تعديل دولار الحوالات في سورية يرفع أسعار السلع ويخفض قيمة الليرة

تعديل دولار الحوالات في سورية يرفع أسعار السلع ويخفض قيمة الليرة

05 فبراير 2023
استمرار الأزمة النقدية (Getty)
+ الخط -

رفعت معظم المحال التجارية والغذائية في العاصمة دمشق أسعارها بعد ساعات من قرار البنك المركزي التابع للنظام السوري رفع سعر صرف دولار الحوالات إلى 6650 ليرة، فضلاً عن احتكار بعض التجار المواد وعدم بيعها، بانتظار التسعير الجديد.

ويوم الخميس الفائت 2 شباط/ فبراير، أصدر مصرف سورية المركزي القرار رقم 144، الخاص باعتماد نشرة أسعار صرف جديدة باسم نشرة الحوالات والصرافة، التي رفعت سعر تصريف الحوالات الواردة عبر شبكات التحويل العالمية إلى سعر يقارب سعر السوق السوداء، إذ رفع الدولار إلى 6650 ليرة، واليورو إلى 8328.97 ليرة.

وقدَّر اقتصاديون في مناطق النظام أن قرار المصرف المركزي سيزيد نسبة التضخم بشكل مستمر جراء شراء المركزي الدولار من شركات الصرافة والمصارف بالسعر الرائج دون قدرته على توفير السيولة بالليرة السورية إلا من طريق طباعة العملة المحلية، أي الإصدار النقدي، وبالتالي انخفاض مستمر للقوة الشرائية لليرة السورية.

وعن ذلك، يعتقد الاقتصادي يونس الكريم أن النظام لا يحتاج طباعة عملة جديدة، بل يستطيع التدخل وتأمين السيولة اللازمة لشراء القطع من السوق، أو من خلال بيع الدولار للتجار عبر قنوات رسمية بسعر 6650 ليرة، أو غير رسمية عبر رجالات أمنية تعمل بإرادته لبيع الدولار في السوق السوداء.

ويؤكد الكريم لـ"العربي الجديد" أن "المركزي يملك السيولة لشراء أي كمية من القطع الأجنبي"، مشيراً إلى أن البنك المركزي لديه كمية من الأموال في السوق تقدر بين 200 ألف إلى مليون دولار يومياً تتركز في مناطق شرقي سورية وجزء منها في غرب الفرات تصل إليه بعد تجميعها في إسطنبول وتهريبها إلى داخل سورية.

عدا عن ذلك، سيخفض القرار قيمة الليرة السورية، ولن يؤثر بسعر الدولار في السوق السوداء ولا الطلب عليه ولن يوفره للأفراد والتجار، وفقاً للكريم، الذي يحدد في حديثه لـ"العربي الجديد" الهدف من القرار في 3 نقاط:

الأولى، محاولة تقليل الفجوة بين السعر في السوق السوداء والسوق النظامي، ما يشرعن آلية التسعير الجديدة للسلع وفق الفواتير التداولية. والثانية، زيادة مراقبة القنوات غير الرسمية التي كانت تستفيد من الحوالات وتتخفى حول إرسالها بالعملة السورية، وخاصة القادمة إلى شرق سورية، التي بدأت تشكل لنفسها كيانات مستقلة عنه وسط فقدانه السيطرة عليها. والنقطة الثالثة جذب الأموال بالقطع الأجنبي إلى دمشق بدلاً من شمال شرق سورية.

ويوضح الكريم أن الوضع الاقتصادي في مناطق النظام مجمَّد ومقيَّد، وبالتالي القرار ليس الهدف منه تلبية احتياجات السوق من القطع الأجنبي أو خلق سعر دولار مقبول نتيجة استمرار العمل بالمرسوم رقم 3، فضلاً عن القبضة الأمنية وإشكاليات البيوع العقارية وبيوع السيارات من خلال الموافقات الأمنية، مشيراً إلى أن القرار يحمل رسالة للمنظمات الإنسانية الموجودة في سورية، التي بدأت تمتعض وتبحث عن طريقة غير رسمية لتحويل أموالها جراء الفارق بين سعر السوق السوداء وسعر النظام.

وينفي الاقتصادي كريم إمكانية حدوث تغيرات كبيرة في طريقة إرسال الحوالات الخارجية لشركات الصرافة التابعة للنظام بعد قراره الأخير، بسبب وجود قوانين تمنع إرسال الحوالات (الأموال) إلى سورية (قانون سيزر) مشيراً إلى أن التحويلات الخارجية انخفضت إلى أقل من مليون دولار يومياً منذ عام 2020.

ويشرح لـ"العربي الجديد" أن "المغتربين واللاجئين لا يعلمون آلية سير الحوالات، إذ هناك أشخاص مرتبطون بشخصيات في تركيا والأردن والإمارات ولبنان والعراق، وهذه طرق إرسال الأموال اليوم"، مضيفاً أن الخط التركي والإماراتي لن يرضى بتحويل أموال كبيرة جراء صعوبات أمنية.

وفي جولة لـ"العربي الجديد" في أسواق عدة في دمشق، بدأ أغلب أصحاب المحال بتعديل أسعار منتجاتهم بما يتوافق مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء البالغ 7000 ليرة. وبلغت نسبة التعديل بين 3000 ليرة و6000 ليرة، وفقاً لنوع المادة أو السلعة. 

وعليه، شهدت أغلب السلع ارتفاعاً في أسعارها، إذ ارتفع سعر صحن البيض إلى 25 ألف ليرة، بعد أن كان 21 ألف ليرة، وسعر اللبن 2 كيلو وصل إلى 9000 ليرة بعد أن كان 7500 ليرة. فيما توقفت محال أخرى عن بيع بعض المنتجات كالزيت النباتي والقهوة وغيرهما.

وعن تأثير القرار بأسعار السلع، يقول الكريم: "اعتباراً من صدور قرار المركزي بدأ تسعير السلع على دولار 6600 في القطاع العام ومؤسسات النظام، وعلى الفواتير التداولية في القطاع الخاص، وهذا ما يفسر ارتفاع الأسعار". عدا عن ذلك، أعطى قرار رفع سعر صرف الدولار مؤشراً على فشل حكومة النظام في ضبط الأسعار والتدخل لمصلحة المواطن عبر مؤسسات التدخل الإيجابي، وفقاً للكريم.

ويختم الكريم حديثه، بأن هذا القرار عمل على تخفيض الرواتب إلى أقل من 13 دولاراً للحد الأدنى للأجور (92 ألف ليرة). ما يعني فقدان أغلب السكان قدرتهم الشرائية وسط ارتفاع متوسط تكاليف المعيشة لعائلة مكونة من 5 أفراد إلى أكثر من 4 ملايين ليرة، وفقاً لدراسة اقتصادية نشرتها جريدة قاسيون المحلية بداية عام 2023.

المساهمون