هل تفعلها روسيا؟

هل تفعلها روسيا؟

11 يوليو 2016
+ الخط -
باءت جميع المحاولات بالفشل، أو على الأقل هذا ما ظهر للعلن في الوصول إلى حل حقيقي للملف السوري، فالسياسة الأميركية متردّدة ما بين عمل عسكري محفوف بالمخاطر، كما يراه مهندسو السياسة في البيت الأبيض، وحل سياسي لا تملك جميع أوراقه، خصوصاً بعد التدخل الروسي.
السياسة الروسية، وعلى مر التاريخ، لم تفلح كثيرا في كسب معارك سياسية، وكانت الخاسر الأكبر في أغلب معاركها السياسية، مثل أفغانستان وكوبا ويوغسلافيا والعراق وليبيا وغيرها.
أميركا التي اعتمدت منذ الحرب في ليبيا على سياسة الحرب عن بعد، بعد التجربة المذلة في العراق، تركت، ولو ظاهرياً، الأمر برمته للروس وحلفائهم، خصوصاً الإيرانيين، لكنها، في الوقت نفسه، لم تترك الساحة مطلقاً، بل كان هناك من ينوب عنها في تحقيق بعض السياسات.
في الأشهر المقبلة، قد يتم فرض حل للملف السوري، لن يرضي الجميع، لكنه سيجعل من أوباما الرجل الحكيم، وإن كان باتفاق روسي أميركي.
اقتنع الروس بعدة أمور، لا بد أن يحققوها إن أرادوا الحل حسب رؤيتهم، وبما يحقق مصالحهم السياسية والاقتصادية في المنطقة، وهي:
بشار الأسد لم يعد ذلك الشريك الحقيقي الذي يعتمد عليه، بل أصبح حملأ زائداً يجب التخلص منه، في ظل تعنت إقليمي ودولي يطالب برحيله. الروس وصلوا إلى قناعة بأن الوجود الإيراني في سورية ليس لمصلحة الحل، في ظل الرفض المطلق للشعب السوري لهم، وفي ظل تضارب المصالح، خصوصاً الاقتصادية. وصل الروس إلى حقيقة أن التدخل العسكري المباشر لن يحقق أي نتائج، بل تترتب عليه خسائر كبرى مادية وسياسية، وربما بشرية لاحقاً. قناعة الروس أن إيجاد حل للمعضلة السورية، وفق رؤيتهم، سيعيدهم بقوة إلى المشهد السياسي العالمي. لذلك، التقى الروس مع رغبة أوباما بإيجاد حل للملف السوري خلال فترة ولايته، لأنهم لا يرغبون بوصول رئيس أميركي قوي، يعيد خلط الأوراق مجدداً.
من جهة أخرى، ما يجعل الحل الروسي ممكناً، هو تميزهم عن الأميركان بعدة نقاط أهمها:
تأثيرهم المباشر والقوي على سبب الصراع الرئيسي، وهو النظام السوري، وقدرتهم على فرض حل عليه، مهما كان هذا الحل. منذ عقود، امتاز الروس بإيجاد شخصيات تابعة لهم ضمن الأنظمة التي تدور في فلكهم، مثل سورية ومصر والعراق، خصوصاً في مجالات العسكرة والأمن، وبعض رجال الدولة والمخابرات. يفهم الروس العقيدة العسكرية للمقاتلين السوريين، وللضباط الذين في أغلبهم التقوا مع ضباط روس، أو تلقوا تدريبات على أيديهم. وجودهم الفعلي على الأرض كقوة عسكرية مؤثرة، خاصة في المناطق الحساسة كالساحل السوري والشمال السوري.
لذلك، قد يفعلها الروس هذه المرة، إذا اقتنعوا تماما بضرورة رحيل رأس النظام بشار الأسد، وهو ما يبدو أنهم قد وصلوا إليه، وما التسريبات التي تخرج من هنا وهناك، إلا دليل على هذا التوجه.
لكن، ما هي الأفكار التي يمكن أن يقدمها الروس في سورية؟
لعل سيطرة الروس على المنظومة العسكرية السورية، ووجود ضباطٍ كثيرين يدينون بالولاء للعقيدة العسكرية الروسية أكثر من ولائهم لقيادة جيشهم، تجعل من الروس ينظرون إلى الحل من هذا الجانب، كونه يحقق مصالحهم، وفي الوقت نفسه، فإن وجود حل سياسي بوجوه عسكرية قد يجعل الأمور أكثر انسيابية، ويحافظ على كتلة الجيش الذي يريده القادة الروس، خصوصاً قادة الجيش والمخابرات. لذلك، كان اقتراح تشكيل مجلس عسكري من مجموعة من الضباط (مناف طلاس، علي حبيب..)، وهم من منظومة الجيش المؤيدة لموسكو، وقدرة موسكو على إقناع بعض الدول بتغيير مواقفها، والقبول بمثل هذا الحل كالسعودية وتركيا وفرنسا.
يراهن الروس، اليوم، على الإرهاق والتعب الذي وصل إليه الشعب السوري الذي شهد أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، ووصول كثير من هذه الحاضنة إلى قبول أي حل يوقف القتل وسفك الدماء، ويعيد اللاجئين إلى وطنهم، لكن شرطهم الوحيد أن يكون بلا بشار الأسد.
049EA886-9F2D-49B4-A5B3-E85C416A380A
049EA886-9F2D-49B4-A5B3-E85C416A380A
فراس علاوي (سورية)
فراس علاوي (سورية)