الحرب الروسية الأوكرانية تفاقم الصعوبات أمام لبنان لاستيراد القمح

الحرب الروسية الأوكرانية تفاقم الصعوبات أمام لبنان لاستيراد القمح

08 مارس 2022
أزمة القمح تهدّد خبز اللبنانيين (حسين بيضون)
+ الخط -

وجَّه الغزو الروسي لأوكرانيا ضربة قوية للبنان الذي يقف أمام أزمة قمح عالمية بيدَيْن خاليتَيْن من السيولة اللازمة والخيارات البديلة ما يصعّب عليه عمليات الشراء ولا سيما في ظلّ "شحّ المصدّرين" وارتفاع تكاليف الشحن.

ويستورد لبنان سنوياً نحو 600 ألف طن من القمح، أي بمعدل 50 ألف طن شهرياً، حوالي الستين في المائة منها من أوكرانيا، ومن ثم روسيا ورومانيا، بينما المخزون المتوفر حالياً يكفي حاجة السوق لحوالي شهر ونصف، وفق تأكيد مدير عام الحبوب والشمندر في وزارة الاقتصاد اللبنانية جرجس برباري لـ"العربي الجديد".

يدعو برباري اللبنانيين للاطمئنان وعدم الهلع والتهافت لتخزين المادة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى نفادها في أيام، لكنه في المقابل لا ينكر الصعوبات التي تواجه لبنان ولا سيما بعد الدمار الذي لحق بأهراءات (صوامع) القمح نتيجة انفجار مرفأ بيروت، فهناك أولاً ارتفاع في تكاليف الشحن والتأمين وأسعار النفط عالمياً بشكل غير مسبوق، وشحّ المصدّرين والمنافسة العالمية، وبالتالي "فإننا نعمل على إدارة الازمة لكننا لا نملك ترف الحلول".

ويشير مدير عام الحبوب والشمندر في وزارة الاقتصاد اللبنانية إلى أن مجلس الوزراء قرر إعطاء المديرية سلفة خزينة لشراء كمية 50 ألف طن من القمح المستورد المعد للطحين وصناعة الرغيف مع جميع النفقات المتممة وذلك بقيمة 36 مليار ليرة لبنانية. وسيعقد المجلس جلسة، بعد غد الخميس، في الإطار نفسه، "ومن المفترض أن يكون المبلغ معنا آخر الأسبوع الجاري، والذي على ضوئه سنرى كيف أصبحت الأسعار، علّ السوق يكون قد هدأ قليلاً".
ويلفت برباري إلى أنه "أعددنا كل الإجراءات المرتبطة بمناقصة شراء القمح، ولكن هذه العملية لن تكون سهلة وسط تهافت الدول ذات المقدرة المالية للشراء، ومنها من تعجز عن ذلك حتى، وقد ألغت مناقصات في هذا الإطار مثل مصر، ويجب أن تكون الأموال في متناول أيدينا للتسديد عند إيجاد العرض المناسب، ولا سيما أن الأسعار تشهد تقلبات سريعة جداً، ما يحتم علينا الإسراع في التحرك".

وناشد برباري مصرف لبنان "دفع الأموال المطلوبة وفتح الاعتمادات لتحرير جميع البواخر العالقة، فالمشكلة كلها عنده وعليه أن يدفع الأموال بأسرع وقتٍ ممكن حتى تبدأ عمليات التفريغ، ما يحول دون تفاقم الأزمة"، أضاف: "نطلب من الدول المانحة المساعدة والدعم والحصول على هبات، لأن السلفة أيضاً تبقى غير كافية، خصوصاً أن مسار الأسعار إلى ارتفاع قياسي".
وما زال مصرف لبنان يدعم استيراد القمح على سعر الصرف الرسمي، أي 1515 ليرة لبنانية، لكنه في المقابل يتأخر ويماطل في فتح الاعتمادات وتأمين الأموال المطلوبة، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول الوقت الذي سيستمر فيه مصرف لبنان بدعم هذه المادة، وخصوصاً مع ارتفاع سعرها عالمياً. ويلفت برباري إلى أن "هناك بدائل عدة أمام لبنان، منها أميركا اللاتينية، أستراليا، الهند وغيرها، لكن بهذه الحالة تكاليف النقل والشحن ستكون مكلفة جداً، وخصوصاً أن أسعار النفط ترتفع عالمياً، وهو ما سيؤثر بالتالي على الأسعار وينعكس حكماً على أسعار السوق اللبناني".

يشير مدير عام الحبوب والشمندر في وزارة الاقتصاد اللبنانية إلى أن مجلس الوزراء قرر إعطاء المديرية سلفة خزينة لشراء كمية 50 ألف طن من القمح

من جهته، يقول رئيس تجمع أصحاب المطاحن في لبنان أحمد حطيط، لـ"العربي الجديد"، إن "المخزون الحالي يكفي لحوالي شهر ونصف تقريباً مع فتح مصرف لبنان الاعتمادات ووصول البواخر تباعاً، وبنتيجته ستبقى الأسعار على حالها لبنانياً وبعدها حتماً ستتغير".
ويشير إلى أن مجلس الوزراء أقر سلفة لتأمين شراء 50 ألف طن، وهي احتياجات تكفي لشهر واحد، أما المبلغ المرصود فلم يعد كافياً طبعاً بالنظر إلى تقلبات الأسعار السريعة ومسارها التصاعدي، والموضوع مرتبط بحاكم مصرف لبنان ربطاً بالدولارات والموافقة عليها.
ويتوقف حطيط عند البدائل التي تتقلص أيضاً، "فعلى سبيل المثال قبل أيام كان هناك البلغاري، الروماني، الهنغاري، والصربي، ولكنهم منعوا تصدير المواد الغذائية وأصبح أمامنا بالتالي دول مثل ألمانيا وفرنسا وأميركا على المدى الأبعد، ومن هنا لا بد من الإسراع في بتّ الموضوع نظراً للإجراءات التي تتخذ من قبل دول العالم وارتفاع الطلب على القمح بشكل كبير".

بالتزامن، بدأت السلطات اللبنانية باتخاذ إجراءات لمنع تفاقم الأزمة، وخصوصاً على صعيد منع تصدير المواد الزراعية وتلك التي تستخدم في صناعات الزيت النباتي وغير ذلك، والدخول في مرحلة تقنين تعطى فيها الأولوية لتوزيع القمح بغية إنتاج الخبز، كما تقوم بمداهمات للجم عمليات التخزين والاحتكار.

المساهمون