"عونة".. ضدّ التطبيع وشروط التمويل الاستعماري

"عونة".. ضدّ التطبيع وشروط التمويل الاستعماري

14 مايو 2024
مُتظاهِران في وقفة داعمة لفلسطين داخل حَرَم "كلّية دبلن الجامعية" 12 أيار/ مايو (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تتناول القضية الإشكالية لتمويل الدول الغربية للأنشطة الثقافية في العالم العربي وفلسطين، مُسلطة الضوء على التناقض بين دعم الإبادة بالسلاح ومحاولة غسل الجرائم بالمنح الثقافية، كما يُظهر مثال "معهد غوته" في القاهرة.
- تُبرز مبادرة "عونة"، التي انطلقت في "مؤسسة عبد المحسن القطّان الثقافية" برام الله، جهود نحو 50 منظمة ثقافية وأهلية فلسطينية للسعي نحو الاستقلال عن منظومة التمويل الاستعماري، رافضة التمويل المشروط ومكافحة التطبيع.
- تُؤكد "عونة" على ضرورة توفير الدعم القانوني وتطوير استراتيجيات عمل المؤسسات لتنسجم مع رؤية الانفكاك عن التمويل الاستعماري، مع التشديد على رفض أية إجراءات رقابية تحمل طابعًا أمنيًا أو سياسيًا.

يبدو سؤال التمويل الاستعماري للأنشطة الثقافية مُلحّاً اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، لا في فلسطين فحسب، بل على مستوى المنطقة العربية والعالَم المُتفاعل معها، فما معنى أن تُموِّل الدّول الغربية الإبادة بالسلاح وتُغطّي عليها بالسياسات الاستعمارية، ثم تهرع لغسل جرائمها بالمِنَح الصغيرة والتمويلات المُوجَّهة؟ كما فعل "معهد غوته" في القاهرة قبل أيّام، حيث أعلن بكلّ وقاحة عبر حسابه على فيسبوك، مِنحة بعنوان "ملتقى فنّاني/ات غزّة"، فقُوبل المنشور بموجة من الغضب والسخرية من المُتفاعِلين.

ضمن سياق المُواجهة مع هذه الوضعيّة المُتحكِّمة، وبهدف السعي نحو الاستقلال عن منظومة التمويل، التأمَت مطلع الشهر الجاري في "مؤسسة عبد المحسن القطّان الثقافية" برام الله، قرابة خمسين من المُنظّمات الثقافية والأهلية، بالإضافة إلى فاعلين وناشطين من المجتمع المدني الفلسطيني، ضمن مُبادرة حملت اسم "عونة". والتي تأتي، كما يوضّح بيانُها، ردّاً على "مواقف العديد من الجهات المانحة، التي أظهرت تواطؤاً في حرب الإبادة على قطاع غزّة، إذ جرّمت هذه الجهات مقاومة الاستعمار الصهيونيّ، وساوَت في مواقفها بين المستعمِر والمستعمَر، وقطعت التمويل أو هدّدت بقطعه، واتّخذت إجراءاتٍ مجحفةً لفرض مواقفها".

شدّدت المبادرة على مكافحة التطبيع ورفض التمويل المشروط

وفي حين أعلن المشاركون في مُبادرة "عونة" رفضهم التمويلات التي تُعزّز التجزئة، أو ما كان مرهوناً منها بشروط سياسيّة أو إجرائيّة تتضارب مع النضال ضدّ الاستعمار مثل تجريم مؤسسات زميلة، والتصريح بنبذ المقاومة من خلال بنود تُسمّيها بـ"الإرهاب"، أو منع تبنّي نداءات مقاطعة "إسرائيل"، دعَوا في المُقابل إلى الترحيب بالدّعم التضامني الدولي، أكان ماليّاً أم غير ذلك، و"القائم على احترام كرامة شعبنا واستقلالية قراره، وحقّنا بوصفنا فاعلين في مجتمعنا بقراءة واقعنا مُقترناً بخطاب واستراتيجيات وأدوات عمل تنطلق منه".

تبقى النقطة المركزية في بيان مُبادرة "عونة" هي تشديدُها على مسألة "مكافحة كلّ أشكال التطبيع، ورفض تلقّي التمويل المشروط سياسيّاً"، فالتطبيع بوصفه أيديولوجيا ومُمارسة هو ما تدور حوله غالبية المِنَح والإقامات الفنّية التي تُوفّرها المراكز الثقافية الأجنبية في العالَم العربي. كذلك نصّ بيان المنظّمات المُؤتَلفة في "عونة" على: "رفض تلقّي أيّ دعم من حكومات ومؤسسات أجنبية أو عربية أعلنت مواقف سياسية تُدين وتُجرِّم نضال شعبنا، خاصة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023". كما دعت "عونة" إلى: "مُراجعة نقدية جريئة لسياسات التمويل الخاصة بالمؤسسات، واستراتيجيّات عملها، وتطويرها بما ينسجم مع رؤية الانفكاك عن منظومة التمويل الاستعماريّ".

وختَم بيان المُبادرة بالإشارة إلى ضرورة "توفير الدعم القانوني، والحملات المُشتركة لمواجهة الشروط التمويلية، عبر العمل لمراقبة المانحين ومساءلتهم، ورفض أيّة إجراءات رقابية بهدف الفحص والتدقيق، خاصة تلك المُستحدثة بعد 7 أكتوبر، التي تحمل طابعاً أمنيّاً وسياسيّاً".

آداب وفنون
التحديثات الحية

 

المساهمون