"نشيد حب": لؤم الأهواء الفرنسية

15 اغسطس 2017
غريش في مكتبته، تصوير: عثمان كايتازوغلو
+ الخط -

ما الذي يمكن للرسوم المصوّرة أن تقوله، ولا يمكن أن تقوله كُتُبُ التاريخ، خصوصاً حين يتعلقّ الأمر بالتاريخ، التاريخ العاصف للظُّلم التي تعرَّض له الشعب الفلسطيني؟ وكيف يمكن لكِتَابٍ تغلُب عليه الصُوَر أن يقول كل شيء أو الشيء الكثير عن قضية متشعبة لا تستطيع مجلدات أن تُحيط بها، بأسلوب مُبسّط، يحترم الموضوعية والحقيقة؟

هذا هو رهان كتاب صدر عن دار "لاديكوفيرت" في حزيران/ يونيو الماضي في فرنسا بعنوان "نشيد حبّ.. إسرائيل-فلسطين، قصة فرنسية"، وهو عمل مشترك بين آلان غريش وهيلين ألديغير اللذين حاولا التقاط محطات قوية، تقول الشيء الكثير عن اختراق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي للمجتمع والسياسة الفرنسيّيْن.

من يعرف غريش لا بد أن يذكر له تعلّقه الشديد بالقضية الفلسطينية (يعترف لنا أنه بكى تأثراً، لهزيمة العرب سنة 1967، وللموقف الفرنسي الصهيوني في غالبيته)، وأن يتذكّر له أيضاً مؤلفاته العديدة عنها (ومنها "إسرائيل، فلسطين، حقائق حول صراع"، و"فلسطين 1947، تقسيم تم إجهاضه"، بالاشتراك مع دومينيك فيدال، و"المفاتيح المائة للشرق الأوسط"، مع فيدال أيضاً، و"الشرق الأوسط، حرب مائة سنة" كذلك بالاشتراك مع فيدال، إلخ..)، وانخراطه العميق في الدفاع عن عدالة قضية الشعب الفلسطيني والظلم التاريخي الذي لحق به ولا يزال.

يبدأ الكتاب بالحديث عن "الأهواء الفرنسية"(جمع هوى). نحن في القدس، يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، ونتنياهو يستقبل في إقامته الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في عشاء خاص. وفي نهاية العشاء، يترنم مغنٍّ محلي بأغنية الموسيقي اليهودي الفرنسي مايك برانت: "دعني أحبك".

لم يجرؤ هولاند على ترديد مقاطع الأغنية، ولكنه في لحظة ما رفع كأسه وشكر مضيفيه وهو يقول: "من أجل الصداقة بين بنيامين نتنياهو وبيني، من أجل إسرائيل ومن أجل فرنسا، رغم أدائي السيئ، لأني أغني بشكل سيّئ، بإمكاني العثور، دائماً، على نشيد الحبّ- حبّ إسرائيل وقادتها"، مضيفاً أنه "من الآن فصاعداً لن نستطيع سوى رؤية (حياة وردية)".

مشهد مذهل بالنسبة لغريش، إنه - كما كتب - "مشهد رئيس اشتراكي فرنسي يعلن عن (حبه) لأحد رؤساء حكومات إسرائيل، الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. رجل يرفض بعناد كل حلّ سياسي قائم على إنشاء دولة فلسطينية، وهو ما تطالب به الدبلوماسية الفرنسية دون توقف منذ عقود".

وكأن هذا اللقاء الحميم والخاصّ، بين هولاند ونتنياهو، سيحتاج إلى اختبار لتبيّن مدى صلابته مع الأيام. وهو ما حدث بعد بضعة أشهر، حين هاجم الجيش الإسرائيلي غزة، متسبباً في مقتل المئات من الفلسطينيين. فظهرت "الحفلة الخاصة" في شبكات التواصل الاجتماعي، عن طريق أجهزة نتنياهو، دون شك، وهو ما أثار حَرج حاشية الرئيس الفرنسي.

يرى غريش في "نشيد الحب" تحولاً في السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، إذ يكتب "على الرغم من أن العلاقات بين فرنسا وإسرائيل لم تَخْلُ، معظم الأحيان، من (الهوى)، إلا أنه لم يكن فيها دائماً (حبّ)".

ويستعرض الكاتب الفرنسي وصف أوّل رؤساء الجمهورية الخامسة شارل ديغول لليهود، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، بأنهم "شعبٌ واثق من نفسه ولديه نزوع الهيمنة"، ثم غضب جاك شيراك، سنة 1996، في القدس المحتلة، أثناء زيارة رسمية، وهو يُدين "استفزازات" أجهزة الأمن الإسرائيلية.

وهو توترٌ مشترك بين الطرفين. ولكن "شريكاً ثالثاً" دخل بين الطرفين، وهم الفلسطينيون، الذين لم يكونوا مرئيين في سنوات الستينيات من القرن العشرين، ثم أصبحوا، عبر صورة "الفدائيين"، في السبعينيات رمز النضال من أجل تحرّر الشعب الفلسطيني في نظر قسم من الرأي العام العالمي.

وبعدها نجحت منظمات فلسطينية في فرض نفسها كمُحاور لا غنى عنه على الساحة الدولية. وقد لعبت الدبلوماسية الفرنسية دوراً نشيطاً في هذا المسار، جاعلة من الاعتراف بـ"منظمة التحرير الفلسطينية" محوراً رئيسياً في دبلوماسيتها، وهو ما جلب لها انتقادات مسؤولين إسرائيليين.

منذ نصف قرن، ساد انطباع بأن فرنسا تتبع سياسة "موالية للعرب" و"موالية للفلسطينيين"، بل واعتبرها البعض "معادية"، بشكل عميق، لـ"إسرائيل"، إن لم تكن "مُعادية للسامية"، كما ذهب آخرون.

ولكن هذا الكتاب، كما يقول غريش بنفسه "يحكي قصة مختلفة"، لا يَنسب للمتصارِعين إلا ما قالوه، إن بشكل رسمي أو غير رسمي، كما أنه "يصف العلاقات العاصفة وأحياناً المتناقضة التي أقامتها فرنسا مع الشرق الأوسط"، ويكشف "الدور الدبلوماسي الذي لعبته فرنسا خلال عقود في الصراع الإسرائيلي العربي ثم امّحائه التدريجي، على الرغم من أن مواقفَها لصالح حل الدولتين، تمَّ قبولُها، أخيراً، من الجميع".

وأخيراً يتساءل الكتاب عن الطريقة التي أصبح بها هذا الصراع، بشكل تدريجي، "هوىً فرنسياً"، مستعيداً إحدى مؤلَّفات الإعلامي والكاتب الفرنسي دونيس سييفير، الصادرة في عام 2014، بعنوان "إسرائيل-فلسطين، هوى فرنسي".

يستحضر الكتاب محطات تاريخية رئيسية مؤثرة، وأولها وعد جيمس بلفور في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، استجابةً لطلبات الحركة الصهيونية، التي تنادي، منذ ولادتها في مدينة بازل السويسرية، سنة 1797، بدولة يهودية.

ثم يقف عند محطة 14 أيار/مايو 1948، حين أعلن دافيد بن غوريون إنشاء دولة إسرائيل. ثم محطة 1956، حين أمَّمَ الرئيس المصري جمال عبد الناصر قناة السويس، وما تلاه من العدوان الثلاثي على مصر، الذي توقف بضغوط من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية. وفي هذا العدوان "ساهم التضامن بين الاشتراكيين الفرنسيين والعماليين في إسرائيل في خلق تحالف فرنسي-إسرائيليّ ظلّ صلباً خلال سنوات. وفي هذه الفترة تعمَّق التعاون العسكري، بما فيه المجال النووي العسكري، وتبادَل البلدَان معلومات من أجل محاربة القوميين العرب، ابتداء من جبهة التحرير الوطني في الجزائر".

في سنة 1964، انعقد أول مؤتمر قمة عربية في القاهرة (بعد تحويل "إسرائيل"، سنة 1963، مياه الأردن) بدعوة من جمال عبد الناصر، الذي سهّل إنشاء "منظمة التحرير الفلسطينية" سنة 1964، وبعدها، بسنة، بدأت منظمة "فتح"، التي أسّسها ياسر عرفات أولى عملياتها المسلحة ضد إسرائيل. وقد ساهمت هجمات الفدائيين الفلسطينيين إضافة إلى التوترات الإسرائيلية- العربية إلى تصعيد خطير في مايو/أيار 1967، أي قبل شهر من هزيمة 1967، التي يبتدئ منها الكتاب.

الفصل الأول بعنوان "عزلة الجنرال ديغول البهيّة"، وفيه استعراض لقرار الرئيس الفرنسي وضع حد للتحالف الإستراتيجي بين فرنسا وإسرائيل، الذي عقد في خمسينيات القرن. ولم يتردد ديغول في إدانة الهجوم الإسرائيلي على جيرانها العرب، ففرض حظرا، جزئيا في البداية، على بيع السلاح لإسرائيل.

ويستعرض الكتاب، بهذا الخصوص، تصدي ومعارضة معظم المسؤولين السياسيين الفرنسيين، بمن فيهم من داخل معسكره، لقراره، وأيضا انتقادات لاذعة من قبل وسائل الإعلام الفرنسي، التي كانت تَصف إسرائيل بداوود صغير مهدد بالاستئصال من قبل جالوت عربي. ولم يتمرد على هذا البروباغاندا الكاسحة سوى الحزب الشيوعي الفرنسي ومجموعات صغيرة لها حساسية لمصير الفلسطينيين، مثل أسبوعية "شهادة مسيحية".

ولم تَخْل هذه الفترة من تعبئة شعبية فرنسية موالية لإسرائيل. "ارتكزت على دافعين اثنين، التعاطُف مع اليهود بسبب ما جرى في الحرب العالمية الثانية، والعنصرية المستعرة ضد العرب بعد خمس سنوات، فقط، من استقلال الجزائر"، وهو جعل كثيرين، بمن فيهم اليمين المتطرف الفرنسي، يرون في انتصار إسرائيل ""ثأر" أوروبا بل وثأر "الحضارة" من "البربرية"".

ومثل العديد من المثقفين والفنانين، كانت الجالية اليهودية تظهر قلقا على مستقبل إسرائيل. وهو قلق كانت تغذّيه، بشكل مستتر، السلطات الإسرائيلية.

الفنان والملحن سيرج غنسبور، يتصل به الملحق الثقافي الإسرائيلي طالبا منه أغنية لإسرائيل، فيمتثل الفنان، الأغنية بعنوان: "الرمل والجندي"، والكلمات لا تعرف المداوَرَة، "أؤكد فيها أني مستعد للموت من أجل إسرائيل"، على الرغم من أن قدميَّ لم تطآها من قبل.

والغريب أن الأغنية التي وصلت إلى إسرائيل أثناء الحرب لم تبث، وأعيد اكتشافها في فرنسا، لأول مرة، سنة 2002 على أمواج إذاعة "إر. سي. جي" للجالية اليهودية. من كلمات الأغنية: "نعم، سأدافع عن رمل إسرائيل، أرض إسرائيل، أبناء إسرائيل. حتى ولو متّ من أجل رمل إسرائيل وأرض إسرائيل وأبناء إسرائيل. ضد كل عدوّ سأدافع عن الرمل والأرض اللذين وُعِدْتُ بهما".

أجواء واسعة من التضامن مع إسرائيل، فقد نشرت صحيفة "لوموند" نداء مثقفين فرنسيين لصالح السلام، يتضمن شروطا، على رأسها حقّ إسرائيل في الأمن والسيادة وحق الملاحة في المياه الدولية.

ثم تظاهرة لدعم إسرائيل بتأييد من الإعلام الفرنسي، فيها جوني هاليداي وسيرج غينسبور، والجمهور، وبينهم فرنسيو الجزائر، يرددون، "لنتعبأ لوقف مجزرة جديدة"، و"إذاعة صوت العرب تقول إن العرب سيلقون باليهود في البحر"، و"إسرائيل حليفتنا" و"ناصر هو هتلر".

ويصل الأمر بصحيفة فرانس سوار، بتاريخ 5 حزيران/يونيو 1967، أن تكتب بخط عريض، في صفحتها الأولى: "المصريون يهاجمون إسرائيل". لم يكن خطأً، على الرغم، كما يقول غريش، من أن الصحيفة غيّرته، في طبعات أخرى، فقد كانت لها عدة طبعات في اليوم.

وكانت "فرانس-سوار"، في هذا الموقف، تعكس المناخ العام في هذه الفترة. وكان التعاطف مع إسرائيل قويا إلى درجة أن لا أحد تقريبا يمكنه تخيل إسرائيل وهي تبادر بشنّ الحرب. وتطلَّب الأمر انتظار أسابيع عديدة حتى تعترف النخب الفرنسية أن وجود إسرائيل لم يكن مُهدَّداً، وأنّ ميزان القوة العسكرية كان لصالحها، بشكل كبير.

وجاء الجنرال إسحاق رابين وقدّم الرواية الحقيقية لما جرى، وهي متعارضة مع رواية "فرانس- سوار" وأنصار إسرائيل، حين قال: "لا أعتقد أن ناصر كان يريد الحرب، كان يتبجح". وجاء بعده الجنرال ماتتياهو بيليد، ليؤكد الأمر: "أطروحة خطر إبادة اليهود في حزيران/يونيو 1967، وأن إسرائيل تقاتل من أجل وجودها، لم يكن إلاّ تبجحا".

تتبارى الصحف الفرنسية في دعم الرواية الإسرائيلية للصراع، "فرانس-سوار"، "لورور"، "باري-ماتش" وغيرها، ويتم تحريك عريضة توقيعات للتعبير عن التضامن الفرنسي مع إسرائيل، يوقع عليها، على الفور، فاليري جيسكار ديستان وفرانسوا مورياك وأندري موروا وبيير منديس فرانس وفرانسوا ميتران وإيف مونتان ويوجين يونسكو وروبير لافون وجولييت غريكو وميشيل بيكولي وغيرهم...

ثم يأتي موقف الجنرال ديغول، في ندوة صحفية: "يتم انتقادي لأني فرضت حظرا على توريد الأسلحة إلى الدول المتحاربة، خاصة الميراج إلى إسرائيل، رغم أني حذرتهم من إطلاق شرارة الحرب".

الفصل الثاني يتحدث عن "فرنسا تنفتح على الفلسطينيين 1969-1981"، وفيه يبدأ حضور الفدائيين على مسرح الأحداث. كما يظهر تياران للتضامن مع الفلسطينيين: الأول يؤيد العمل المسلح، وقد لعب فيه محمود الهمشري دورا رائدا، قبل أن تغتاله الموساد في باريس في13 كانون الثاني/يناير 1973.

والثاني يناضل من أجل حل دبلوماسي، وعلى رأسه الحزب الشيوعي الفرنسي الذي ساهم سنة 1979 في خلق جمعية فرنسا- فلسطين. كما أنه يجب الإشارة إلى دور "جمعية التضامن الفرنسية العربية"، التي ترأسها لويس تيرينوار ولوسيان بيترلان، وهو ديغوليان، في تسهيل الاتصالات بين السلطات الفرنسية والمنظمات الفلسطينية.

أما الفصل الثالث فهو بعنوان "الأفكار الفرنسية تفرض نفسها: 1981-1993". لم يُخف الرئيس ميتران أبدا تعاطفه مع إسرائيل. ولكن غزو لبنان سنة 1982 ثم اندلاع الانتفاضة سنة 1987 أثّرا سلبا على صورة إسرائيل لدى الرأي العام الفرنسي. وانتهى الأمر بأن فرضت الأفكار الفرنسية نفسها عبر الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم حذت إسرائيل وأمريكا حذو فرنسا بعد اتفاقيات أوسلو.

وقد ساهم اجتياح بيروت في ما لخصته مجلة "تريبين جويف"، في عدد 732، بتاريخ 23-29 تموز/يوليو 1982، بـ"المعركة الخاسرة للمعلومة" وظهر برنار هنري ليفي مدافعاً عن الجيش الإسرائيلي.

زيارة ياسر عرفات التاريخية إلى باريس، في 2 أيار/مايو 1989، وحديثه عن الميثاق الوكني الففسطيني باعتباره "لاغيا" لم يُثْن أنصار إسرائيل عن تنظيم تظاهرات، يوم 4 أيار/مايو ضد الزيارة ودعماً لإسرائيل. حينها صرّح إنريكو ماسياس، منتشياً: "شامير، رئيس حكومتنا".

بعنوان "تحوّل صامت 1993-2017" يتناول آلان غريش وهيلين ألديغير في الفصل الأخير من الكتاب تحوّلات السياسة الفرنسية لصالح "إسرائيل"، حيث تعزّزت بينهما العلاقات في جميع المجالات. وباسم "الحرب ضد الإرهاب"، دعمت فرنسا "حق إسرائيل" في "الدفاع عن النفس"، أثناء عدوانها على غزة سنتي 2009 و2014. وأصبحت زيارةُ إسرائيل وحضورُ العشاء السنوي لـ"المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية" ضروريّين لمرشحي وظائف الدولة العليا.

مفاوضات كامب دافيد، في11-21 تموز/يوليو 2000، فشلت، ليس بسبب "تعنت عرفات"، كما قالت وسائل الإعلام حينئذ، بل لأنّ الوفد الإسرائيلي، كما أوضح الصحافي شارل إندرلان، لم يُقدّم أي عرض فعلي.

وبعد الفشل أقدم أرييل شارون على اقتحام الحرم الشريف، فاشتعلت الانتفاضة الثانية التي أثارت جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام الفرنسي، وهو استمرارية لما جرى سنة 1982 بعد اجتياح بيروت والانتفاضة الأولى سنة 1987. وحرّك مقتل محمد الدرة مشاعر العالم بأسره، لكن الأمر لم يَخْلُ من سجال لم يخفت لحدّ الآن، رغم إقرار الجيش الإسرائيلي بمسؤوليته. إذ لا يزال مثقفون وصحافيون فرنسيون مؤيدون لإسرائيل يتحدثون عن "مسرحية فلسطينية"، وبعضهم يؤكد أن الفتى محمد الدرة لم يُقْتَل.

لا تزال فرنسا الرسمية أكثر محاباة لإسرائيل. فعلى الرغم من تصويت "الجمعية الوطنية"، في 2014، بأغلبية واسعة على قرار يطالب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، ورغم تأكيد وزير الخارجية لوران فابيوس، سنة 2016، على أن فشل "المؤتمر الدولي من أجل السلام في الشرق الأوسط" سيدفع فرنسا للاعتراف بالدولة الفلسطينية، لا شيء تغيّر جوهرياً.

رغم كل هذا، ينتهي الكتاب، بهذه الخلاصة: "لا شيء يستوجب إزعاج الغزل الفرنسي الإسرائيلي. "نشيد الحب" يَتواصَل". وهو غزلٌ تؤكده المناورات العسكرية المشتركة، نهاية 2016، في كورسيكا، وتلخصه الأغنية: "دعني، ولَوْ ليلةً، أرى في عينيك أروع المَشاهد! دعني أحبك، دعني أحبك! أصاحبك في أجمل الأسفار".

لولا أنّ الجرح الفلسطيني لا يزال ينزفُ، ومسؤوليات فرنسا في ذلك أكبرُ من أن يُتستّر عليها، أو تموت بالتقادم. ولا يبدو أن الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون مستعد لإفساد هذا الغزل. وما استقباله لنتنياهو، مؤخراً، في مناسبة فرنسية-فرنسية، لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لأحداث الفال ديف، رغم سيل الاحتجاجات والتنديد، إلا دليلاً على استمرار الغزل الفرنسي الإسرائيلي.

المساهمون