وقت مضطرّ للمغادرة

16 أكتوبر 2015
مهدي الشمري / العراق
+ الخط -

هو الوقتُ مهمّاتُ الأجراس في أذن صباح
شبيه بحديقة محجوزة في علب التّلوين
صباح كحزمة ضوء في عرس الفجر
يرسم الشّمس دائرة جديدة
ويناقشها في برنامج التّكرار والجدوى
هو الوقت
ممرّات هزيمة تقتحم الهواء
وتوثّق لمزيد من الطّين والسّخط
في منعطف الاحتمالات
ولمزيد من كيد الحبال المتأرجحة
بين الأفئدة وقلاع السّماء

هو الوقت موخز ومضطرّ للمغادرة
رزنامة بنكهة الوداع
الوداعُ بين نهارين
نهار مستعمل يغمض قلبه
لنهار مفتوح لطقوس سلام بين العشب والحطب

وقت لا يبالي بألبوم السّماء
وهي تستعرض صور أفلاكها
حالمة بأن تقلب الكرة الأرضيّة ثوبها
فيصير البحر والشّجر الى الدّاخل
ولا يهتمّ بنوايا الفراش البرّي
الذّي يرضع أزهار الكينا
ولا شأن له بنقاوة الأنهار البلّورية
التّي تحاكي شراب الفضّة
وقت مصاب بالشّيزوفرينيا
يعدّ كم يلزمه من إشعار لتنفيذ أفراح البرتقال
ثم يتبرّع بأعضاء ذاكرته
ليقبض رشوة قبر مجانيّ
سريعا سينسى الوقتُ كيف كان بعيدا
كأنّه النّجم معلّقا على طرف السّماء
وكيف كان يجئ عابقا بالتّضاريس
كسحر المنامات بسحر الأفيون
سليل الاعتراف بالانتظار
شبيه تصدّع الماء في حلق البدايات
هكذا تماما يولد وقتا قبيحا
ويظلّ يغري الصّباحات المثقوبة
بتخصيب يورانيوم المباهج
ويشتهي مباركة المواسم لأخضر الحلم

ودائما في أوّل المنطلق
من السّاعة الصّفر من الزّمن الوهم
حين تترجّل النّوارس وتثوب الى غيّها
وتفتح الشّمس أزرار ضحكتها
حين تغادر الموسيقى ثقوب تيهها
لترطيب المسافات الخشنة بين الماء والرّخام
حين تشبك النّجوم أقراطها
وتأخذ شكل النّساء
وتبدأ البحث في الشأن الدّاخلي لنيكوتين شهوتها
حينها
يحلو للوقت أن لا يقف محايدا
ويحدث أن ينبت له صوت من تلقاء سيرة الغبار
ويحدث أن تنمو لنا ألوان
ويصير للبياض قامة منقوشة بالكبرياء
وحينها فقط
ندرك أن الوقت متى كان على وضوء
سيقتات من فلاحة أظافرنا
وقد يقطع أصابعنا ويشلّ أقدامنا
وقد لا ينتظرنا
الوقت أيضا قد لا ينتظر نفسه
وقد لا تسعه إشارات المرور
وأحيانا يوصي نفسه بالإسراع
لأنّه لم يتبقّ له وقت


* شاعرة من تونس


اقرأ أيضاً: ثلاثة شعراء من تايوان: وجوه برائحة التفاح

دلالات
المساهمون