أيرلندا وفلسطين.. ذاكرة تضامن ضدّ المستعمِر نفسه

أيرلندا وفلسطين.. ذاكرة تضامن ضدّ المستعمِر نفسه

06 ديسمبر 2023
جداريّة في مدينة بلفاست بأيرلندا الشمالية (Getty)
+ الخط -

في صباح آخر ثلاثاء من الشهر الماضي، وقفت مجموعة من الناشطين أمام "سفارة الولايات المتّحدة" في دبلن، تتقدّمهم الفنّانة ريوناش ني نيل التي قرأت مع رفاقها على مدار إحدى عشرة ساعة ونصف تحت رذاذ المطر، أسماء آلاف الفلسطينيّين الذين قتلتهم "إسرائيل" منذ بداية عدوانها على غزّة. مشهدٌ تناقلته وسائل إعلام محلّية ودولية أيضاً.

تُواصل الصحافة الغربية نشر تقارير يتصدّرها سؤال أساسي حول جذور الدعم الأيرلندي، ضمن محاولات للوقوف عند أي تغيّر في طبيعة هذا الدعم هُنا وهناك، بينما تتواصل الفعاليات المؤيّدة لفلسطين، ومنها: أمسية شعرية ثانية ينظّمها "كتّاب أيرلنديون من أجل فلسطين" في العاصمة الأيرلندية، عند السابعة والنصف من مساء غدٍ الخميس، سبقتها واحدة أمس الثلاثاء، وأُمسيتان أقامهما التحالف في مدينتَي بلفاست وكورك، وأخيرة تستضيفها مدينة غالواي الأحد المقبل.

الصورة
برنامج التظاهرة

الجواب الذي يتّصل بماضٍ مُتشابه عاشه الفلسطينيون والأيرلنديون على يد الاستعمار البريطاني، يشكّل حجر أساس لفهم العلاقة بين الشعبَين، لكنّ هناك تعدُّداً واسعاً في التيارات المنحازة للحقّ الفلسطيني يتجاوز المواقف التقليدية للأحزاب القومية واليسارية الأيرلندية تحديداً، حيث تتركّز جهود الكُتّاب والفنّانين على توفير منصّات لتأسيس وعي يُمكن من خلاله تعزيز التحرّر الوطني الفلسطيني، وتعضيد العلاقات بين الفاعلين الثقافيّين في أيرلندا وفلسطين.

يشارك في أمسية الغد كلّ من الشعراء والكتّاب: نيدي زاك - أريا إيبي Nidhi Zak-Aria Eipe، وإيليان ني تشويلياناين Eiléan Ní Chuilleanáin، وشون هيويت Seán Hewitt، وجيسيكا ترينور Jessica Traynor، وجين كلارك Jane Clarke والشاعر العراقي المقيم في أيرلندا ماجد موجد، والأكاديمي مصطفى كشكيّة، كما يحضر كضيف خاص الممثل والنجم الأيرلندي ستيفن ريا Stephen Rea، كل ذلك على إيقاع ألحان موسيقيّين أيرلنديين، ويُخصَّص ريع الفعاليات الأربع لصالح "صندوق إغاثة فلسطين"، والمساعدات الطبية التي تُرسَل إلى غزّة.

الشاعرة جيسيكا ترينور

وكما تمايز الموقف الرسمي لأيرلندا منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن بقيّة دول الاتحاد الأوروبي، باعتبار ما يقوم به الكيان الإسرائيلي هو "جرائم حرب"، اختلف أيضاً كتّابُ أيرلندا عن أقرانهم في القارّة العجوز حين وجّهوا رسالة مفتوحة وقّع عليها المئات منهم، بعد اندلاع العدوان بنحو أسبوع، تدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية دون عوائق".

واعتبر الموقّعون أنّ القصف الإسرائيلي هو "انتهاك للقانون الدولي واعتداء على حُرمة الحياة البشرية"، في إدانة واضحة للعدوان العشوائي غير المسبوق الذي ينال دعماً غربيّاً ضدّ أكثر من مليونَي فلسطيني عزل يعيشون في غزّة.

البيان وجملة الفعاليات المتضامنة لا تنفصل عن سياق أكبر، إذ أعلنت "حملة التضامن الأيرلندية - الفلسطينية" (IPSC) في مايو/ أيار من العام الجاري عن توقيع ألف وخمسمئة فنان أيرلندي على تعهُّد بمقاطعة "إسرائيل"، منهم أسماء بارزة، مثل ريموند دين، وسينياد كوزاك، ودونال لوني، وأندي إيرفين، وماري بلاك، وغيرهم.

الصورة
الشاعر شون هيويت
الشاعر شون هيويت

ورأت رئيسة الحملة، زوي لولور، أنّ التعهُّد يلعب دوراً رئيسياً في لحظة "يعيش فيها الشعب الفلسطيني عامه الخامس والسبعين من السَّلب والتطهير العِرقي والفصل العنصري والنفي القسري، وتفشل الحكومات الغربية في فرض عقوبات على الكيان الإسرائيلي".

يتمايز موقف كتّاب أيرلندا عن أقرانهم الأوروبيين إزاء العدوان
 

من جهتها، تُواظب "حملة التضامن الأيرلندية - الفلسطينية" على إقامة أنشطتها الدوريّة على مدار العام، حيث تنظّم السبت المقبل، وقفة احتجاجية أمام مقرّ "مفوضية الاتحاد الأوروبي" في دبلن، وغداء عيد الميلاد الأحد المقبل لجمع التبرّعات لغزة.

بالعودة إلى سؤال الصحافة الغربية حول دوافع التضامن الأيرلندي مع فلسطين، فإن المسألة لا تقف عند ذاكرة مشتركة تجاه عدوّ واحد، وكذلك التعاون العسكري بين منظّمات أيرلندية وفلسطينية في فترة مضت، بل في توسّع دائرة العداء في أوساط سياسية أيرلندية ضدّ العولمة وسياسات النيوليبرالية التي تعتقد أنها أكبر داعم للاحتلال الإسرائيلي.

المساهمون