الجزائر تسمح باستيراد السيارات المستعملة وسط مخاوف على الدينار

الجزائر تسمح باستيراد السيارات المستعملة وسط مخاوف على الدينار

18 يونيو 2021
تحرير استيراد السيارات المستعملة (Getty)
+ الخط -

فصلت الحكومة الجزائرية أخيراً في ملف استيراد السيارات المستعملة، منهية بذلك أشهراً من التردد والتخبط في تسيير هذا الملف، حيث حملت الموازنة التكميلية للعام 2021، التي وقع عليها الرئيس عبد المجيد تبون، الضوء الأخضر لتحرير وارداتها من السيارات المستعملة رسمياً، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تستهدف استرضاء الشارع وامتصاص غضب الحراك الشعبي المتواصل منذ 22 فبراير/شباط 2019، يقابله تخوف من أن يفتح هذا القرار بابًا جديًدا على الفساد في حال غياب الرقابة الحكومية.

وحملت المادة 110 من الموازنة التكميلية الترخيص "بجمركة السيارات السياحية التي تقل خدمتها عن ثلاث سنوات، المستوردة من طرف الخواص المقيمين، مرة كل ثلاث 3 سنوات على حساب عملتهم الخاصة المتواجدة برصيدهــم بالعملة الأجـنبية الذي تم فتحه بالجزائر، وذلك من أجل طرحها للاستهلاك، مع دفع جميع الحقوق والرسوم المنصوص عـليهــا بموجب نظام القانون العام".

وإن كانت الحكومة اتخذت قرارها فيما يتعلق باستيراد السيارات المستعملة، إلا انها لا تزال تتردد في طرح التفاصيل العملية لهذا الإجراء والخطوات التنفيذية لتطبيقه، خاصة فيما يرتبط بآليات الاستيراد والرسوم الجمركية وطريقة تحويل الأموال من الجزائر نحو الدول المعنية باستيراد السيارات المستعملة.

ورأى الخبير الاقتصادي جمال نور الدين أن "استيراد السيارات التي عمرها أقل من ثلاث سنوات يحتاج إلى صدور تنظيم آخر وفي كل الأحوال هو قرار اقتصادي ضرره أكثر من نفعه، السوق السوداء للعملة سترتفع مع بداية النشاط، وإدارة سعر الصرف الرسمي ستصبح صعبة، كما أن التضخم سيزيد والسعر لن يكون منخفضاً".

وأضاف نور الدين لـ "العربي الجديد" أن "القرار غير صائب للأسف، إذ كان بالإمكان بعث نشاط الصناعة أو استيراد سيارات جديدة لتهدئة السوق. الموازنة التكميلية فيها ثغرات وعيوب كثيرة يجب مراعاتها ورفع القيود والشروط المسبقة وإعطاء الحرية للمواطن لاستيراد سيارة مستعملة بأقل تكلفة في ظل عدم وجود بديل محلياً".

وخلافا لما تم الترويج له بشأن انهيار أسعار السيارات، تواصل هذه الأخيرة ارتفاعها، رغم القرارات الأخيرة الاستعجالية، لفتح الباب لاستيراد سيارات بعمر أقل من 3 سنوات.

وتؤكد دراسة أعدتها جمعية وكلاء السيارات المعتمدون، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن أسعار المركبات شهدت لهيبا حادا بلغت نسبته في بعض الأصناف 200 في المائة منذ سنة 2014 وصولاً إلى سنة 2019، ويتواصل الارتفاع خلال الأشهر الأخيرة، حيث بلغ سعر هيونداي "أكسنت" 2.6 مليون دينار (20 ألف دولار) بترقيم سنة 2020، وهو ثمن أكبر من السائد في بلد المنشأ، على سبيل المثال لا الحصر.

وأكد المتعاملون ووكلاء السيارات، أن انخفاض سعر السيارات في السوق الجزائرية، يفرض أولا انخفاض سعر العملة الصعبة على مستوى السوق الموازية، والذي لا يزال مرتفعا جدا رغم محدودية السفر وعدم الشروع في استيراد سيارات أقل من 3 سنوات لحد الساعة، بسبب غياب النصوص القانونية التطبيقية، حيث وصل سعر العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" على مستوى سوق السوداء للعملة الصعبة إلى 210 دنانير لليورو الواحد.

وشددت مصادر "العربي الجديد" على أن المرحلة المقبلة سيشهد خلالها سعر "العملة" ارتفاعا أكبر، وهو ما يفضي إلى صعود في أسعار المركبات، كما أن انخفاض سعر المركبات يفرض إغراق السوق بالسيارات الجديدة، وهو ما يصعب تطبيقه، خاصة وأن وزارة الصناعة ستعتمد نظام الحصص، أي أن نسبة الطلب ستواصل الارتفاع مقارنة مع نسبة العرض.

وكشف الخبير في سوق السيارات عبد الرحمان زهوان أن "استيراد السيارات المُستعملة سابقا كان يطرح عديد المشاكل على مستوى المراقبة، فالكثير من السيارات المستعملة المغشوشة تم استيرادها في الماضي وعجزت أجهزة الجمارك عن إحباط دخولها للجزائر، وهذه النقطة لا تزال مطروحة". ومن الناحية المالية رأى زهوان في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "فتح باب استيراد السيارات المستعملة سيرفع الطلب على العملات الأجنبية في السوق الموازية للعملة الصعبة.

فالحكومة ترفض بيع العملة في البنوك لمن أراد أن يشتري سيارة مستعملة من الخارج، وبالتالي هي تدفع المواطن نحو الأسواق الموازية لشراء العملات، وقد يتسبب ذلك في ارتفاع لافت، خاصة للعملة الأوروبية الموحدة (اليورو) مقابل الدينار، وهذه من النقاط التي تبقى سوداء في هذا الملف".

المساهمون