كشف وزير العمل اللبناني سجعان قزي، أن النازحين السوريين باتوا يشكلون أزمة حقيقية على الاقتصاد اللبناني، خاصة فيما يتعلق بسوق العمل، مؤكداً أن الدولة اللبنانية لم تعد قادرة على استيعاب أعداد النازحين السوريين الذين باتوا يشكلون أكثر من 57% من مجموع السكان في لبنان".
وقال الوزير في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "ساهم تدفق النازحين السوريين في توليد ضغط كبيرعلى الاقتصاد اللبناني الذي ينعكس بدوره سلباً على الاوضاع الاجتماعية، إذ ارتفعت نسب البطالة بين اللبنانيين إلى 21% منذ بدء النزوح السوري بعد مزاحمة اليد العاملة السورية، حيث تشكل القوى العاملة من النازحين السوريين 47%، وبلغ عدد الشباب اللبناني العاطل عن العمل نسبة 35%، ناهيك أن تداعيات اجتماعية أخرى لا تقل أهمية عن ارتفاع مستويات البطالة بين اللبنانيين، كانتشار الجرائم حيث تصل نسبة الجرائم التي يرتكبها السوريون 34%.
نزوح يرافق هجرة
يعيش في لبنان نحو 3.7 مليون مواطن على مساحة لاتتعدى 10,452 كلم مربع، وفي السنوات الثلاث الماضية، دخل لبنان أكثر من 1.5 مليون نازح سوري، بالاضافة إلى وجود نصف مليون لاجئ فلسطيني، مما يعني أن أكثر من 5 ملايين فرد يتقاسمون الخدمات العامة، البني التحتية، التعليم، الصحة، وحتى فرص العمل، في بلد يفتقد إلى أي مقومات أساسية للنهوض بأبنائه، فكيف به يؤمن متطلبات العيش للنازحين؟
وأشار وزير العمل اللبناني أن مشكلة النزوح السوري إلى لبنان لم تعد تشكل ضغطاً على البنى التحتية، أو الاقتصاد والمالية العامة وحسب، فهناك تغيير ديمغرافي خطير في عدد من المناطق، إضافة إلى هجرة أعداد كبيرة من اللبنانيين إلى الخارج، بحثاً عن فرص عمل، بعد تردي الاوضاع الاقتصادية في لبنان، وغياب الفرص، ومزاحمة اليد العاملة السورية في الكثيرمن المناطق اللبنانية".
وأضاف قزي: "باتت ارتدادات النزوح السوري على الواقع المعيشي خطيرة، بالرغم من شعورنا الإنساني اتجاه النازحين، إلا أن لبنان لم يعد قادراً بمفرده على إدارة ارتدادات هذه الأزمة، خصوصاً أن الأرقام تشير إلى حصول تغييرات ديمغرافية في العديد من المناطق، حيث يتوزع السوريون على أكثر من 1700 وحدة سكنية عشوائية، بينها 360 وحدة منتشرة في قرى لبنانية فقيرة، مما يشكل ضغطاً على هذه المناطق".
انفجار جديد
وتكبد الاقتصاد اللبناني خلال السنوات الثلاث الماضية خسائر وصلت إلى 7.5 مليار دولار بحسب البنك الدولي، إلا أن المسؤولين في لبنان يعتبرون أن الخسائر تتخطى هذا الرقم لتصل إلى 10 مليار دولار.
وفي هذا الإطار، قال قزي: "إن ما يخشى على لبنان هو إعادة سيناريو الحرب عام 1975، حين حذرت الدولة اللبنانية المجتمعين العربي والدولي من خطر عدم إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطنية، إلا أن تحذيرات الدولة آنذاك لم تلق آذاناً صاغية، فانفجر الوضع في لبنان. واليوم ندعو بإلحاح إلى معالجة انتشار النزوح السوري داخل الأراضي اللبنانية كي لا نصل إلى انفجار جديد، لذا نطالب المجتمع الدولي تقديم المساعدات بصورة عاجلة".
أرقام البنك الدولي
وتشير أرقام البنك الدولي، إلى أنه بوجود مليون و200 ألف نازح سوري، يتوقع أن تتقلص سبل الحصول على الخدمات العامة، بالإضافة إلى تخفيض جودتها، كما ستدفع الموجات الهائلة من النازحين على الخدمات العامة الاجتماعية وقوعَ أكثر من 170 ألف لبناني في براثن الفقر، بالإضافة إلى ارتفاع نسب الفقرعند اللبنانيين المسجلين في وزارة الشؤون الاجتماعية والبالغ عددهم مليون فقير.
ويلفت التقرير الذي يحمل عنوان "تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للصراع السوري على لبنان" أن عودة الخدمات الاجتماعية إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الأزمة والحفاظ على جودتها حتى نهاية 2014 تحتاج إلى 177 مليون دولار.
ويشير التقرير أيضاً إلى ارتفاع معدلات البطالة في لبنان، حيث سيؤدي تأجيج التنافس على الوظائف من قبل القادمين الجدد إلى زيادة معدلات البطالة، وأنشطة الأعمال غيرالرسمية بنسبة 10 نقاط % وأن يضيف ما بين 220 ألف إلى 324 ألف لبناني إلى صفوف العاطلين عن العمل، كما ستحتاج برامج سوق العمل النشطة إلى معالجة الزيادة المفاجئة في عدد الباحثين عن العمل إلى موارد في حدود 166 مليون دولار إلى 242 مليون دولار.