ذكرى ميلاد: نيازي مصطفى.. الكمّ كـ"طاقية إخفاء"

11 نوفمبر 2020
نيازي مصطفى
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، السابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر، ذكرى ميلاد المخرج المصري نيازي مصطفى (1911 – 1986).


كثيراً ما يُختصر اسم المخرج المصري نيازي مصطفى في كونه صاحب أكبر عدد من الأفلام في تاريخ السينما المصرية (قرابة 150 فيلماً في مسيرة نصف قرن)، وقد يكون هذا الرقم الضخم سبباً في عدم عناية النقّاد والباحثين بالسينما التي قدّمها ناهيك عن تفاوت أعماله وانتقاله بين أنماط فنية متباينة، من السينما العاطفية إلى الكوميدية، مروراً بالأفلام السياسية - الوطنية وأفلام المغامرات التي ركّبها على التاريخ البدوي أو حكايات الأدب العربي القديم، وهكذا حصّل سمعة المخرج الذي يقدّم سينما من أجل السينما دون أن يُسند ذلك بمشروع واضح المعالم.

في كتابه "السينما والمجتمع في العالم العربي: القاموس النقدي للمخرجين"، كتب الناقد اللبناني إبراهيم العريس حول تجربة مصطفى فقال: "كان قادراً على أن يحوّل أية موضوع وأية حكاية إلى فيلم"، لكن العريس - ضمن المدخل المخصّص للمخرج المصري - حاول أن يعيد بعض حقوق صاحب فيلم "طاقية الإخفاء" حين حاول فهم سرّ نيله ثقة المنتجين - والجمهور أيضاً - في فترة ممتدّة. 

يرى العريس أن مصطفى كانت له قدرة تقنية لم تتوفّر لدى معظم المخرجين العرب الآخرين، وهو ما جعله يكسب الكثير من الوقت فلم يكن الجزء التركيبي من فيلم يمنعه من البدء في تصوير فيلم لاحق. كما يشير الناقد اللبناني إلى مسألة أخرى غاية في الأهمية وهي أن نيازي مصطفى كان يدخل العمل السينمائي وفي ذهنه تصوّر متكامل عن جميع عناصره. وبالتالي فإن المقدرة الكمية لمصطفى تعود إلى سيطرته على ما يقوم به.

كان أول فيلم له بعنوان "سلامة في خير" في 1937 وبدا فيه وقد خيّر امتطاء قطار نجومية نجيب الريحاني الذي يبدو مثل المهندس الرئيسي للأعمال التي يظهر في بطولتها، وهكذا أخذ مصطفى بعض السنوات كي يبدو في الصورة. 

التنويع هو ما لفت الانتباه إلى تجربته زمن الأبيض والأسود، حيث كان الانتقال من أفلام خفيفة مثل "مصنع الزوجات" (1941) إلى "ليلى العامرية" (1948)، مروراً بـعمله الشهير "طاقية الإخفاء"، تعبيراً على اتساع الإمكانيات الفنية. وبعد ذلك أثبت مصطفى قدرته على دخول مجال حساسيات سينمائية جديدة فقدّم الفيلم الاجتماعي والنقدي السياسي - وحتى موجة الاقتباس من نجيب محفوظ كان له مشاركة فيها - حين ظهرت هذه الموجات بين ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. 

في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 1986، وُجد نيازي مصطفى مقتولاً في يوم تصوير المشهد الأخير من فيلمه "القرداتي"، وهي جريمة بقيت غامضة فلم يُعرف القاتل ولا حتى الأسباب التي يمكن أن تكون دافعاً للجريمة، وأغلق ملف القضية باعتبار الجاني مجهولاً كما حدث في كثير من الأفلام التي أخرجها.

المساهمون