تركيا: آمال باستعادة ملياري دولار بعد اعتقال مؤسّس منصة "ثودكس" للعملات الرقمية

30 اغسطس 2022
طاولت أكبر عملية احتيال بتاريخ تركيا نحو 400 ألف شخص (Getty)
+ الخط -

أنعش خبر إلقاء القبض على مؤسس منصة "ثودكس" للعملات الرقمية في تركيا فاروق فاتح أوزر، المتواجد في ألبانيا، آمال مئات آلاف المواطنين الأتراك باستعادة أموالهم، بعد أن احتال عليهم مؤسس المنصة وغادر تركيا في عام 2021، بعد أن احتجز ملياري دولار من أموال المودعين والمستثمرين، حيث ينتظر أن تستكمل فصول المحاكمة في إسطنبول بعد إعادته لتركيا.

وأعلنت وزارة الداخلية التركية، الثلاثاء، إلقاء القبض على المطلوب أوزر (29 عاما)، أثناء وجوده بألبانيا، والبدء بإجراءات إعادته إلى تركيا، مضيفة أن وزير الداخلية الألباني بليدار تشوتشي، أبلغ نظيره التركي سليمان صويلو، إلقاء القبض على أوزر قرب منطقة فلورا.

ويرى الأتراك أن عملية إلقاء القبض على أوزر ستؤدي إلى تقدم واضح في المحاكمة، وستعطي بعداً إضافياً في الكشف عن جميع الحيثيات والتفاصيل، ومعرفة مصير الأموال التي جرى الاحتيال بها، وكيفية استعادة تلك الأموال وإعطائها إلى المواطنين الذين ينتظرون منذ أكثر من عام هذا الخبر المفرح.

وقال الصحافي التركي يوسف سعيد أوغلو لـ"العربي الجديد"، تعقيبا على القضية ومآلاتها، إن "اعتقال أوزر أراح كثيرا من المواطنين الأتراك، خاصة أن قضية العملات الرقمية باتت سيئة السمعة على الصعيد المحلي، وأنعش آمال عدد كبير من ضحايا الاحتيال، ومن المنتظر أن يجري استكمال الإجراءات والتحقيقات واستحضاره، حسب المعلومات المتوفرة بالوقت الحالي، حيث إن القضية جنائية، وهو ما ساهم بتعاون ألبانيا فيها، وينتظر أن يصل أوزر خلال الأيام القليلة المقبلة إلى تركيا".

وأضاف أن "التفاعل الإعلامي كان كبيرا مع اعتقال أوزر بسبب القضية المصنفة حاليا بأنها أكبر عملية احتيال في تركيا، كما أن عملية استحضاره من المؤكد ستحصل على اهتمام ومتابعة إعلامية كبيرة، كما حصل مع قصة الشاب آيدن الذي أعيد من البرازيل، ولا يزال تجري متابعة فصول محاكمته إلا أنه حتى الآن لم يستعد أحد من الضحايا الأموال التي حصل عليها، ومن السابق لأوانه معرفة كثير من التفاصيل لأن الخبر كان حديثا والمعلومات المتوفرة قليلة، ورغم ذلك فإن وقع الخبر يعتبر كبيراً على صعيد الرأي العام التركي المتفاعل بشدة مع هذه القضية وقضية الاستثمارات".

وشدد على أن "استعادة الأموال لن تكون بهذه السرعة والبساطة، لأن عملية التحقيق والمحاكمة والكشف عن مسار الأموال سيأخذ بالطبع وقتا طويلا، كما أنه يتوقع أن يدافع أوزر عن نفسه، وإلى حين استكمال التحقيقات والمحاكمة والكشف عن مصير الأموال قد يستغرق وقتا طويلا، ولكن الاهتمام الحكومي في ملاحقة مصير الأموال قد يسرع من العملية وفي النهاية يمكن القول إن إعادة أوزر ستكشف تفاصيل كثيرة، منها على سبيل المثال مساعيه لاحقاً للهروب والاختفاء وتعاونه مع منظمات المافيا، والبدل الذي دفعه في هذا الإطار".

وأوضح بيان الداخلية أن رئاسة دائرة الإنتربول لدى المديرية العامة للأمن التركي، تواصل الإجراءات اللازمة من أجل إعادة أوزر إلى تركيا، وبحسب قناة خبر تورك، فإن مديرية الأمن في ألبانيا ستستكمل إجراءات التحقيق، والتنسيق لاحقا مع السفارة التركية وأجهزة الأمن التركية المختلفة، تمهيدا لمرحلة الاستعادة، مبينة أن تركيا وألبانيا سبق وأن اتفقتا بمواضيع تبادل المطلوبين، خاصة أن ألبانيا، وفق القناة، تعتبر واحدة من معاقل المافيا الدولية، وقد تفاعل الإعلام التركي بشكل مكثف مع الخبر وتطوراته، إذ تعتبر عملية الاعتقال مفاجئة وجاءت بشكل غير متوقع.

الشرطة الألبانية بدورها أصدرت بيانا قالت فيه إن أوزر ألقي القبض عليه بعد توجيه التهم له والمطالبة باعتقاله، وفق النشرة الحمراء على الصعيد الوطني والدولي، حيث تمت متابعة أشخاص ألبان على ارتباط به، وهم (ب.ش) 36 عاما، و(إ.هـ) 37 عاما، واعتقالهم والتحقيق معهم والتدقيق بهواتفهم الجوالة وحواسيبهم، وكانت بمثابة الأدلة التي أوصلت إليه عبر القضاء".

القضية وقعت فصولها في إبريل/ نيسان من العام الماضي، وعلى إثرها فتحت النيابة العامة التركية تحقيقا في 22 إبريل/ نيسان من العام نفسه، بعد بلاغ بعدم تمكّن عملاء "ثوديكس" لتداول العملات المشفرة، من الوصول إلى حساباتهم على المنصة، وسط أنباء حول فرار مؤسس الشركة إلى خارج البلاد.

وأظهرت التحقيقات أن أوزر غادر البلاد قبلها بيومين إلى ألبانيا، وانتشرت مقاطع فيديو سفره عبر مطار إسطنبول، لتصدر وكالة الإنتربول الدولية يوم 23 من الشهر نفسه، قراراً بملاحقته بالنشرة الحمراء، واستكملت التحقيقات وانتقلت إلى المحكمة التي لا تزال تنظر في القضية، فيما طالب الادعاء العام بحبس 21 متهما بالسجن أكثر من 40 ألف عام، بثلاث تهم متفرقة.

وصنفت عملية الاحتيال هذه بأنها "أكبر" عملية احتيال في تاريخ الجمهورية التركية، نفذتها المنصة وبلغت قيمتها نحو 2 مليار دولار، وقع ضحيتها نحو 391 ألف عميل مشترك مع البورصة، إذ إن الشركة كان لديها 400 ألف مشترك، منها 391 ألف حساب فعال، وبدأت قصة احتيالها عندما توقف عمل الموقع الإلكتروني للشركة، وتوقفت عملية وصول المستثمرين إلى حساباتهم لاحقا، ليتم التواصل مع محامي الشركة الذين أفادوا بأن الموقع يعيش منذ عدة أيام مشاكل متعددة في تحويل الأموال، ليتم إغلاق الموقع بشكل كامل فيما بعد.

ورافق ذلك إغلاق كامل لحسابات مؤسس الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي في تويتر وإنستغرام، في وقت نشرت فيه الشركة بيانا أفادت فيه بأن "عملية نقل الملكية للمستثمرين الجدد ستؤدي إلى توقف الموقع لمدة 6 ساعات"، أعقبه بيان آخر، بأن هذه العملية قد تستغرق 4-5 أيام، وهذه البيانات أرقت المستثمرين الذين علموا فيما بعد عن مغادرة مالك الشركة للبلاد، ليبدأوا بتقديم شكاوى بأعداد كبيرة للنيابة العامة في الولايات التي يقيمون بها.

وبناء على ذلك أطلقت النيابة العامة في إسطنبول عملية تحقيق في القضية، تحت بند "تشكيل عصابة منظمة لارتكاب الجرائم"، و"الاحتيال النوعي"، وأرسلت قوات الشرطة لتفتيش مقر الشركة في إسطنبول، وذكّرت هذه القضية بقصة نصب أخرى وقعت قبل سنوات من قبل الفتى التركي اليافع "محمد آيدن" الذي جمع أموال 132 ألف مواطن تركي لاستثمارها في مشروع زراعي حيواني، إلا أنه فر بعد جمعه 1.140 مليار ليرة تركية (1 دولار يعادل 18.17 ليرة تركية)، ولكنه سلم نفسه في يوليو/ تموز من العام الماضي، واستعيد من البرازيل، وتواصل المحكمة محاكمته دون العثور على أموال حتى الآن.

ومن الواضح أن أوزر الذي أسس منصته عام 2017، سيواجه مصير آيدن، من خلال إخضاعه للمحاكمة فوراً عقب وصوله ومعرفة مصير الأموال، والاستماع إلى أقواله، ومثوله أمام المحكمة، ولعل السؤال الأبرز الذي يطرح في البال هل سيستعيد المواطنون الأتراك أموالهم، أم أنها تبخرت، ويكتفي أوزر بقضاء محكوميته بالسجن، مستذكرين قضية الشاب آيدن.

المحاكمة التي ما زالت تتواصل في إسطنبول يحاكم بها 21 متهما، من بينهم أوزر، وجّهت النيابة العامة تهم "تأسيس وإدارة منظمة لارتكاب جرائم"، والاحتيال عبر استخدام الأنظمة الرقمية"، و"تبييض الأموال عبر شركة تجارية"، حيث لا يزال 6 من العاملين معه قيد الاعتقال، فيما يحاكم البقية دون اعتقال بشرط الرقابة العدلية.

المساهمون