أزمة الطاقة في أوروبا: هدنة مؤقتة

09 يناير 2023
منشأة لتخزين الغاز في جنوب ألمانيا (فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن الأوروبيين سيشهدون هدنة مؤقتة من أزمة الطاقة هذا الشتاء، حيث يعزز الطقس المعتدل حتى الآن من ابتعاد شبح الأزمة، ولا سيما مع تراجع أسعار الغاز للأسبوع الرابع على التوالي، بينما المشكلات الأساسية لم تُحل بعد. يستمتع الأوروبيون، على وجه الخصوص، بطقس خريفي، إذ كانت درجة الحرارة في العاصمة الألمانية برلين 16 درجة مئوية في يوم رأس السنة الجديدة، في صورة مغايرة تماماً للمشاهد التي تسود الولايات المتحدة، حيث تحاصر الثلوج المواطنين وتجمد أسواق الطاقة.

نهاية الأسبوع الماضي، سجلت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا تراجعاً جديداً يضاف إلى الهبوط المستمر منذ ثلاثة أسابيع سابقة. إذ انخفضت العقود المستقبلية الهولندية، المرجعية الأقرب أجلاً، بنسبة 4%، واستقرت عند 69.53 يورو لكل ميغاواط/ ساعة (وحدة قياس أوروبية)، مسجلة هبوطاً أسبوعياً بنحو 8.9%.

الشتاء المعتدل نعمة

بعد الأسعار القياسية التي شهدتها القارة الباردة خلال العام الماضي، والمخاوف من أن تضطر حكومات الدول إلى الترشيد الإجباري لاستهلاكها للغاز، يُعتبر الشتاء المعتدل نعمة تساعد المنطقة في الحفاظ على مخزونات الغاز عند مستويات جيدة. كذلك يخفف تراجع الأسعار من وطأة التضخم المرتفع وينشر التفاؤل بين الشركات في مختلف القطاعات.

وامتلأت المخزونات الأوروبية بنسبة 83%، وهي أعلى من المستوى الموسمي العادي لمدة خمس سنوات في هذا الوقت من العام، وفق تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية.

أما في ألمانيا، الاقتصاد الأكبر في المنطقة، فتبلغ نسبة امتلاء المخزون 91% تقريباً، وفقاً لـ"جمعية البنية التحتية للغاز في أوروبا". وقال كلاوس ميولر، رئيس الجهة التنظيمية للشبكات في ألمانيا، في مقابلة مع الإذاعة الألمانية العامة "إيه آر دي": "نحن متفائلون للغاية الآن، بخلاف ما كنا عليه خلال فصل الخريف"، مستبعداً حدوث نقص في الغاز هذا الشتاء.

أضاف ميولر: "كلما زادت معدلات الغاز المتوافرة في مرافق التخزين في بداية العام، يتراجع الضغط والتكلفة التي سنواجهها لملء الخزانات مرة أخرى لفصل الشتاء المقبل".

ولم يكن المخزون وحده ما ساهم في تراجع أسعار الغاز في أوروبا، بل ترشيد الاستهلاك بفعل الغلاء، حيث قلل مستهلكو الغاز المخصص للاستخدام المنزلي والتجاري والصناعي من طلبهم عليه خلال الشتاء لخفض التكاليف.

ورغم هبوب موجة برد قاسية في بداية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تراجع الطلب على الغاز بأنحاء متفرقة من أوروبا خلال الشهر الماضي بنسبة 11% مقارنة بمتوسط الخمس سنوات الماضية، وفقاً لبيانات مؤسسة "آي سي آي إس" العاملة في استشارات الطاقة.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز أخيراً، إن أزمة الطاقة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا كانت اختباراً صعباً لألمانيا، وحثّ المواطنين على مواصلة ترشيد الاستهلاك خلال الأشهر المقبلة. ومع ذلك، لا تزال المخاطر موجودة، وأسعار الغاز أعلى بكثير من مستوياتها المعتادة، والقارة عرضة لأي أزمات إضافية في الإمدادات، إذ تعاني الأسواق العالمية من نقص أساسي في الغاز هذا العام، وسط تراجع التدفقات من روسيا. وستكون إمدادات الغاز الطبيعي المسال محدودة، في ظل عدم إطلاق مشروعات تصدير كبرى جديدة على المدى القريب، ويمكن أن تزداد حدة المنافسة مع الدول الآسيوية على الوقود.

المشكلات الأساسية لم تُحل

وقال غراهام فريدمان، المحلل في شركة "وود ماكنزي" الاستشارية، إن "المشكلات الأساسية لم تُحل بعد. ما زال علينا تخطي بقية فصل الشتاء، ومخاطر نقص الإمدادات مستمرة". وتترقب الأسواق تفعيل آلية وضع سقف لأسعار الغاز عند 180 يورو (191 دولاراً) لكل ميغاواط/ ساعة، في 15 فبراير/ شباط المقبل، التي وافق عليها الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي للحد من الأسعار المفرطة.

كانت أسعار الغاز في أوروبا قد وصلت إلى مستوى غير مسبوق، خلال أغسطس/ آب 2022، عند 340 يورو لكلّ ميغاواط/ ساعة (99 دولاراً لكلّ مليون وحدة حرارية)، مع إغلاق أنبوب "نورد ستريم 1" الذي ينقل الغاز الروسي، وتوقف بعض محطات تصدير الغاز المسال في أميركا وأستراليا بسبب الطقس السيئ.

المساهمون