مضربون عن الطعام

07 يناير 2017
يطالبون بالحق في العمل (العربي الجديد)
+ الخط -
منذ ستّ سنوات، يناضل المفروزون أمنيّاً من أجل الحقّ في العمل والانتداب في الوظيفة العامة. لكنّ مطالبهم قوبلت بمجرّد وعود من قبل الحكومات المتعاقبة. أمرٌ جعلهم يلجأون إلى الاحتجاج والإضراب. ويبلغ عدد هؤلاء نحو 800 شخص ناضلوا مع الاتحاد العام لطلاب تونس في عهد النظام السابق، ما جعلهم عرضة للتضييق الأمني، وقد كتبت في حقّهم تقارير أمنية، وحرموا من اجتياز المناظرات الوطنية بسبب انتماءاتهم السياسية والنقابية. وبات يُطلق عليهم اسم "الطلاب المفروزون أمنياً ضمن الاتحاد العام لطلبة تونس". نضالهم كلّفهم الكثير، وما زالوا يعانون من تبعات التقارير السياسية التي حرمتهم من العمل.

ورغم انتظارهم الإنصاف من حكومات ما بعد الثورة، إلّا أنّهم حصلوا على وعود فقط، علماً أن غالبيّة معارضي الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي حصلوا على عفو عام، وانخرطوا في برنامج تشغيل مكّنهم من الحصول على وظائف في المؤسسات العامة والاندماج في المجتمع. ولم يحصل قدامى اتحاد طلاب تونس على الامتيازات نفسها على غرار المعارضين السياسيين، ليستمر نضالهم من أجل حقّهم في الحصول على وظائف.

وطلب من مجموعة من هؤلاء تكوين "لجنة وطنيّة لإنصاف قدامى الاتحاد العام لطلبة تونس المفروزين أمنياً"، وقادت جملة من التحرّكات في جميع الجهات بعد تهميش الحكومات المتعاقبة لملفهم، واعتمادها سياسة المماطلة والتسويف. وتواصلت احتجاجاتهم وإضراباتهم في الشوارع وأمام البرلمان وقصر الحكومة، للمطالبة بحقّهم في العمل. وحظيت تحرّكاتهم بتضامن وطني من أحزاب وجمعيّات ومنظمات وطنيّة، من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والنقابة الوطنية للصحافيّين التونسيين، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.



وبعد تحرّكات دامت أربع سنوات، قرّروا التصعيد، وقد أضرب 24 شخصاً عن الطعام، ما دفع وفداً من قدامى طلاب الاتحاد العام لطلبة تونس المفروزين أمنيّاً إلى زيارة مجلس النواب من أجل عرض ملفهم، وإيجاد حل مع الحكومة. وكنتيجة، تقرّر مساعدة أولئك الذين اختاروا الإضراب عن الطعام طيلة 30 يوماً. كذلك، اتخذت قرارات عدة، أهمّها تكوين لجنة مساندة لمتابعة الملف بصفة مستمرة، وصولاً إلى تسوية أوضاع الجميع، والحرص على متابعة الملف مع الحكومة وتسويته، ورفع الظلم عنهم ومراعاة ظروفهم الصحية. يشار إلى أن اللجنة النيابية ضمّت 18 نائباً من جميع الكتل والأحزاب.

لكن رغم مرور سنتين على تشكيل اللجنة، توقفت جلسات الاستماع إلى مطالب المفروزين، ولم يطبّق الاتّفاق بين اللجنة الوطنية لإنصاف قدامى الاتحاد العام لطلاب تونس والحكومة، والذي أقر في 18 يناير/ كانون الثاني في عام 2016، وينصّ على إتمام جلسات الاستماع إلى كل ملف في ما يخص القائمة التكميلية لقدامى الاتحاد العام لطلبة تونس. لذلك، قرّر هؤلاء العودة إلى الشارع من جديد، وتنفيذ سلسلة احتجاجات بدأت منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، من أمام قصر الحكومة في القصبة. كذلك، أضرب 12 شخصاً عن الطعام منذ 24 ديسمبر/ كانون الأول في مقر الاتحاد العام لطلاب تونس في العاصمة.



ويبيّن الناطق الرّسمي باسم المضربين عن الطعام، حسام العبيدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ الحالة الصحية للمضربين عن الطعام بدأت تتدهور في اليوم الثامن من الإضراب، مستغرباً تراجع الحكومة عن الالتزام بتشغيل نحو 800 مفروز أمني طبقا للاتفاق الموقع بين ممثلي المفروزين والحكومة ومجلس النواب. ويأسف لتصنيف المفروزين أمنياً بالعناصر الخطرة من قبل وزارة الداخلية.

من جهته، يقول عضو اللجنة الوطنية لإنصاف المفروزين أمنياً، مروان ميغري، لـ"العربي الجديد"، إنّ اللّجنة قرّرت منذ مدّة تنظيم تحرّكات احتجاجية بمشاركة المفروزين في كل المحافظات، إثر فشل المفاوضات مع الحكومة بعد نحو عام على توقيع الاتفاق، والذي ينص على انتداب المفروزين أمنياً. ويؤكّد على مواصلة التحركات في كل الجهات حتى تحقيق مطالبهم، ويوضح أنّ "اللجنة تريد تحويل ملف المفروزين أمنياً إلى رئاسة الحكومة".

كذلك، يتمسك المحتجون بانتداب المفروزين أمنياً باعتبارهم ضحايا عهد الاستبداد والدكتاتورية، خصوصاً بعد حرمانهم من اجتياز المناظرات الوطنية بسبب انتماءاتهم السياسية والنقابية، والكشف عن الأرشيف المُتعلّق بمناضلي الاتّحاد، وتصحيح التزييف المُتعلق بهم وعدم تصنيفهم كضحايا للقمع، والادّعاء بعدم العلم باعتقالهم والتّحقيق معهم من قبل وزارة الدّاخليّة.
في المقابل، جددت الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان مساندتها المطلقة لملف المفروزين أمنياً. وطالبت الحكومة بالإسراع في تنفيذ الاتفاق من دون تلكؤ، واعتماد الشفافية والنزاهة في التعاطي مع الملف، وحملتها مسؤولية الاحتقان، وما قد يلحق المضربين من أضرار مادية ومعنوية.