قبيل رحيلهِ بأشهرٍ قليلة، أقامَ الحسين مصدق معرضاً في غاليري "آلان ندود" بتونس العاصمة. بدا الحدث كوداعيّة من الفنان التونسي (1968 – 2022)، لا سيّما بعد اختياره عنوان "تذكّرني" لمعرضه، الذي سعى فيه لتقديم خلاصة تجربته، سواء في تنوّع وسائطها بين الرسم وأعمال التجهيز والفيديو، أو في تأكيد اشتباكه مع الواقع.
خلال حياته القصيرة نسبياً، عاش ابن مدينة غمراسن في الجنوب التونسي، متفرّغاً للفن وملتزماً بجملة مواقف سياسية واجتماعية تنحاز للحرية والتحرّر، ومدافعاً عن حقوق الفنانين من موقعه كنقيبٍ للتشكيليين في بلاده. وقد تسبّب له ذلك ببعض الصدامات مع المؤسسة الرسمية، التي استنكر كثير من المثقفين نعيها له بصيغة "محايدة"، تحجب تلك الحقائق.
بتنظيمٍ من "المركز الثقافي الدولي" في مدينة الحمامات التونسية، يعود مصدق إلى تلك الدوائر القريبة التي شكّلت صلته بالحياة، من خلال معرض استعادي يستعير عنوان آخر معارضه، حيث اُفتتح أول أمس، الأحد، في "رواق الفنون" بدار سيبستيان في المدينة. يستمر المعرض حتّى الثامن من الشهر المقبل.
يتضمّن معرض "تذكّرني" مجموعة من الأعمال الفنية للراحل الحسين مصدق، الذي تخرّج من كلية الفنون الجميلة بدمشق، وبدأ مشواره في مطلع التسعينيات عبر أعمالٍ اتسمت بالتجريب في التعامل مع الخط واللون والأدوات والتقنيات المستخدمة في اللوحة. ستعكس هذه العناصر مغامراته اللاحقة في أعمال تركيبة وفيديو، وستُشكّل جميعها وحدةً متناغمة، بشكلٍ أو بآخر، مع رسوماته.
اختار المنظّمون جملة أعمال تقدّم أهم المراحل الفنية التي مرّ بها، إضافة إلى مجموعة من أعمال أصدقائه وتلاميذه التي سوف تُقدّم في عرض مفتوح يحاكي تفاعُل مصدق الدائم معهم، وهو الذي عُرف عنه ابتعاده عن الصخب والأضواء.
يضع المعرض نتاجات الراحل؛ الذي عاش وحيداً وانتهى مريضاً بالقلب قبل أن يرحل عن عالمنا في شباط / فبراير العام الماضي، في مكانٍ ومكانة يتيحان استقبالها على نحو مختلف، حيث تشاركها أعمال فنانين من أمثال: نورا البجاوي، وألفة داود، وأيمن الوسلاتي، وزهرة زروقي، ومدلان مصدق، وسليم بن ابراهيم، ومنير ورتاني، وسوسن نيغاوي، وفتحي سعيدان، وكافية الراجحي، ومكرم بن خذر، وبسكال نو، وجوان مورنينغ، وارال دو بونتبران، ومحمد جيلاني بالشيخ.
