مطلوب ثقة

05 نوفمبر 2014
الفقر والجوع يدفعان الأفارقة لركوب الموج نحو الفردوس الأوروبي(أرشيف/Getty)
+ الخط -

لا يبدو أن العالم يثق في أفريقيا. الأوبئة والفيروسات والنزاعات المسلحة تزكي ذلك. يمكن لأفريقيا أن تكون ملاذ العالم من الأزمة على أن يتيح لها حل عقد النمو.

بات واضحا أن العالم يتجه رأسا نحو أزمة مالية عالمية جديدة، الأسواق العالمية تنبئ بهذا. والغريب أنها تأتي حتى قبل أن تلعق قوى عدة، خاصة منطقة اليورو، جراح أزمة 2008.

البيانات الصادرة عن الصين والولايات المتحدة لا تطمئن. وأوضاع الاقتصادات الأوروبية، باستثناء الألماني، مثيرة للقلق، وحتى وتيرة ارتقاء "الدول الصاعدة" إلى مصاف القوى الصناعية الكبرى تباطأت بدورها.

المثير أن أنظار العالم تتقفى أثر الأزمة أملا في تفاديها، ولا يولي معدلات النمو الكبيرة التي تحققها دول أفريقية عدة ما تستحق من اهتمام. وكأنه لا سبيل لمحو صورة أفريقيا، جنوب الصحراء تحديدا، الغارقة في التخلف والأمراض والفساد والمهددة على مدار الساعة بزلازل الصراعات المسلحة والانقلابات العسكرية.

صحيح أن الصين فطنت، ربما مضطرة، إلى أهمية الأسواق الأفريقية، فقوّت وجودها في مختلف دول جنوب الصحراء، فيما تواصل منتجاتها غزو باقي الدول على غرار كثير من مناطق العالم.

ويمكن أن تدرج أيضا، في هذا السياق، استثمارات خليجية كبرى في القارة، إضافة إلى تطور كبير للحضور المغربي، خاصة في دول غرب أفريقيا. طبعا، لا يمكن إغفال الإشارة إلى خفوت في الدور الفرنسي في المنطقة التي كانت تعتبر بمثابة حديقة خلفية لحكام قصر "الإليزيه".

إن تسارع وتيرة نمو القارة الأفريقية يعني أنها حل أكيد لتباطؤ الاقتصاد العالمي. وضعف بنيتها التحتية سبيل لتقوية الطلب على مختلف المواد الصناعية. وبدل أن يجمع لها المانحون "الصدقات"، يمكن أن ينخرطوا في عملية تنمية مستدامة تنعكس إيجابا على معيشة الأفارقة وتعفيهم من اجتياز الصحاري وركوب الموج طمعا في حياة أفضل في الفردوس الأوروبي.

وبالموازاة مع محاربة فيروسات قاتلة مثل "إيبولا"، وهذه مسؤولية العالم كله، يتحمل الأفارقة، وليس غيرهم، مسؤولية محاربة فيروس أكثر فتكا: "الفساد". المانحون يتبرعون لأفريقيا سنويا بعشرين مليار دولار، ويُهرّب منها في المقابل مبلغ مماثل.

يتعين أيضا ترسيخ الديمقراطية وانتظام الاستشارات الانتخابية واستقبال نتائجها بروح ديمقراطية بدل تواتر الانقلابات.

هكذا، سيكسب العالم ملاذا من أزماته الحالية والموشكة الحدوث. وفي المقابل، تحل أفريقيا عقدة اسمها "النمو".

المساهمون