باتت مصفاة الدقم العمانية على وشك الإطلاق التجاري، لتوافي الموعد المعلن من جانب شركة "بتروفاك" البريطانية لخدمات حقول النفط في سبتمبر/ أيلول المقبل، التي فازت بأحد عقود الهندسة والمشتريات والبناء الخاصة بالمصفاة.
ومشروع المصفاة مشترك بين شركة النفط العمانية "أوكيو" وشركة البترول الكويتية العالمية، باستثمارات تطوير تصل إلى 8.5 ملايين دولار، ومن المتوقع أن تصدر شهادة قبوله المبدئي في نهاية عام 2023، حسبما أورد بيان لـ "بتروفاك".
وفي فبراير/ شباط الماضي، استلمت المصفاة النفط الخام عبر خط أنابيب يقع على بعد 80 كيلومتراً في منشأة رأس مركز.
وبحسب الرئيس التنفيذي لأوكيو، طلال العوفي، فإن تصدير أولى الشحنات من مصفاة الدقم سيكون بحلول مطلع العام المقبل 2024، مشيراً إلى أهمية مشروع محطة رأس مركز المعنية بتخزين النفط الخام وتصديره، حسبما أوردت وكالة الأنباء العمانية اليوم الأحد.
من المقرر أن تستخدم المصفاة نفطاً خاماً مستورداً من الكويت والولايات المتحدة وأذربيجان، وهي أول مصفاة في الخليج تعتمد على نفط خام غير محلي في عملياتها
ولدى محطة رأس مركز أكثر من 5 ملايين برميل متوفرة لتزويد مصفاة الدقم بالإمدادات اللازمة، فيما تبلغ السعة القصوى لمحطة التخزين 26.7 مليون برميل.
ومن المقرر أن تستخدم المصفاة نفطاً خاماً مستورداً من دول مختلفة، مثل الكويت والولايات المتحدة وأذربيجان، وهي أول مصفاة في دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد على نفط خام غير محلي في عملياتها.
وتضم المصفاة 10 وحدات تكرير رئيسية، تستخدم تقنية التكسير الهيدروجيني والفحم البترولي، وهي تقنية تساعد على إزالة المواد غير المرغوب فيها من النفط، مثل الكبريت والنيتروجين.
كذلك ستسهم المصفاة في تزويد سوق سلطنة عمان بحوالي 50% من احتياجاتها من منتجات التكرير، مثل الديزل ووقود الطائرات، وستصدر حوالي 75% من إنتاجها إلى الأسواق العالمية، في آسيا وأفريقيا وأوروبا.
القدرة التشغيلية
ويشير الخبير الاقتصادي السعودي، عايض آل سويدان، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن مصفاة الدقم ستكون واحدة من أكبر مصافي النفط في الشرق الأوسط، لما تمتلكه من قدرة تكريرية تبلغ 230 ألف برميل يومياً، ما يمثل ربع معدل التكرير اليومي لسلطنة عمان.
ويتوقع آل سويدان أن يتحقق انطلاق أولى شحنات مصفاة الدقم في بداية عام 2024، وذلك بعد أن تصل المصفاة إلى مرحلة التشغيل الكامل بنهاية العام الجاري، مشيراً إلى أن إطلاق المصفاة تجارياً لا يعني تشغيلها بالقدرة الكاملة منذ اليوم الأول، بل سيتم تشغيلها بشكل جزئي في البداية على الأرجح، حتى تصل تدريجياً إلى سعتها القصوى.
المصفاة ستحول سلطنة عمان إلى مركز إقليمي لأعمال التكرير وإنتاج البتروكيماويات، بما يتماشى مع طموحات "أوكيو" للتوسع في استثمار القطاع، بحسب آل سويدان
كذلك يتوقع الخبير الاقتصادي السعودي أن تحظى الأسواق الدولية بحصة كبيرة من صادرات مصفاة الدقم تزامناً مع إطلاقها التجاري، إضافة إلى استفادة كبيرة للسوق المحلي من المنتجات التي ستخضع للتكرير منها، مثل النافتا وغاز النفط المسال.
وفي حال تحقق ذلك، فإن المصفاة ستحول سلطنة عمان إلى مركز إقليمي لأعمال التكرير وإنتاج البتروكيماويات، بما يتماشى مع طموحات "أوكيو" للتوسع في استثمار القطاع، بحسب آل سويدان، لافتاً إلى أن المصفاة تقع في منطقة استراتيجية وقريبة من الأسواق الآسيوية، ما يدعم دوراً كبيراً لها في زيادة عائدات الخزينة العمانية.
إنتاج نوعي
ويشير الخبير الاقتصادي العماني، مرتضى حسن علي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن مشروع مصفاة "الدقم" يمتد على مساحة 900 هكتار في منطقة الدقم الاقتصادية، وهي أكبر منطقة اقتصادية في سلطنة عمان.
وتكمن أهمية المشروع في كونه من أكبر مصافي النفط في الشرق الأوسط، وفي إنتاجه المقطرات الخفيفة إلى المتوسطة والنافتا ووقود المحركات النفاثة والديزل، بحسب علي.
وينوه الخبير العماني إلى أن المشروع سيضم وحدة لإزالة الكبريت بالهيدروجين وأخرى لتوليد الهيدروجين، مشيراً إلى أن تشييد المصفاة أخذ بالاعتبار المواصفات البيئية والممارسات الهندسية العالمية واستغلال الموارد المتاحة.
ومن شأن الإطلاق التجاري للمصفاة، أن يساهم في تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الأحادي على النفط الخام، وأن يسهم في تحقيق نقلة نوعية في قطاع الصناعات التحويلية وتوليد فرص عمل عديدة، بحسب علي، مشيراً إلى أن المشروع يراعي أيضًا المحافظة على البيئة والتقيد بمعايير السلامة.
من شأن الإطلاق التجاري للمصفاة، أن يساهم في تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الأحادي على النفط الخام
ويضيف أن بدء التشغيل التجريبي جاء مواكباً للتقدم المحرز في مشروع رأس الذي انتهت الأعمال الانشائية الأساسية من مرحلته الأولى، واستقبل سفينتين من النفط الخام بنجاح.
ووفق هذه المعطيات، فإن مصفاة الدقم "جزء من مشروع كبير لتحويل الدقم إلى أحد أكبر المراكز الصناعية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط"، حسب توصيف الخبير العماني.