باكستان تتجرع الدعم المرير من صندوق النقد: شروط قاسية للإقراض

31 يناير 2023
احتياطي النقد الأجنبي يغطي ثلاثة أسابيع فقط من الواردات (فرانس برس)
+ الخط -

وصلت بعثة من صندوق النقد الدولي إلى باكستان، اليوم الثلاثاء، لاستكمال المحادثات المعلقة مع إسلام آباد منذ ما يقرب من أربعة أشهر بشأن الإفراج عن قرض مصيري، إذ أبدت الحكومة موافقتها على ما وصفته بـ"تجرع الدعم المرير" من أجل إنقاذ البلاد مالياً.

وقال مسؤول حكومي كبير إن رئيس بعثة صندوق النقد إلى باكستان ناثان بورتر سيبدأ مناقشات فنية مع السلطات حتى يوم الجمعة المقبل، تليها مرحلة ثانية من المفاوضات المالية تستمر حتى التاسع من فبراير/ شباط الجاري.

وأضاف المسؤول، وفق صحيفة داون الباكستانية، أن "الحكومة ستضطر إلى إلغاء دعم الطاقة للصناعات التصديرية الكبرى، إلى جانب خفض التكاليف المدنية والأمنية غير المرتبطة بالرواتب كجزء من الإصلاحات القاسية المطلوبة للحصول على موافقة صندوق النقد على خطة إنقاذ مالية".

وتشمل شروط صندوق النقد أيضا سحب دعم الكهرباء، ورفع أسعار الغاز لتتماشى مع الأسعار العالمية، وتحرير سعر الصرف، ورفع القيود الحكومية على الاستيراد وزيادة الضرائب.

وبالفعل أقدمت الحكومة في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي على زيادة أسعار البنزين والديزل وإلغاء سقف سعر الدولار الذي كانت قد وضعته في السابق، ما سمح بهبوط سعر الروبية بما يقارب 14% منذ بداية الأسبوع الماضي ليصل الدولار حاليا إلى نحو 263 روبية، وزيادة أسعار الفائدة لتصل إلى حوالي 17%.

وأقر المسؤول بأن شروط صندوق النقد سيترتب عليها "عبء مالي ضخم على أغلبية السكان الذين يعانون بالفعل من ضغوط شديدة.. سيتعين على الطبقة الوسطى والإدارة المدنية والقوات المسلحة والقضاء التضحية بنمط الحياة الذي لم يعد أكثر استدامة، لذا أقصى جهد للحكومة مع صندوق النقد سيكون العمل على ترتيب للحد من هذا العبء".

وأضاف أن "التأثير على الأغنياء سيكون متناسباً مع أموالهم، سواء من حيث زيادة تعرفة الطاقة أو العبء الضريبي الإضافي".

وتابع المسؤول أن "حوالي 30% من السكان تحت خط الفقر ويتم الاعتناء بهم من خلال مختلف برامج الدعم الاجتماعي، في حين أن ما بين 22% و25% آخرين أكثر عرضة لدوامة التضخم، وبالتالي يجب حماية هؤلاء من المزيد من الصدمات.. سيتطلب ذلك نظرة عطوفة من صندوق النقد".

كانت الحكومة قد أبلغت صندوق النقد رسمياً في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي برغبتها في قبول جميع الشروط الرئيسية له، وطلبت الحصول على 3 مليارات دولار من القرض المتفق عليه سابقاً لها لتجنب تعثر عن سدداد التزاماتها المالية.

وتحتاج باكستان إلى ما بين 8 و9 مليارات دولار خلال الأشهر الخمسة المتبقية من السنة المالية الحالية (تنقضي بنهاية يونيو/ حزيران المقبل)، للوفاء بالالتزامات الدولية، فيما تبلغ الاحتياطيات التي يحتفظ بها البنك المركزي حالياً ما يزيد قليلاً عن 3 مليارات دولار.

والأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء شهباز شريف إن "الحكومة مستعدة أخيراً لتجرع الدعم المرير" لإحياء برنامج القروض، مضيفاً "لقد تحدثت إلى المدير العام لصندوق النقد الدولي منذ أسبوعين وتواصلنا معهم بشكل استباقي، حتى يمضي البرنامج قدماً، بالإضافة إلى البرامج الثنائية والمتعددة الأطراف الأخرى".

وتابع أن باكستان تلقت رسالة واضحة "من اليسار واليمين" مفادها أنها لن تتخلى عنها، لكن ينبغي عليها التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وهذه إشارة واضحة إلى التقارير التي تفيد بأن الدول الصديقة ومؤسسات الإقراض العالمية الأخرى ترهن مصير تقديم مساعدات مالية إلى باكستان بما سيجرى الاتفاق عليه بين إسلام آباد وصندوق النقد.

وكان الصندوق قد صرف دفعة بقيمة 1.1 مليار دولار في أغسطس/ آب الماضي من قرض متفق عليه مع باكستان بقيمة 6 مليارات دولار، لكن المحادثات بين الطرفين تذبذبت منذ ذلك الحين، بسبب تردد باكستان في تنفيذ اشتراطات صندوق النقد خشية السخط الشعبي، لا سيما في ظل معاناة البلد من ظروف اقتصادية صعبة وترد معيشي خاصة في أعقاب الفيضانات التي ضربت البلاد خلال العام الماضي وعمقت متاعب الكثيرين.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي يغطي ثلاثة أسابيع فقط من الواردات. وتواجه الدولة ضغوطاً مالية كبيرة، إذ تشير مؤسسات مالية دولية إلى تزايد مخاطر التخلف عن سداد الديون.

وسبق أن قال وزير المالية في مقابلة مع وكالة رويترز في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إنّ بلاده تسعى لإعادة جدولة نحو 27 مليار دولار من ديونها خارج نادي باريس، متعهداً بتطبيق إصلاحات اقتصادية للحد من الأزمة المالية للبلاد.

المساهمون