مسلسل المهلب... التاريخ ليس إرثاً لأحد

14 مايو 2018
يجسد شخصية المهلب الممثل السوري معتصم النهار (فيسبوك)
+ الخط -
باتت الأعمال التاريخية في كل عام، مثار جدل واسع منذ بداية الإعلان عنها وليس انتهاءً بالعرض. ورغم قلة عدد الإنتاجات التاريخية لهذا الموسم، إلا أن النيران اشتعلت قبل أيام من انطلاق شهر رمضان حول مسلسل "المهلب بن أبي صفرة".

عمليات تصوير المسلسل جرت كاملة في الساحل السوري، بعيداً كل البعد عن مسقط رأس المهلب، وهنا تكمن نقطة الخلاف. فالوالي الشهير في العهد الأموي، الذي تابع الفتوحات الإسلامية في منطقة خراسان، ينسب إلى قبيلة أزد اليمانية التي استقرت في منطقة "دبا" الواقعة على الحدود الإماراتية العمانية. وتنقسم السيطرة على دبا إلى جزأين، جزء تابع لمحافظة مسندم العمانية، والجزء الآخر لإمارة الفجيرة (دبا الحصن).

وما إن بدأت الإعلانات الترويجية للمسلسل المزمع عرضه على قناة أبوظبي، حتى بدأ السجال على منصات التواصل ولا سيما تويتر، والقضية الرئيسية تدور حول هوية المهلب؛ هل هي عمانية أم إماراتية؟ فسارعت سلطنة عمان إلى عقد ندوة علمية على مدار يومين جمعت فيها باحثين تاريخيين من دول عربية وأجنبية لمناقشة جذور المهلب التاريخية.

الاتهام العماني صدر على لسان عبد العزيز الرواس مستشار السلطان للشؤون الثقافية، قائلاً إن الندوة جاءت لوقف الاعتداء على الأسلاف وعلى تاريخ رجال عظام. في حين أكد المشاركون أن التاريخ ليس إرثاً لأحد، ولا يمكن تغييره وفق أهواء البعض. لكن الشخصيات تعود لأوطانها وانتمائها، وشخصية المهلب ستبقى رمزاً خالداً يفاخر بها العمانيون.

على الإنترنت، تصدر وسم هوية المهلب منصة تويتر في تراشق بين العمانيين والإماراتيين، حيث يتهم العمانيون القائمين على المسلسل بسرقة التاريخ العماني وتزييفه، وإرجاع نسب المهلب بن أبي صفرة للإمارات. أما المسلسل، فيعتمد على كتاب ألفه وزير الثقافة السوري الأسبق رياض نعسان آغا يحمل عنوان "المهلّب من دبا إلى مطلع الشمس"، وصدر الكتاب بدعم من هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام لإثبات نسب المهلب إماراتياً.



العمل الدرامي من تأليف محمد البطوش وإخراج محمد لطفي، أما البطولة فيتقاسمها منذر رياحنة، خالد القيش، ديمة قندلفت وفادي صبيح، بينما يجسد شخصية المهلب الممثل السوري معتصم النهار تحت شعار "سيرة ملهمة لسيد الحكمة والشجاعة". يذكر أن قناة أبوظبي فضلت مشروع "المهلب" درامياً على مسلسل "هارون الرشيد" الذي صور في الإمارات بعدما كثر الحديث عن دخول أبوظبي في خط إنتاجه، قبل أن تعلن القناة بشكل مفاجئ عن انطلاق عمليات تصوير "المهلب".

من ناحية ثانية، يبدو أن التوجه نحو "المهلب" جاء بعد عام من مسلسل "الإمام" الذي أنتجه تلفزيون قطر، وعدته دول الحصار عاملاً في التحريض للأفكار المطروحة فيه. فهل باتت الدراما التاريخية ساحة للنزاعات السياسية، خاصة بعد الجدل الأخير حول هيمنة إيران على قرار الرقابة السورية بمنع عرض مسلسل "هارون الرشيد" على القنوات المحلية.


وإذا ما استذكرنا الدراما التاريخية في أعوام سابقة، فنجد الانتقادات وجهت للمسلسلات بعد عرضها كسيرة الحسن والحسين و"أبناء الرشيد"، وغيرها من الأعمال التي ناقشت مراحل حساسة في التاريخ العربي والإسلامي، أما مؤخراً فتحول الجدل إلى قرارات سياسية ومنع للعرض قبل بداية بث المسلسل. فمن يقرر عن التاريخ من يرويه إذاً؟

دلالات

المساهمون