهو

برنامج يوفر للطلاب فرصة أن يتخطوا مرحلة الدراسة الثانوية إلى الجامعة مباشرة إذا نجحوا في أحد الاختبارات. وقد أقبل العديد من الطلبة على هذا البرنامج، حتى أن الاحصائيات في عام 2001 أثبتت أن 20% من خريجي المدارس الثانوية هم من خريجي هذا البرنامج.

قام باحث علم النفس "جيمس هاكمان" بالبحث في هذه المسألة. وبعد تتبع الأرقام، وجد هاكمان أن 3% فقط من حاملي البرنامج في سن الـ 22 لازالوا مشتركين في أحد البرامج الجامعية أو حصلوا عليها بالفعل، بينما ترك الآخرون الدراسة. في الجهة المقابلة، كانت النسبة هي 46% لخريجي المدارس الثانوية.

وبعد البحث، وجد هاكمان أن خريجي المدارس الثانوية أظهروا بعض الصفات الشخصية مثل الإصرار والصبر على فعل الأشياء المملة والصعبة، والقدرة على تأخير الشعور بالرضا حتى النهاية. بينما وجد أن الحاصلين على البرنامج GED على الرغم من أن قدراتهم العقلية مساوية تمامًا لنظرائهم من خريجي المدارس الثانوية، إلا أنهم لم يمتلكوا مثل هذه الصفات.
 

كل هذه وغيرها من الأبحاث، أثبتت أننا بالفعل نحاول الإجابة على سؤال "كيف ينجح الأطفال"، ولكننا نحاول في الاتجاه الخاطئ.



ما هي الصفات التي تساعد على نجاح الأطفال؟

في الفترة الأخيرة، ظهر جيل جديد من الباحثين يهتم بالبحث عن الجوانب الشخصية التي تؤثر في نجاح الأطفال. تتمثل معظم هذه الصفات في طريقة تعاملنا مع المواقف الصعبة وضغوطات الحياة اليومية و

وهذه بعض الصفات المهمة التي ورد ذكرها في الكتاب:


  1. التفاؤل المتعلّم:يقول مارتن سليغمان – أستاذ علم النفس بجامعة بنسلفانيا – في كتابه التفاؤل المتعلم، إن التفاؤل مهارة يمكن تعلمها. تتمثل هذه المهارة في التغلب على الإحباط عن طريق إعادة صياغة المواقف السلبية التي تحدث لك. وبهذا، يمكن دائمًا إيجاد الجانب الجيد في الأمور. مثال على هذه المهارة: أن يتعثر الطالب في أحد الامتحانات فيرجع ذلك إلى عدم الاستعداد الجيد بدلًا من إرجاعه لقدراته العقلية الضعيفة. يحاول المتفائلون دائمًا العثور على سبب محدد وقصير المدى لفشلهم، وبهذا يمكنهم دائمًا النهوض من الفشل وإكمال الحياة.

  1. التحكم في الذات وقوة الإرادة: أحد أشهر الاختبارات هو اختبار المارشميلو لوالتر ميشيل – أستاذ علم النفس بجامعة ستانفورد – حيث قام بوضع مجموعة من الأطفال في غرفة مغلقة وعرض عليهم أن يأكلوا قطعة من حلوى المارشميلو أو أن ينتظروا لمدة معينة دون أكلها، ثم يمكنهم الحصول على قطعة إضافية. وبتتبع بيانات هؤلاء الأطفال، وجد د.ميشيل أن الأطفال الذين أظهروا قدرة على التحكم في النفس أصبح لهم مستقبل أفضل من حيث إنهاء الجامعة والحصول على وظيفة، بينما الأطفال الذين أكلوا على الفور لم يبلوا بلاءً حسنًا في المستقبل. 



  1. الاجتهاد والإصرار: يضم هذا البند العديد من الصفات التي يجب أن يتحلى بها الأطفال مثل تحديد الأهداف، الأخذ بالمخاطر، الإصرار على الوصول للهدف.



دور الوالدين في إعداد شخصية أبنائهم

الوالدان هما العامل الأول في تربية أبنائهم وبناء شخصياتهم بشكل سليم يساعدهم على

النجاح. تشكل السنين الأولى من العمر وحتى انتهاء عمر المراهقة فترة مثالية لتكوين

الشخصية. ومن الاكتشافات المميزة جدًا أن الصفات الشخصية مرنة جدًا ويمكن تعديلها بعكس الاعتقاد السائد أن المرء يولد بشخصيته ويبقى على ما هو عليه. وقد أثبت علماء الأعصاب أن العلاقة والاهتمام الذي يعطى من جانب الوالدين يكون له أثر بيوكيمائي وليس مجرد أثر نفسي أو عاطفي. من المهم جدًا أن يتعلق الأطفال بأبويهم، ولكن يجب أن تترك لهم فرصة تجربة الأشياء والفشل، وعند الفشل يظهر دور الوالدين في مساعدة أبنائهم على مواجهة الضغط وتحويل الفشل إلى فرصة للتعلم ونمو الشخصية في هذا الإطار.


دور المدارس في تنمية الشخصية

تهتم العديد من المدارس الآن بتخصيص وقت لتنمية الشخصية. قد يتم تدريس الشخصية كمادة ومنهج منفصل، وقد يكون التدريس ممزوجًا في أحد البرامج الأخرى.

أحد الأمثلة المذكورة في الكتاب هي إحدى المدارس العامة في أحد أفقر الأحياء في مدينة بروكلين بنيويورك، التي استطاع طلابها الفوز ببطولة الولاية في الشطرنج لمدة 10 سنوات متتالية. هذا النجاح كان نتيجة لإصرار المدرسين على إعطاء الفرصة للأطفال وتشجعيهم على تجريب الخطأ مع إصلاحه. تم إصدار فيلم تسجيلي عن هذه المدرسة بعنوان "قلعة بروكلين". 

أحد الأمثلة الأخرى مدرسة KIPP – Knowledge is Power Program برنامج العلم قوة – والذي استطاع فيه المدرسون تأهيل الطلبة من أحياء فقيرة جدًا ومساعدتهم على دخول أفضل الجامعات في أميركا. يتميز أعضاء هيئة التدريس في هذه المدرسة بالاهتمام بتقوية الشخصية وإنشاء ثقافة من التنمية الشخصية والأكاديمية على حد سواء.


المساهمون