زياد عنتر: صدمة الفن على كورنيش جدّة

زياد عنتر: صدمة الفن على كورنيش جدّة

12 يوليو 2015
من أعمال المعرض
+ الخط -

في معرضه الذي افتتح أمس في غاليري "سلمى فيرياني" في لندن، يقدّم التشكيلي اللبناني زياد عنتر مجموعة من التماثيل الأسمنتية تحت عنوان "منحوتات مستقاة" ويستمر عرضها حتى 15 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

بالفعل يستقي عنتر أفكار منحوتاته من أعمال فنانين عالميين تعرض على امتداد كورنيش مدينة جدّة السعودية، فيما يُعرف بـ "متحف الفنون المفتوح".

كان الهدف من رحلة قام بها الفنان اللبناني عام 2012 إلى مدينة جدة السعودية، أن يلتقط صوراً لتضاريس المكان ومشهدياته، ولمّا كان "متحف الفنون المفتوح" يمر بعملية إصلاح وترميم، فقد رُفعت بعض الأعمال الفنية بينما جرى تغطية بعضها الآخر بالأقمشة بهدف حمايتها. بدا الأمر لعنتر كما لو كانت المنحوتات بهذه الهيأة المغطاة هي أعمال فنية قائمة بذاتها.

وبدت مجسمات هنري مور وخوان ميرو وسيزار بالداتشيني وعارف الريس وجون آرب وأليكسندر كالدير وفيكتور فاساريلي مثل جثامين فنية منتشرة ملفوفة في فضاء المدينة بأقمشة ترمي إلى الحفاظ على جمالياتها من التعرّض للتلف.

بعد أن وثّق عنتر المكان بالفيديو والفوتوغراف مستخدماً كاميرا بلاستيكية وعدسات بلاستيكية ليختبر تقلّبات اللون وتأثيره على المكان، أعاد ابتكار المنحوتات كما كانت ملفوفة بالأقمشة، واستخدم في ذلك الإسمنت، مادة لا يخلو اختيارها من معنى في بعدها عن الفن والجماليات.

لعنتر أن يرى، كما يلفت التعريف بأعمال المعرض، أن وجود هذه المنحوتات ليس إلا تعبيراً عن التغيرات الكثيفة التي تمر بها المدينة والتي لحقت بها أيضاً. 

لكن دعونا نعترف، ليس أمراً عادياً وجود ميرو ونظرائه كجزء من حياة يومية لمدينة سعودية؛ في بلاد ما زالت تكافح وجود دور سينما كأنها تكافح آفة، وما زال المسرح يخطو خطواته الأولى من دون شراكة المرأة، وما زال النحّات السعودي ليس له وجود تقريباً في ظل نظرة تحريمية إلى الفنون، وما زال على أي فنان أو فنانة أن يخرج من بلاده بعض الوقت ليستطيع تنفس الفن وممارسته. رغم كل ذلك، تقبل المدينة بطريقة ما الفن الغربي، ربما باعتباره هوية الآخرين، أو مجرّد ضيف غريب على المدينة وعن المنطق الثقافي والاجتماعي للمكان.

"مرونة التوازن" منحوتة ألكسندر كالديرالمعروضة في جدة، 1974

"مرونة التوازن" منحوتة ألكسندر كالديرالمعروضة في جدة، 1974

ربما تقتني المدينة الأعمال الفنية الباهظة تماماً مثلما تقتني المرأة السعودية فساتين شانيل وديور، كجزء من شروط الثراء ومظهر من مظاهر التطور. وربما يكون المتحف المفتوح كله مبادرة من شخص متنوّر، لم لا؟ المفارقة أن السعودية التي سبقت جاراتها في عرض الفن العالمي بأربعين سنة، تبدو فقيرة الآن في ما يخصّ الفنون بالمقارنة مع جاراتها بل وعاجزة عن المنافسة.

وبالعودة إلى منحوتات عنتر، فإن تغطية الجمال لحمايته هي حجة جرى استخدامها بكثرة في مجتمعات حاجبة كي لا نقول محجّبة. وربما يكون في أعمال عنتر المفزعة ما يقود رائيها إلى هذه الفكرة بشكل ما.

المساهمون