سحر المؤرخ

سحر المؤرخ

18 فبراير 2016
(1923 - 2016)
+ الخط -

ثمة أكثر من وجه وصورة لمحمد حسنين هيكل ستشغل كتّاباً وباحثين في المستقبل، إذ ثمة تفرّعات عديدة لشخصية الصحافي والمؤرخ وصانع السياسات، عبر أكثر من ستة عقود في الحياة العربية المعاصرة.

في آخر ظهوراته المتلفزة العام الماضي لم يكن من الصعب ملاحظة أن الرجل، رغم كل معرفته وحكمته، أصبح خارج اللحظة العربية السياسية الراهنة، أصبح خارجها تحديداً بسبب هذه المعرفة والأدوات التي تقادمت، ولأن اللحظة تتمسك بأبنائها الجدد وثمة حد للولادات الذاتية المتتالية التي يمكن أن تقوم بها شخصية ما، كما أن ثمة حد للتجدّد وتجديد الحضور.

وإن كان "الأستاذ" لم يفقد سحره وقدرته على تحويل التاريخ السياسي إلى حكاية والحكاية إلى تاريخ سياسي. وهو برأينا سحر لا تغطيه ظاهرة رصد "تناقضاته"، الرائجة منذ عشرين سنة.

في النهاية، نحن البشر محكومون بقوانين الطبيعة. هذه القوانين التي بدا هيكل خارجها باقتدار. بدا كأنه عاش شاباً طوال حياته وبقيت شيخوخته لامرئية تقريباً. وهو أمر لم يكن ممكناً النظر إليه من دون إعجاب، ولا سيما في بلد كمصر، حيث الإنتاج المتقطّع والعمر القصير سمتان عامتان لدى المبدعين والمشتغلين في المعرفة.

بعد سفره الأخير، وربما تراجع الجدل حول مواقفه وأدواره، يمكن العودة بهدوء إلى هيكل المؤرخ السياسي، إلى كتبه تحديداً، حيث صورته الأوفى وزبدة حصاده.


اقرأ أيضاً: طبقات الإرهابيين

المساهمون