"خميس أسود" في فرنسا.. المعاشات تشعل الاحتجاجات ضد ماكرون

"خميس أسود" في فرنسا.. المعاشات تشعل الاحتجاجات ضد ماكرون

19 يناير 2023
معارضة حزبية وشعبية واسعة لتعديل قانون المعاشات (Getty)
+ الخط -

من المتوقع أن تعيش فرنسا، اليوم الخميس، يوماً صعباً، جراء شلل متوقع للخدمات الأساسية، في النقل والقطارات والسفر الجوي والصحة والتعليم، أطلق عليه "الخميس الأسود".

ومن المتوقع أن تشهد المدن الكبرى، وعلى رأسها باريس، فوضى واسعة النطاق، حيث دعت النقابات العمالية والمهنية وجمعيات الحقوق المدنية في البلاد إلى إضراب عام وتظاهرات احتجاجًا على تغيير نظام معاشات التقاعد الحكومية.

وسيكون الخميس أول اختبار رئيسي لمدى قدرة المحتجين على إجبار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على التراجع عن خطط رفع سن التقاعد الرسمي إلى 64 عاماً بدل 62 حالياً.

وكان قادة النقابات قد دعوا قبل مدة إلى "تعبئة جماهيرية" واسعة للاحتجاج والإضراب عن العمل.

ومن المتوقع أن يضرب ثلاثة أرباع المعلمين ويغلقوا المدارس، وتتوقف خدمات النقل والصحة والرحلات الجوية في فرنسا.

وقال مترو باريس، في بيان، إن خدماته ستتعطل بشدة، كما ورد أنه جرى إلغاء الرحلات الجوية. وأُعلن عن الإضرابات من قبل سائقي الشاحنات وعمال البريد وشركات التوصيل. كما توقف عمال مصافي النفط عن العمل.

 

وأظهر استطلاع حديث للرأي أن الجمهور الفرنسي يوافق على ضرورة إدخال تعديلات على نظام التقاعد، ولكن ليس بتلك الطريقة التي تقترحها الحكومة، إذ هناك معارضة خاصة لخطط ماكرون لرفع سن التقاعد الرسمي من 62 إلى 64 سنة، وجعل العمال يدفعون في نظام التقاعد لفترة أطول.

ووجد استطلاع لصحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية، يوم الأحد، أن 68% ممن سُئلوا كانوا يرفضون الإجراءات الخاصة بالتعديلات التي أدخلتها الحكومة الفرنسية على نظام التقاعد.

وقال قادة النقابات إن الخميس سيكون "اليوم الأول للتعبئة" في سعيهم من أجل إسقاط خطط المعاشات التقاعدية، وهم يطالبون بسحب هذه الإجراءات على الفور، واصفين إياها بأنها "غير عادلة وغير ضرورية".

وقال رئيس نقابة عمال المصافي فيليب مارتينيز، لقناة "فرانس 2" التلفزيونية الحكومية، إنه يأمل أن يقوم "عدة ملايين من الناس" بالإضراب والتظاهر. وواصل قائلا: "هذا هو اليوم الأول من الإضراب. وعندما نقول ذلك، فإننا نعني أنه سيكون هناك آخرون.. في كل مكان إن أمكن".

وبموجب قانون عام 2007، يُطلب من عمال النقل الحفاظ على الحد الأدنى من الخدمة، ولكن جرى تحذير المسافرين من أن هذا غير مضمون.

وقال وزير النقل، كليمنت بون، إنه يجب على الناس الاستعداد "ليوم شاق"، واقترح عليهم العمل من المنزل بدلاً من السعي للوصول إلى المكاتب.

وحسب وكالة "فرانس برس"، من المتوقع أن تكون القطارات بين المدن الأكثر تضرراً، مع تحذيرات من عدم تشغيل أي منها اليوم الخميس.

ومن المتوقع أن يعمل واحد من كل 10 قطارات إقليمية، وما بين ثلث وخمس القطارات الأوروبية، حيث ينتظر أن يعمل Eurostar وThalys كالمعتاد، لكن خدمات Lyria إلى إيطاليا ستتوقف بشكل كبير.

وقال مشغل مترو RATP في باريس إنه سيجرى إلغاء الغالبية العظمى من قطارات RER، بينما ستُغلق ثلاثة خطوط مترو بالكامل، وستتعطل خطوط أخرى كثيرة.

وحسب الوكالة نفسها، توقع متحدث باسم هيئة تنظيم الطيران أن يتأثر المطار الواقع جنوب باريس، وهو ثاني أكبر مطار في المدينة، بالإضرابات.

وفي الوقت نفسه، من المقرر إلغاء رحلة واحدة من كل خمس رحلات من وإلى مطار أورلي في باريس.

من جانبها، قالت نقابة المعلمين إن سبعة من كل 10 مدرسين سيضربون في المدارس الابتدائية، بينما من المقرر أن تدخل قطاعات أخرى في الاحتجاجات.

وتتمتع فرنسا بتاريخ طويل من محاولات تعديل نظام المعاشات التقاعدية، وهو أحد أكثر أنظمة التقاعد سخاءً وتكلفةً في أوروبا.

وتوقفت عمليات "إصلاح" كبرى في نظام المعاشات في العام 1995، حينما نزل الملايين إلى الشوارع في أكثر الاحتجاجات الاجتماعية اضطرابًا في البلاد منذ مايو/ أيار 1968. ولكن منذ ذلك الحين، جرى تنفيذ العديد من "إصلاحات" المعاشات التقاعدية الأخرى على الرغم من الاحتجاجات.

وتصر الحكومة، التي خسرت أغلبيتها في الانتخابات العامة في يونيو/حزيران الماضي، على أنها لن تتراجع، وطلبت من العمال عدم شل الحركة في البلاد.

وحاول الرؤساء الفرنسيون المتعاقبون رفع سن التقاعد وفشلوا في ذلك. ولكن ماكرون جعل ذلك جزءًا من حملته الانتخابية لعام 2017، حيث تعهد مرة أخرى بـ"إصلاح" نظام المعاشات التقاعدية، وأصرّ على أن الإجراءات ضرورية "لإنقاذه" من العجز.

المساهمون