شرط الدفع بالروبل يعمّق الأزمة الروسية الأوروبية ويهدّد بوقف الإمدادات

28 مارس 2022
قرار موسكو دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل يلقى معارضة غربية شديدة (Getty)
+ الخط -

يدفع شرط روسيا، سداد ثمن إمدادات الغاز بالروبل، بالأزمة مع الدول الكبرى، إلى مزيد من التعمّق، حيث تصر موسكو على إنفاذ قرارها اعتبارا من آخر الشهر الجاري، بينما تؤكد دول مجموعة السبع رفضها، ما يُنذر باحتمال وقف الإمدادات.

فقد أصدر الرئيس فلاديمير بوتين تعليماته إلى مجلس الوزراء والبنك المركزي وشركة "غاز بروم" الروسية، اليوم الاثنين، باتخاذ التدابير الضرورية لتغيير عملة الدفع لإمدادات الغاز إلى الروبل، بحلول الحادي والثلاثين من الشهر الجاري.

وذكر بيان صحافي صادر عن الكرملين، أنه يتعيّن على الحكومة الروسية جنبا إلى جنب مع البنك المركزي الروسي و"غاز بروم" تنفيذ مجموعة من الإجراءات لتغيير عملة الدفع لإمدادات الغاز الطبيعي إلى دول الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى، التي اتخذت إجراءات تقييدية ضد مواطني روسيا وعدد من الكيانات القانونية الروسية إلى الروبل.

تصر موسكو على إنفاذ قرارها سداد الغاز بالروبل اعتبارا من آخر مارس، بينما تؤكد دول مجموعة السبع رفضها، ما يُنذر باحتمال وقف الإمدادات

وكان بوتين أصدر تعليمات، الأربعاء الماضي، بتحويل كافة مدفوعات إمدادات الغاز لأوروبا، إلى العملة الوطنية في أسرع وقت ممكن، مشددا على أنه "لا معنى لتوريد السلع الروسية إلى الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأميركية وتلقي المدفوعات باليورو والدولار".

وأعقب القرار تعويض الروبل 20% من خسائره أمام الدولار، فيما يؤكد الخبراء أنه سيستمر في الارتفاع، لا سيما أن القرار يشمل بيع صادرات أخرى بخلاف الغاز.

واليوم الاثنين، نقلت رويترز عن المشرّع الروسي إيفان أبراموف قوله إن رفض مجموعة السبع دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل سيؤدي إلى توقف الإمدادات بدون شك، حسبما ذكرت وكالة الإعلام الروسية. علما أن أبراموف عضو في لجنة السياسات الاقتصادية لمجلس الاتحاد الغرفة العليا في البرلمان.

وجاء ذلك عقب إعلان وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك اليوم أيضا، أن وزراء مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى ترفض مطلب الرئيس بوتين الدفع بالروبل، وأبلغ الصحافيين بعد اجتماع افتراضي لوزراء الطاقة في المجموعة أن "كل وزراء مجموعة السبع اتفقوا على أن ذلك هو خرق أحادي الجانب وواضح للعقود القائمة".

ماكرون: مطالبة بوتين دفع ثمن شحنات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي بالروبل وليس بالدولار أو اليورو، "غير ممكنة" و"لا تنص عليها العقود"

وأضاف أن الوزراء "أكدوا مجددا أن العقود المبرمة سارية، وأن الشركات ينبغي ويجب أن تحترمها... الدفع بالروبل غير مقبول، وندعو الشركات المعنية إلى عدم الانصياع لمطلب بوتين"، معتبرا أن "محاولة بوتين لتقسيمنا واضحة، لكن كما يمكنكم أن تروا من هذه الوحدة والتصميم الكبيرين فإننا لن يجري تقسيمنا".

وقال إن دول مجموعة السبع اعتبرت أن مطالبة روسيا الدفع بالروبل "غير مقبولة"، وتُظهر أن الرئيس بوتين "في مأزق"، مضيفا أن "جميع وزراء مجموعة السبع توافقوا على أن ذلك هو انتهاك أحادي وواضح للعقود القائمة... ما يعني أن الدفع بالروبل غير مقبول". وأضاف: "أعتقد أنه ينبغي تفسير هذا المطلب بواقع أن بوتين في مأزق"، بحسب فرانس برس.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبر، يوم الجمعة الماضي، أن مطالبة بوتين دفع ثمن شحنات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي بالروبل وليس بالدولار أو اليورو، "غير ممكنة" و"لا تنص عليها العقود".

وردا على سؤال وُجه له إثر القمة الأوروبية في بروكسل حول الإعلان الذي أصدرته موسكو الأربعاء، قال ماكرون إن الطلب الروسي "لا يتماشى مع ما تم التوقيع عليه، ولا أرى سببا لنطبقه"، مضيفا: "نواصل عملنا التحليلي"، لكن "جميع النصوص الموقّعة واضحة: هذا محظور. لذا يتعين على الفاعلين الأوروبيين الذين يشترون الغاز ويتواجدون على الأراضي الأوروبية أن يدفعوا باليورو".

من جانبها، أعربت ألمانيا المعنية بشراء الغاز الروسي، الأربعاء الفائت، عن استنكارها "خرق العقد" من جانب بوتين الذي أمهل حكومته أسبوعا لوضع نظام الدفع الجديد بالروبل، علما أن ألمانيا تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي الذي يمثل حوالي 55% من إجمالي وارداتها الغازية.

بوتين: روسيا، التي تمد أوروبا بنسبة 40% من احتياجاتها من الغاز، تتوقع أن تحصل على مقابل بيعها للغاز الطبيعي بالروبل

ويوم الجمعة، قال الكرملين إن الرئيس فلاديمير بوتين أمر "غازبروم"، عملاق الطاقة الروسي، بقبول مدفوعات صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا بالروبل، وإنه يجب عليها تحديد كيفية تحويل المبيعات التي تقدر بمليارات الدولارات إلى الروبل في غضون الأيام الأربعة المقبلة.

وعقب فرض الغرب عقوبات على روسيا على خلفية الصراع في أوكرانيا، أعلن بوتين، يوم الأربعاء، أول رد فعل ضمن مجموعة من ردود الأفعال على ما وصفه الكرملين بإعلان حرب اقتصادية على أكبر قوة نووية في العالم.

وقال بوتين إن روسيا، التي تمد أوروبا بنسبة 40% من احتياجاتها من الغاز، تتوقع أن تحصل على مقابل بيعها للغاز الطبيعي بالروبل، في واحدة من أقوى التحولات في سياسات الطاقة الروسية منذ قيام السوفييت بمد خطوط أنابيب لنقل الغاز من سيبيريا إلى أوروبا في بداية السبعينيات.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين حينها: "هناك تعليمات أصدرها رئيس الاتحاد الروسي لغازبروم بقبول المدفوعات بالروبل". وأضاف أن غازبروم، وهي شركة تحظى بنفوذ كبير داخل روسيا لدرجة أنها تعتبر "دولة داخل دولة"، يتبقى أمامها 4 أيام لتدبير نظام للدفع بالروبل.

ولا تزال الآلية التي سيتم بموجبها دفع صادرات الغاز الروسية التي تصل قيمتها إلى 880 مليون دولار في اليوم، غير واضحة.

قالت كثير من الشركات المستوردة إن العقود طويلة الأجل مع غازبروم تنص على أن يتم الدفع باليورو أو بالدولار وليس بالروبل

وتمثل المدفوعات باليورو 58% من صادرات غازبروم، بينما تشكل المدفوعات بالدولار 39%، في حين تمثل المدفوعات بالجنيه الاسترليني نحو 3%.

وتمثل الخطوة التي اتخذها بوتين ثورة في سوق الغاز، ذلك أن الاتحاد السوفييتي الشيوعي نفسه قبل دفع قيمة صادراته من الطاقة بالعملات الأجنبية. ولم يتضح على الفور ما إذا كان التحول إلى الدفع باليورو سيمثل انتهاكا للتعاقدات.

وقالت كثير من الشركات المستوردة إن العقود طويلة الأجل مع غازبروم تنص على أن يتم الدفع باليورو أو بالدولار وليس بالروبل.

المساهمون