تترقب الشركات المغربية العاملة في قطاع البناء والأشغال العمومية الإعلان الأسبوع المقبل عن تفاصيل استثمارات حكومية في حدود 4.5 مليارات دولار يراد إنجازها في العام الحالي، وذلك في سياق ارتفاع تكاليف البناء وتشديد الشروط التمويلية. ويندرج هذا المبلغ ضمن استثمارات الدولة بقيمة 30 مليار دولار ينتظر أن تنجز من قبل جميع القطاعات الوزارية وشركاتها ومؤسساتها وعبر صندوق محمد السادس للاستثمار.
وتستعرض وزارة التجهيز والماء الأربعاء المقبل المشاريع التي تتطلع إلى إنجازها في قطاعات الماء والطرق السيارة والموانئ والطرق، موفرة للشركات رؤية واضحة حول المشاريع التي سيتولون إنجازها لفائدة الدولة. ويأتي الكشف عن تفاصيل تلك المشاريع في سياق تعاني فيه شركات البناء والأشغال العمومية من صعوبات كبيرة، وهو ما يتجلى من مبيعات الإسمنت في فبراير/ شباط التي تراجعت بنسبة 8.37 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث انتقلت من 2.23 مليون طن إلى 2.05 مليون طن، حسب الجمعية المهنية لمصنعي الإسمنت.
ويعزز هذا التراجع في العام الحالي، ما لاحظته الجمعية في العام الماضي في بياناتها، عندما سجلت انخفاض مبيعات الإسمنت بنسبة 10.65 في المائة، حيث استقرت في حدود 12.48 مليون طن، علما أن تلك المبيعات كانت في حدود 13.62 مليوناً قبل كوفيد، وهو مستوى مازال دون المستوى المسجل قبل 12 عاما عندما بلغت تلك المبيعات 16 مليون طن.
وحسب إدريس الفنيا، الاقتصادي المتخصص في دراسة قطاع البناء والأشغال العمومية، فإن تفاقم الانخفاض في فبراير بعدما بلغ حوالي 5 في المائة في يناير/ كانون الثاني الماضي، يؤشر على حالة الترقب التي تسود في هذا القطاع، بالإضافة إلى قطاع العقار الذي ينتظر قرارات حكومية ذات الصلة بمسألة الدعم المباشر للسكن.
ويرى الفينا أن تراجع مبيعات الإسمنت، يجد ترجمته على مستوى الاستثمارات في قطاعات البناء والأشغال العمومية، بخسارة في الاستثمارات، وهو ما ينعكس سلبا على عدد فرص العمل المحدثة.
وقد لاحظت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها حول سوق العمل والبطالة، أن قطاع البناء والأشغال العمومية أحدث في العام الماضي ألف فرصة عمل، بعد توفير 8 آلاف فرصة عمل في المدن وفقدان 9 آلاف فرصة عمل في الأرياف.
وتعتبر المندوبية السامية في التخطيط، في تقرير حول الميزانية الاستشرافية للعام الحالي، أنه رغم ارتفاع الاستثمار العمومي في البنى التحتية والتدابير التحفيزية المنتظرة لفائدة الأسر لاقتناء السكن، سيواصل قطاع البناء والأشغال العمومية في العام الحالي التأثر بزيادة تكاليف المدخلات وتشديد الشروط التمويلية، حيث سيسجل نموا ضعيفا في حدود 1.2 في المائة، بعد انخفاض بنسبة 0.4 في المائة العام الماضي.
وكان رئيس الفيدرالية الوطنية للبناء والأشغال العمومية، محمد محبوب، أكد أخيرا أن شركات في القطاع، الذي يحقق رقم معاملات في حدود 6 مليارات دولار، ويوفر 1.2 مليون فرصة عمل، مازالت تعاني من الأزمة الصحية وتداعيات الحرب في أوكرانيا بما كان لها من تأثير على أسعار المواد الأولية.
ويؤكد المهنيون في القطاع أن شركاتهم تواجه صعوبات بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، وهو ما يضاف إلى ما تعانيه شركات من تشدد من المصارف التي لا توفر لها تسهيلات، بل إن الفيدرالية تؤكد أن شركات أفلست في ظل الأزمة التي أضرت بخزانتها أو أدت إلى عدم استقرار نشاطها.
ويلاحظ المهنيون أن القواعد التي تسري في تحديد أسعار الصفقات لم تتغير منذ سنوات، حيث يتطلعون إلى إعادة النظر فيها، ويسعون إلى دعم السولار الذي تستهلكه الشركات عند تنفيذ مشاريع البناء والأشغال العمومية.