يُتهم مسؤولون كبار في إطار فضيحة الصندوق السيادي الماليزي "1 إم دي بي" باختلاس مليارات الدولارات من أموال الدولة وإنفاقها في أنحاء العالم على مشتريات فاخرة مثل يخت بقيمة 250 مليون دولار ولوحة من أعمال فان غوخ ولتمويل فيلم ضخم في هوليود.
ورئيس الوزراء السابق نجيب رزاق، الذي ثبتت المحكمة العليا الثلاثاء حكماً بسجنه 12 عاماً، كان شخصية رئيسية في فضيحة "1 ماليزيا ديفلوبمنت بيرهاد" أو "1 إم دي بي".
أُدين رزاق في تموز/يوليو 2020 في أول محاكمة بتهمة الفساد مرتبطة بعمليات الاحتيال المالي، وحكم عليه بالسجن، ورفضت محكمة الاستئناف في كانون الأول/ديسمبر الماضي طعنه ما دفعه لتقديم طعن أخير أمام المحكمة الفدرالية وقراراتها نهائية.
وأصدرت رئيسة المحكمة القاضية "ميمون توان مات" مذكرة إحالة، ما عنى إيداع رزاق السجن على الفور.
ما هو صندوق "1 إم دي بي"
"1 إم دي بي" صندوق استثمار حكومي أطلقه رزاق في 2009 بعد وقت قصير على توليه رئاسة الحكومة.
وتتضمن محفظة الصندوق منشآت كهرباء وأصول طاقة أخرى في ماليزيا والشرق الأوسط إضافة إلى عقارات في كوالالمبور.
وكان رزاق يشرف عن كثب على الصندوق.
ويقول مبلغون عن المخالفات إن لو تيك جيهو، الممول الماليزي المقرب من رزاق ولكن لا يتولى منصباً رسمياً، ساهم في تأسيس الصندوق واتخذ قرارات مالية مهمة.
تصاعدت الهواجس في 2014 عندما سجل الصندوق فجوة دين قدرها 11 مليار دولار، وكشفت تحقيقات حكومية مكثفة عن أموال مفقودة.
وخرجت الفضيحة إلى العلن من خلال بوابة الأخبار "ساراواك ريبورت"، واكتسبت مزيداً من الزخم في 2015 عندما نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" وثائق تفيد بأن رزاق تلقى دفعات لا تقل عن 681 مليون دولار حُولت إلى حساباته المصرفية الشخصية.
بذخ وتبييض أموال
أطلقت وزارة العدل الأميركية تحقيقها الخاص بعد تقارير عن أن الأموال الحكومية الماليزية المختلسة تم تبييضها من خلال النظام المالي الأميركي، ورفعت دعاوى قضائية تطالب بحوالي 1,8 مليار دولار من الأصول التي قيل أنه تم شراؤها بتلك الأموال.
وقالت الوزارة إن أكثر من 4,5 مليار دولار اختُلست من "1 إم دي بي" بين عامي 2009 و2015 من جانب مسؤولين كبار في الصندوق وشركائهم.
واستخدم ابن زوجة رزاق، رضا عزيز، وهو منتج أفلام طموح، عشرات ملايين الدولارات في 2012 لتمويل الفيلم الهوليودي "ذئب وول ستريت" من بطولة ليوناردو دي كابريو.
كما أُنفقت مئات الملايين، خصوصاً من جانب رضا عزيز ولو تيك جيهو، لشراء عقارات فخمة في بيفرلي هيلز ونيويورك ولندن.
وتضاف إلى قائمة المشتريات لوحة لمونيه لقاء 35 مليون دولار، وأخرى لفان غوخ مقابل 5,5 مليون دولار وطائرة بومباردييه بقيمة 35 مليون دولار، وأسهم بقيمة 100 مليون دولار في شركة إيمي للانتاج الموسيقي (EMI Music Publishing) ويخت بقيمة 250 مليون دولار.
اضطرابات سياسية
سعى نجيب البالغ الآن 69 عاماً، جاهداً لاحتواء الفضيحة، فهاجم منتقدين وفرض قوانين قمعية.
غير أن الاتهامات سددت ضربة لشعبية الائتلاف الحاكم وأسهمت في هزيمته الانتخابية في 2018.
وتولت حكومة جديدة بقيادة السياسي المخضرم مهاتير محمد البالغ الآن 97 عاماً، الحكم وسط غضب شعبي عارم، وأعادت فتح التحقيقات.
ووجهت إلى رزاق عشرات الاتهامات، لكن في شباط/فبراير 2020 انهار الائتلاف الإصلاحي بزعامة مهاتير وسط اقتتال داخلي، وتولى ائتلاف يشمل حزب رزاق، السلطة.
وبرزت مخاوف من أن يؤثر ذلك على محاكمات رزاق، خصوصاً بعد إسقاط التهم المتعلقة بالصندوق السيادي ضد رضا عزيز، بشكل غير متوقع في أيار/مايو 2020.
محاكمة وإدانة
لكن تبين أن تلك المخاوف لا أساس لها بعد إدانة رزاق بجميع التهم السبع.
تناولت القضية اتهامات تفيد بتحويل مبلغ 42 مليون رينغيت (10 ملايين دولار) إلى حسابات الرجل البالغ 67 عاماً، من إس آر سي إنترناشونال، وهي وحدة سابقة تابعة للصندوق.
أصر محاموه بأن لا علم له بعمليات التحويل وقالوا إن لو جيهو كان العقل المدبر الحقيقي لعملية الاحتيال.
لكن قاضي المحكمة العليا محمد نزلان محمد غزالي قال إن فكرة خداع لو جيهو لنجيب "بعيدة المنال" كما رفض الحجة القائلة بأن رزاق اعتقد أن الأموال الموجودة في حسابه تبرعات من العائلة المالكة السعودية.
ثبتت هيئة محكمة اتحادية مؤلفة من خمسة قضاة إدانته الثلاثاء قائلة إنها تعتبر استئناف نجيب "بلا أساس" وقضت بأن الإدانة والحكم "مؤكدان".
وقالت القاضية ميمون نيابة عن الهيئة "بناءً على ما تقدّم، نرى بالإجماع أن الأدلّة التي عُرضت خلال المحاكمة تشير بشكل لا يمكن دحضه إلى أنه مذنب في جميع التهم السبع".
وتظهر سجلات المحكمة أن نجيب لا يزال يواجه أكثر من 30 تهمة فساد أخرى تتعلق بـصندوق "1 إم دي بي".
(فرانس برس)