ماذا لو أصبح ميشال عون رئيساً؟

07 مايو 2014
+ الخط -
قبل البحث في سيناريو مماثل، لا بد أن ننتقل، هنيهةً، إلى تجربتين، تحمل كلٌ منهما دلالةً واضحةً في شكلها ومضمونها. تتعلق الأولى بتجربة "الإخوان المسلمين" في مصر، والثانية بوزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق.
انتظر "الإخوان" عقوداً مريرة ليحكموا مصر، واضعين في ركاب هذا الهدف كل غالٍ ونفيس، مرتكزين إلى تعبئة شعبوية، تستحضر، بشكل دائم، علاقة مصر بالولايات المتحدة وإسرائيل، لا سيما لجهة الحديث المتواصل عن ضرورة إلغاء معاهدة كامب ديفيد، وإغلاق السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وطرد السفير، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، فقد حكموا مصر، ولم يتغير شيء أقله على صعيد العلاقات الخارجية والمعاهدات الموقعة.    
نهاد المشنوق أحد  أكثر المتشددين تجاه حزب الله في تيار المستقبل وقوى 14 آذار. كانت له صولات وجولات في مقارعة هذا الحزب على الأصعدة كافة. ووصل الأمر إلى حد اتهام النائب نواف الموسوي له بالعمالة، في أثناء جلسات الثقة لحكومة نجيب ميقاتي. لم يترك موقفاً "يعتب عليه". كان السّباق دوماً إلى شحذ الهمم، ورفع المعنويات، وتسعير الخطاب بوجه حزب الله، لكنه ما أن شغل منصب وزير الداخلية، حتى أصبح مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، الحاج وفيق صفا، رفيقه الدائم ومساعده الأول.   
الشاهد من التجربتين، على الرغم من الفوارق، يتلخص بمحصلةٍ واحدةٍ، مفادها أن للموقع شروطه، وأن الإلتزام بها يفترض الإقلاع عن الشعبوية، والإنتقال إلى الواقع، فلا إمكانية لحكم مصر، انطلاقاً من الشعارات الرنانة، بل عبر العودة إلى ما تمليه المصلحة العليا للدولة. ينطبق هذا الأمر، أيضاً، على الوزير المشنوق ومن يقف خلفه.
بالعودة إلى السؤال المركزي، ماذا لو أصبح ميشال عون رئيساً؟
سيكون عون أمام خيارين لا ثالث لهما، أن يدير الأزمة وفق منطق أبو ملحم، وهذا ما لا يتقنه عون ولا يحبذه، أو أن يدير الدولة وفق شروط الدولة، ما يعني اصطداماً حتمياً بحزب الله.
فماذا لو كان عون رئيساً حينما أُرُديّ سامر حنا؟
ماذا لو كان عون رئيساً عشية السابع من أيار؟
ماذا لو كان عون رئيساً يواكب حرب تموز وإجتياح سوريا وحماية المراقد والأمن الذاتي والقمصان السود؟
ماذا لو كان عون رئيساً يتابع خطاب "القديسين الأربعة" أو محاضرة "الذهب والخشب"؟
ماذا لو كان عون رئيساً يتلقف الأخبار المرعبة عن شبكة سماحة – المملوك؟
ماذا لو كان عون رئيساً حينما تناثر جسد وسام الحسن فوق سطوح بيروت؟
ماذا لو كان عون رئيساً حينما سُرق شبلي العيسمي وجوزيف صادر من غرفة نومهما؟
بالإجابة عن هذه الأسئلة وبالإستناد إلى ما تقدم وبناءً على كافة المعطيات المتاحة نستطيع القول بأن ميشال عون الرئيس لا يشبه ميشال عون الذي عرفناه دوماً وأن وصوله إلى الكرسي الأول سيفرض تغيرات جذرية على مستوى الجمهورية برمتها وسيشكل بداية جديدة تُخرج البلد من عنق الزجاجة وتنقل المعركة إلى حيث يجب.

 

 

 

 

 

607E2EAD-7B79-43A0-9903-2FB14109BCEF
607E2EAD-7B79-43A0-9903-2FB14109BCEF
قاسم يوسف (لبنان)
قاسم يوسف (لبنان)