- "سيلفيا" تروي قصة امرأة في السبعين من عمرها تواجه ماضيها وتسعى للقاء حبها الحقيقي في برشلونة، متسائلة عن معنى الحياة والسعادة وما إذا كانت الأخطار التي نواجهها لتحقيق السعادة تستحق العناء.
- المسرحية تستكشف موضوعات عميقة مثل الحب، الندم، والسعادة في إطار كوميدي ودرامي، مع التأكيد على أهمية المخاطرة والتغيير في الحياة، وتقدم تجربة فريدة للمشاهدين بفضل الحميمية التي توفرها صالة العرض الصغيرة.
تُعتبر صالة "فلاي هارد" في حي سانتس ببرشلونة مسرحاً أرجنتينيّاً بامتياز. ولا يعود ذلك إلى كثرة العروض الأرجنتينية التي تُقام فيها فحسب، بل إلى تصميمها الذي يُشبه المسارح الصغيرة الموجودة في أحياء بوينس آيرس، حيث لا تتّسع الصالة لأكثر من 45 متفرجاً، في كثيرٍ من الأحيان يلعبون دوراً أساسياً في العرض المسرحي.
وعادة ما تُبرمِج الصالة عروضاً مسرحية مُعاصرة لمؤلّفين على قيد الحياة، ويغلب على العروض الطابع الدرامي والكوميدي. من هذه النصوص المسرحية التي تعرض حالياً في الصالة وتستمرّ لغاية السابع عشر من أيلول/ سبتمبر هي مسرحية "سيلفيا"، عن نصٍّ للكاتبة الأرجنيتية كريسيتنا كليمني وإخراج الممثّل والمخرج المسرحي الأرجنتيني نيلسون فالينتي.
وعلى غرار ما يجري في المسرح الأرجنتيني المعاصر، ليس المهمّ ما يحدث، بل ما يهمّ حقيقةً هو كيف يحدث. هنا سنتعرّف إلى قصة سيلفيا؛ امرأةٌ مسنّة عاشت حياتها بين الأرجنتين وبرشلونة، وفعلت كلّ ما كان متوقّعاً منها أن تفعله: الزواج، وإنجاب الأطفال، وتربية الأسرة. هي اليوم أرملة، في السبعين من عمرها. قرّرت العودة إلى برشلونة لتلتقي بالشخص الذي كان الحبّ الحقيقي في حياتها.
ولكن قبل أن تتمكّن من تحقيق رغبتها، سيتعيّن عليها مواجهة مواقف ماضية في حياتها لم تستطع حلّها: الأسرة، والأحكام المُسبقة، ومخاوفها. ومن خلال هذه المواقف والأزمات التي تمرُّ بها، ستكون سيلفيا مستعدّة لتغيّير حياتها بشكل جذري وإلى الأبد، حتى لو نجَمت عن ذلك عواقب غير متوقّعة.
هل يتطلّب تحقيق السعادة المُخاطرة بما استغرقنا عمراً في بنائه؟
تُحاول سيلفيا خلال خمس وسبعين دقيقة أن تُجيب عن أسئلة لا تتوقّف عن طرحها على نفسها: هل بنينا ما بنيناه دون أن نعرف ماذا إذا كنّا نريد ذلك حقّاً؟ وإذا ما أحرقنا سُفننا كلّها، وفُرصنا كلّها التي بحوزتنا، هل سيكون الموت بانتظارنا؟ أم أنَّ الموت هو ما نملكه ظاهرياً وما نتشبّث به مثل الأطفال العُزَّل الذين يخافون من المجهول؟
سرعان ما تُساعدنا صالة العرض الصغيرة، والتي تبلغ مساحتها ثلاثة في أربعة أمتار، للدخول في غرفة معيشة العائلة الصارخة والمختلّة مثل جميع العائلات: الموت والاستقالة والوعود بمستقبل أفضل والندم على الماضي، كل هذه الموضوعات وغيرها تتعايش بطريقة كوميدية لطيفة في العمل وتفاجئنا بتدفّقات دارميّة غير متوقّعة، من بينها سماع أصوات المُمثّلين في الكواليس نتيجة صغر حجم الصالة. وهذا ما يعطي انطباعاً للمشاهدين بالمشاركة في كلّ أحداث العمل المسرحي.
يقول دوستويفسكي إنّ هلاك الإنسان يكمن في عدم معرفة ما يريد. في عصرنا، وبمساعدة التحليل النفسي، يبدو أن تحقيق السعادة باعتبارها الطموح الأسمى هو محرّك البحث والسبب النهائي والجزء الذي لا مفرّ منه في الحياة. ولكن كيف يُمكننا أن نصل إلى تحقيق السعادة؟ وهل سيكون ذلك على حساب رغبتنا الشخصية؟ ماذا سيحدث لحياتنا إذا خاطرنا بما استغرقنا عمراً كاملاً في بنائه؟ في مسرحية "سيلفيا" إجابات لكلّ هذه الأسئلة.