مناورات "رعد الشمال" تنطلق اليوم... رسائل سعودية لإيران

08 فبراير 2016
يشارك في التمارين أكثر من 150 ألف عنصر(العربي الجديد)
+ الخط -
تنطلق، اليوم الثلاثاء، في منطقة حفر الباطن، أقصى شمال السعودية، المتاخمة للحدود مع الكويت والعراق، مناورات "رعد الشمال" التي يشارك فيها الآلاف من القوات السعودية البحرية، والجوية، والبرية، تشمل قطعاً حربية إماراتية، ومصرية، وسودانية، وأردنية، لرفع الكفاءة الفنية والقتالية لتلك القوات. ويُضاف إلى هذا الهدف، التدريب على مواجهة المخاطر، والاستعداد لتنفيذ مهام مشتركة بين القوات، والتصدي لتحديات أمن واستقرار المنطقة، وحماية الأمن العربي من خلال التدريب على استخدام الآليات العسكرية الحديثة.

وينقسم محلّلون استراتيجيون وسياسيون، حول أهميّة هذه المناورات، إذ يؤكد بعض هؤلاء على أنّها رسالة موجّهة إلى كل من إيران وسورية، مفادها أنّ السعودية ومعها القوات العربية قادرة على التصدي لأي عدوان خارجي، كما أنها مستعدة للتدخل في أي منطقة. في حين يرى آخرون أنّها تمارين سنوية تقوم بها السعودية لاختبار جهوزية قواتها. ويقدّر مراقبون عدد القوات المشاركة في المناورات التي ستتم بالذخيرة الحية أكثر من 150 ألف عنصر، وتستمر لنحو 18 يوماً.

وتكشف مصادر معنيّة لـ"العربي الجديد"، عن أن القوات العسكرية السعودية تستخدم أحدث الأسلحة والطائرات الحربية في تلك المناورات، بهدف إظهار كامل قوتها، وقدراتها القتالية. كما أنّ طائرات "التايفون"، و"الأباتشي"، و"الأواكس" حاضرة، فضلاً عن المدرعات الحديثة التي وصلت للسعودية من بريطانيا وفرنسا. ويؤكد مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، أن "عدد الطائرات المشاركة تتجاوز 300 طائرة إضافة لمئات الدبابات والقطع البحرية".

في هذا السياق، يؤكد قائد كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة السابق، الخبير العسكري اللواء شامي الظاهري، لـ"العربي الجديد"، أنّ ربط المناورات بتصريحات المتحدث الرسمي لقوات التحالف، العميد أحمد عسيري، غير دقيق، لكون التنسيق لهذه المناورات كان قبل بدء حرب الخليج. ويشدد المصدر على أنّها مناورات سنوية تقوم بها القوات المسلحة السعودية لاختبار جاهزيتها.

ويوضح الظاهري حديثه قائلاً إن "كثيرين يعتقدون أنّ هذه المناورة تنطلق من تصريحات العميد عسيري التي أكد فيها على جاهزية السعودية لإرسال قوات برية لسورية لمحاربة داعش، لكن لا يوجد أي رابط في الحقيقة، ولا حتى مع حرب اليمن. فهذه المناورة هي ضمن مناورات عدّة. وبصفتي قائداً لكلية القيادة والأركان للقوات المسلحة سابقاً، كنت أقوم بهذه التمارين التي كانت تبدأ على الخريطة ثم تطبّق على أرض الواقع على الطبيعة. كما أنّه بدأ الإعداد والتخطيط لهذه المناورات قبل أكثر من عام وحتى قبل بدء عاصفة الحزم. هذه مناورات سنوية تقوم بها القوات المسلحة السعودية المختلفة وهي امتداد لمناورات سيف عبدالله، التي كانت تقوم بها القوات المسلحة المختلفة سواء برية أو جوية أو بحرية أو دفاع جوي. كل قطاع عسكري له تمارين خاصة به. ثم يأتي ما نسميه التمرين المشترك لإيجاد قيادة مشتركة، والتدريب على العمل المشترك بين القوات الأربع"، وفقاً للظاهري.

ويشدد اللواء على أن الجديد في مناورات هذا العام هو دخول قوات أجنبية، مضيفاً أنّ "العالم اليوم مبني على تحالفات، سواء اقتصادية أو سياسية أو عسكرية. هذا التمرين تطوّر من مشترك على مستوى القوات المسلحة السعودية إلى مشترك مع قوات شقيقة، لأنه قد يكون هناك تعاون مستقبلاً معها، ومثل هذه المناورات توحّد قواعد الحرب المشتركة وقواعد الاشتباك". ويؤكد الخبير العسكري على أنّ من أهداف هذه المناورات تجربة معدات وأجهزة جديدة لدى القوات المسلحة، والتعرف على طبيعية المناطق الشمالية في البلاد، مضيفاً أنّ "هذا التمرين يبدأ من حفر الباطن وحتى طريف. من المهم أن تتعرّف القوات المسلحة السعودية على طبوغرافيتها".

اقرأ أيضاً: عقبات أمام "نوايا" التدخّل البري السعودي في سورية

في المقابل، يوضح استراتيجيون أنّ مناورات "رعد الشمال" تأتي ضمن خطة سعودية ليست جديدة تهدف لتحجيم الدور العسكري الإيراني في المنطقة، ولكنها باتت تملك أهمية أكبر بعد اعتداء إيرانيين على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد. وهي الاعتداءات التي دفعت الرياض لقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، وخصوصاً أنّها تنطلق بعد يومين من تأكيد العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، على أنّ من حق السعودية الدفاع عن نفسها، والتعاون مع أشقائها العرب والمسلمين في كل أنحاء العالم، ما أعطى لهذه المناورات الضخمة أكثر من مغزى، بحسب هؤلاء الاستراتيجيين.

ويؤكد الخبير الاستراتيجي طراد العمري، أنّ هناك رسائل عدّة تود السعودية توجيهها، سواء إلى سورية أو إيران، أو حتى إلى الحوثيين في اليمن، تشير إلى قدرة السعودية على خوض أكثر من حرب في أي وقت. ويقول العمري لـ"العربي الجديد"، "أنْ تخوض السعودية مناورات ضخمة في الشمال في وقت تخوض فيه حرباً شرسة في الجنوب، هو تأكيد على أن السعودية لديها القدرة على أن تخوض حرباً غير متماثلة، وهي قدرة القوات المسلحة في بلد معيّن للقيام بأكثر من حرب في أي مكان، وتكون حروب غير متماثلة الشكل، مثل حرب جيش نظامي ضد حرب عصابات. وهي عادة تأتي من تفوّق القوات المسلحة عسكرياً". ويشدد العمري على أن الحوثيين في اليمن ليسوا معنيين بالدرجة الأولى بهذه المناورات، الأمر يفوقهم هذه المرة ويصل إلى إيران وما يحدث في سورية.

ويوضح أنّ الهدف الأول لأية مناورات عسكرية هو تهيئة القوات الحربية للجاهزية، والتمازج والتنسيق مع قوات أخرى من دول عدّة، مضيفاً أنّنا "نستطيع من النواحي الاستراتيجية أن نربط مناورات رعد الشمال بالتحالف الإسلامي العسكري الذي أعلن عنه وزير الدفاع السعودي، ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، لمحاربة الإرهاب. والأمر الثاني يكمن في القرار الأخير الذي أعلنت عنه السعودية باستعدادها للمشاركة في إرسال قوات برية إلى سورية، وقد تكون هذه المناورات نواة للجيش الذي سيتم إرساله لمحاربة داعش في سورية. والأمر الثالث، هناك تصور لحماية شمال السعودية مع الحدود العراقية"، وفقاً للخبير الاستراتيجي ذاته.

وعلى الرغم من أنّ مهمة القوات غير معروفة، فإنّ اختيار المنطقة الشمالية من السعودية، يمثّل رسالة موجّهة هذه المرة لـ"الحشد الشعبي" العراقي، تحذّره من مغبّة المساس بالسعودية، بحسب العمري، مضيفاً أنّ "هذا الأمر لا بد أن يفكر به العسكريون السعوديون، لأن الجيش السعودي متواجد في الجنوب. قد يعتقد البعض أن الشمال السعودي مفتوح، أو هش أمنياً، لهذا وجب إجراء هذه المناورات بعيداً عن الجنوب وما يحدث فيها".

ولم ينفِ العمري أنّ هذه المناورات ليست وليدة للحظة، "هي امتداد لمناورات سيف عبدالله التي جرت قبل نحو عام، وتم الإعداد لها منذ عام على الأقل"، لافتاً إلى أنّ "هناك قوات مشاركة من أكثر من دولة، سواء مصر أو الأردن أو السودان، أو الإمارات العربية. وهي مزيج من أفكار ظهرت أخيراً بإنشاء قوات عربية مشتركة للدفاع عن السعودية في حال حدوث أي هجوم، لكون السعودية قريبة من مناطق التوتر".

اقرأ أيضاً: ردود متباينة إزاء استعداد الرياض إرسال قوات برية لسورية

المساهمون