الأبنودي والاستبداد.. عِشرة عمر

14 ابريل 2014
لا تعليق...
+ الخط -

من منادمة "شعراوي جمعة" في الستينات، حتى مصافحة السيسي الحميمة منذ أيام، لم يتغير في الرجل شيء؛ هو نفسه منذ أن كتب "تحت الشجر يا وهيبة" وحتى الآن. الرجل هو نفسه، سمير جيد للسلطة، يعرف ما يقدّمه لها في حالة حرجها وأزمتها من مراهم ودهون. ويعرف أيضاً ما يأخذه منها، سواء أكانت "جائزة مبارك" أو غيرها.

منذ خمسين سنة يعرف الرجل طريقه جيداً، ويجيد استخدام مراهمه في تثبيت صورة السلطة عند الطلب، وخاصة اذا كان العرّاب هو هيكل، وهيكل عن يمينه والسيسي عن يساره، فلماذا لا يأخذ يد السيسي في يده بكل حنان؟ فقد كان الرجل يغني "تحت الشجر" منذ خمسين سنة واليسار واليمين تحت السياط في الزنازين؟

لماذا لا يكون في فريق المؤانسة الخاص بهيكل، ويأخذ يد السيسي أمام عيون الشعب خاصة وأنه شاعر الشعب، ولسان حال الشعب، والعرّاب الذي في جواره هو نفسه، هيكل عرّاب عبد الناصر، والستينيات كلها مع الانقلاب، والدم المراق هو فقط دم اليمين الديني(إخواناً أو سلفيين)، عدو اليسار في الحل والترحال؟ فلماذا إذن لا يعجب الأبنودي بالزعيم ("الضرورة" كما قال هيكل)، وهيكل نفسه عن يمينه، والكل يرقص على "تسلم الأيادي"؟ ولماذا لا يأخذ الأبنودي بيد الزعيم الضرورة ويمحضه مراهمه في الدعاية الإنتخابية؟

بعد هذه الخيبة، يأتينا من الذاكرة عطر يحيى حقي، ففي أوائل التسعينيات، وكان صدّام حسين قد صال وجال في الدم بعد حرب الخليج، لم يجد كهنة الجوائز من جيل الستينيات سوى رجل رقيق وطيب وحنون وعفيف يمسح ذنوب الدم عن صدّام، ولو لساعة، كي يأخذ جائزته؛ وهل هناك أكثر طيبة من يحيى حقي؟ فاتصلوا به وكان قد اقترب من الثمانين وعرضوا عليه الأمر، وإذ بالرجل يرد بحدة غير معهودة ويقول لهم: كيف آخذ جائزة من رجل يده ملوثة بدماء أهله؟

هنيئاً لهيكل مباركته الموصولة للاستبداد. أما الأبنودي فهنيئاً له المشي تحت شجر وهيبة حيث البرتقال والمانجا.. والدم أيضاً.


* كاتب من مصر 

المساهمون