رفوف غزة الفارغة: رحلات طويلة للبحث عن الطعام والماء

18 نوفمبر 2023
عائلة تتناول الطعام في بيتها المدمّر (مجدي فتحي/ Getty)
+ الخط -

يواجه الفلسطيني عُدي خِلة من مُخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة أزمة حقيقية وخانقة في توفير الطعام الخاص بأُسرته، في ظل نفاد مخزون المواد الغذائية من المحال التجارية بفعل الاغلاق الإسرائيلي المُحكم للمعابر كافة. ويتشارك نحو 2.3 مليون فلسطيني المصير ذاته مُنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، من خلال رحلات البحث الطويلة عن الطعام، والمواد الغذائية داخل المحال التجارية ذات الرفوف الفارغة من كل شيء.

ويتسبب التعنت الإسرائيلي بإغلاق المعابر، ومنع دخول نحو 500 شاحنة كانت تدخل إلى قطاع غزة قبل بدء العدوان، مُحملة بالأدوية، والمواد الغذائية، والماء، والكهرباء، ومُشتقات الوقود، وخلافها من المواد المُساعدة على تجهيز الطعام، بحالة من الجوع والعطش في صفوف المواطنين، ما يُفاقم الأزمة الإنسانية يوماً بعد آخر.

ومُنذ إعلان الاحتلال الإسرائيلي حربه على قطاع غزة، بدأ باستهداف البيوت، والبنايات السكنية، والأبراج المدنية، التي تضم المحال التجارية، وشركات توريد المواد الغذائية، والمطاعم، والمطابخ، ما تسبب بتدميرها، أو توقفها عن العمل بفعل الأضرار الكبيرة، أو عدم وجود المقومات الأساسية لعملها بفعل انقطاع التيار الكهربائي والوقود اللازم لتشغيل الطاقة البديلة، كذلك عدم توفر المواد اللازمة لعملها بفعل الاغلاق التام للمعابر.

ويقول خِلة لـ "العربي الجديد" إنه انتقل من مدينة غزة بعد تدمير شقته السكنية التي كانت تؤويه وأربعة من أفراد أسرته، نحو بيت العائلة في شمال قطاع غزة لعدم توافر أي بديل، وقد باتوا يتشاركون في ذات الواقع الصعب، والذي يحرمهم من توفير أدنى مقومات الحياة، والمتعلقة بالأكل، وماء الشرب والاستخدام اليومي، وباقي متطلبات الحياة الأساسية.

ويضيف "مع شروق شمس كل يوم، تبدأ رحلة قاسية للبحث عن لقمة العيش، إذ إن مُعظم المحال التجارية مُغلقة، إما بفعل التدمير، أو عدم توفر مقومات العمل الأساسية، بينما لا يتوفر في المحال التجارية التي تفتح أبوابها أي مواد غذائية، حيث يقتصر البيع فيها على مواد التنظيف، وبعض المُكمِلات".

وفي ظل الأزمة العامة التي تواجهها المطاعم ومحال بيع المواد الغذائية، يصطف الفلسطينيون في طوابير طويلة أمام أي محل تجاري، أو مطبخ، أو مطعم يتمكن من افتتاح أبوابه للطهي بإمكانات بسيطة على نار الحطب، أو الكرتون، إذ يتكدس العشرات أمام صاج صغير يقلي صاحبه الفلافل، وصاج آخر يصنع الخبز، فيما يقف طابور ثالث أمام مطبخ يطهي الأرز على الحطب، فيما يفتقر لأدنى مقومات الرقابة، سواء على النظافة، أو حتى على الأسعار الخيالية وغير المنطقية.

ولا تقتصر الأزمة على مُحافظتي غزة والشمال، واللتين تشهدان قصفاً ضارياً، إذ تشهد باقي مُحافظات القطاع، وتحديداً المنطقة الوسطى والجنوبية التي دعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المواطنين الى التوجه نحوها بصفتها "مناطق آمنة"، أزمة أكبر وأشرس، بفعل التكدس الكبير لمئات آلاف النازحين، في مناطق تُعاني بالأساس من فقر في مقومات الحياة الطبيعة، ولا تتمكن من توفير المواد الغذائية اللازمة لكفاية الأعداد الهائلة.

ومنذ 40 يوماً، عُمر العدوان الأقسى على الفلسطينيين، تزداد شراسة الأزمة الغذائية يوماً بعد آخر، إذ تفقد الرفوف كل يوم صنفاً جديداً، فيما تقتصر المُساعدات الشحيحة على المدارس ومراكز اللجوء، ولا تُساهم في توفير أي مواد غذائية يُمكن بيعها للمواطنين خارج تلك المراكز.

ويقول الفلسطيني إبراهيم سالم، والذي انتقل إلى مُخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين، وسط قطاع غزة، إن أزمة الغذاء والماء بدأت مُبكراً مُنذ الأيام الأولى للعدوان، وقد ترافقت مع مجموعة من الأزمات، ومنها قصف بيته، وانتقاله إلى بيت والد زوجته، ومن ثُم تهجيره برفقة أنسبائه نحو "المناطق الآمنة"، وفق ادعاء الاحتلال.

ويوضح سالم أن من أساسيات الأمان الذي يدعيه الاحتلال في المناطق الوسطى والجنوبية عدم استهداف المواطنين وارتكاب المجازر فيها، أو حتى توفير مقومات الحياة الأساسية، من مأكل ومشرب، ويقول "نعيش تفاصيل الجوع والعطش بشكل يومي، فنحن نمشي طوال اليوم في الأسواق الفارغة، والمحال التي تفتقر لأي شيء يُمكن للأطفال تناوله لسد رمقهم".

وأصبح من المُستحيل توفير كافة الاحتياجات اللازمة في ظل الأزمة المُركبة التي يمُر بها أهالي قطاع غزة، وفق حديث سالم لـ "العربي الجديد"، إذ إن المحال التجارية فارغة، وفي حال توفر بعض أصناف الجبن على سبيل المثال لا يتوفر الخبز، وفي حال توفير بعض البقوليات لا يتوفر غاز لطهيها، أو حتى حطب، في ظل توجه غالبية النازحين إلى شراء الفحم والحطب بأسعار مُضاعفة، بسبب الأزمة الحادة في الوقود، والغاز، ونفاده من الأسواق.

وتمتد الأزمة إلى مُعلبات البقوليات، واللحم، والأجبان المطبوخة، وأسماك التونة، والمُسليات، مثل البسكويت، أو الشوكولاتة، أو المُكسرات بمُختلف أصنافها، أو القرشلة، والفواكه المُجففة، والتي كان يتجه إلى شرائها البعض كبديل مؤقت عن عدم توفر الأغذية الأساسية.

المساهمون