3 ملايين طن من ركام غزة مصدرٌ للرزق

29 أكتوبر 2014
3 حروب دمرت منشآت اقتصادية بغزة- عبدالحكيم أبو رياش
+ الخط -

بعد ضربات متتاليات عدة بمطرقة حديدية كبيرة الحجم، حطم الشاب وائل أبو علي (23 عاماً) كتلة خرسانية كانت تعتلي أكوام الركام، الناتجة عن تدمير الطائرات الحربية لإحدى العمارات السكانية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

وبعدما التقط أبو علي بعض الأنفاس الممزوجة بالغبار أخذ يسحب أسياخ الحديد التي كانت مرتبطة بالكتلة، ويضعها بحذر قرب آلة مخصصة لتعديل الاعوجاج في القضبان الحديدية.

ولم تكن أكوام الركام التي قدرت بنحو ثلاثة ملايين طن، والمتناثرة في شوارع قطاع غزة كافة وأحيائه السكنية، شاهدة على قسوة العدوان الإسرائيلي فقط، بل مثلت مصدراً للرزق لمئات العمال الذين تقطعت بهم السبل منذ فرض الحصار الإسرائيلي صيف عام 2006، وما أعقبه من ثلاث حروب دمرت عشرات المنشآت الاقتصادية والحيوية، التي كانت توفر مصدر دخل مالي لمئات العائلات.

ويملك الشاب أبو علي خبرة في مجال الإنشاءات، إلا أن توقف مشاريع البناء والإعمار في غزة، دفعه إلى العمل في إزالة الركام وإعادة تدويره. ويقول لـ"العربي الجديد": "المهنتان مرهقتان ومردودهما المالي قليل، إلا أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة وعدم توافر مصدر دخل بديل، يجبرانني على العمل في جمع الحجارة واستخلاص الحديد من بين الكتلة الخرسانية الكبيرة، باستخدام أدوات يدوية بسيطة".

ولا يأبه الشاب الغزاوي بالمخاطر التي تواجهه وزملاءه أثناء العمل كالخشية من وجود مخلفات متفجرة بين الركام والجروح التي تصيبهم.

وإلى جوار محمد، يقف الشاب موسى الزعانين (خريج كلية التربية من جامعة الأقصى) على آلة بسيطة تختص في تعديل قضبان الحديد، ثم يجهزهم في حزم لإعادة بيعهم لشركات المقاولات، ويوضح "الدمار الكبير الذي خلفه العدوان، مثل مصدر رزق لآلاف الشباب في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة والفقر، لم نجد صعوبة في البحث عن العمل.

وخاض الزعانين (27 عاماً) أولى تجاربه في جمع قطع الحجارة، بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2009. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه كان يخرج منذ ساعات الفجر حتى ساعة متأخرة من الليل، برفقة بعض الأصدقاء نحو المناطق التي طالها القصف والدمار، لجمع الحجارة بمختلف أنواعها، ثم بيعها لمعامل تصنيع الحجارة وأصحاب الكسارات (ماكينة لتفتيت الصخر والكتلة الخرسانية الكبيرة)، مقابل مردود مالي بسيط.

وفي السياق ذاته، ذكر المشرف على مشروع تدوير ركام برج "الباشا" وسط مدينة غزة، والمكون من 14 طابقاً، أحمد حلس، أن عملية تدوير الركام تمر بمراحل عدة، تبدأ بمرحلة تكسير الحجارة والكتلة الخرسانية الكبيرة واستخلاص القطع الحديدية منها، ثم عملية فرز الركام حسب نوعه (باطون، حديد، خشب، مخلفات أخرى)، ثم تبدأ عملية تعديل أسياخ الحديد، وأخيراً عملية البيع ونقل الركام نحو معالم الكسارات والتي تنشر على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

ويضيف حلس لـ"العربي الجديد" أن عمليات التدوير تسير بشكل متوازٍ، إلى جانب عملية البيع، حيث يباع 50 طناً من الباطون والحجارة بنحو 200 دولار، بينما يباع طن الحديد بعد تعديله بـنحو 400 دولار، مؤكداً في الوقت ذاته أن مكان العمل يخضع لفحص دقيق من مختصين، للتأكد من سلامته وخلوه من مخلفات الصواريخ والقذائف قبل الشروع في مراحل التدوير.

وبرز بعد عام 2009 العديد من الشركات المحلية التي عملت في مجال إزالة الركام وتكسيره ثم إعادة تصنيعه وجعله صالحاً لبعض أعمال البناء وكذلك استخلاص الحصمة (حصى البناء)، في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال أنواع البناء كافة، والإعمار إلى قطاع غزة منذ ثماني سنوات، إلا أنه سمح في منتصف الشهر الجاري بإدخال 75 شاحنة محملة بمواد البناء، موزعة على 15 شاحنة إسمنت، و10 شاحنات حديد، و50 شاحنة حصمة.
المساهمون